سليمان شفيق

أيها الشهداء: كل سنة وأنتم طيبون

الأربعاء، 22 أغسطس 2012 04:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كلما اقتربت أمواج اليأس من سفينة عمرى، أبحرت نحو الحب بحثاً عن الحرية، وكم علمتنى حكمة المهزومين من طروادة إلى بيروت: أن لحظة الانكسار هى قمة إدراك الانتصار، وأن قوتنا لن تكتمل إلا فى ضعفنا.. رست سفينة قلبى على شطوط الشعر، غاب كل شىء من ذاكرتى إلا كلمات من دفتر الحزن العربى لمحمود درويش: «أحن إلى خبز أمى وقهوة أمى» آه يا أمى الحبيبة من وجهك أتذكر ملامح فيروز الملائكية وهى تقول: «سنرجع يوما..»، صوت مارسيل خليفة: «أجمل الأمهات التى انتظرت طفلها، وعاد جثة، فبكت دمعتين ووردة ولم تختفِ فى ثياب الحِداد» نعمْ أتذكر أم خالد سعيد وأم مينا دانيال وأم محمد بسيونى، لكن هؤلاء الأمهات أسعد حظاً من أمهات كثيرات قتل أبناؤهن دون ثمن ودون محاكمة، والآن يتم تكريم هؤلاء القتلة ليكونوا حكاماً وأمراء جددا، وترفع لهم برامج «التوك شو» كأس الدم نخب حريتهم!!
هنا تذكرت الشاعر معين بسيسو وهو يقول: «ماذا يقول الشاعر فى الأرض الخراب؟.. آه يا عصر الكلاب.. الجواسيس الصغار.. سلمونى للجواسيس الكبار.. يا دمى المفتوح كالشباك فى كل جدار.. المتاريس التى أحببتُ صارت ملصقات»، أجلس مع محمود درويش فى شرفة الكرمل بالروسة نتمتم مع قهوة الصباح: «أحن إلى خبز أمى وقهوة أمى.. وأعشق عمرى لأنى إذا مت أخجل من دمع أمى».

آه أيها العشق الشرير المحرم للوطن، بئس الحرية التى لا ترتوى إلا بدماء الشهداء، وأبى موسى الأشعرى يخلع الخاتم من أصبع علىّ ليضعه فى أصبع معاوية، وكربلاء تقترن بالتحرير، وبنات بنى هاشم يسقن سبايا عرايا لكشوف العذرية، وعسكر يزيد يقلدون الأوسمة والمسيح يبكى فى البستان عشية الصلب: «إن شئت فارفع عنى مُر هذا الكأس» ويهوذا يتقاضى قرضا من الدوحة قدره 30 دينارا من الفضة، وصلاح الدين يحرر الأقصى ويحتل الأزهر، آه يا صديقى حلمى سالم مضطر أن أشطب رقمك من ذاكرة المحمول وأسجله فى ذاكرة قلبى المجروح، «أغلق شرفة ليلى مراد وأفتح شرفة (الفكهانى)» لأطل مع صديقى زياد رحبانى لنرى شلال الدم الذى ينهمر من صبرا وشاتيلا إلى بحر الروسة وأردد مع الشاعر مريد البرغوثى: «أنا شاعر بريد من الشهيد إلى الشهيد» فيرد زياد: «ضلنا عايشين»، أقلب صفحات الصحف، أبحث فى فضاء البرامج عن الشهداء فلا أجد إلا أقلام الآكلات بثدييهن، والآكلين على كل البرامج، وباعة الوهم الوثنى وتجار التدين من الفريسيين المعاصرين، وشهداؤنا من التحرير وحتى الرويسة بسيناء يبحث المحتسب الجديد لأمهاتهن عن بقايا دنانير نصحنا بها سادتنا الجدد من عمق الخلافة فى الرياض أو الدوحة، معذرة أحبائى الشهداء لا أملك إلا أن أهديكم ما قاله توفيق زياد: «أناديكم أناديكم.. أشد على أياديكم وأهديكم ضيا عينى وملء القلب أعطيكم»، يسمعنى نجيب سرور فيختم قائلاً: «لا حق لحى إن ضاعت.. فى الأرض حقوق الأموات.. لا حق لميت إن يهتك.. عرض الكلمات.. وإذا كان عذاب الموتى أصبح سلعة.. أو أحجبة أو أيقونة.. أو إعلانا أو نيشانا.. فعلى العصر اللعنة..».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة