هل تذكرون ثالث الحرمين.. مَهبِط الفؤاد.. قِبلة الأرواح النقية.. وفرحتنا المؤجلة؟!
هل تذكرون ليلة الإسراء ووصف الرسول الكريم وتعلق قلوب الصحابة ومنهم سَرى حُبه كالضوء ليحتل القلوب بلا رغبة فى التحرر؟! هل مازلتم تذكرون؟
فى صورة كاريكاتيرية معبرة جدا انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعى الفيس بوك وتويتر لشاب مقاوم يرتدى الشال الفلسطينى يجرى ملهوفا ليستغيث برجل يلبس الجلباب العربى المعتاد وفى يده زجاجة يشرب منها تدل على غفلته والشاب يصرخ: (القدس فى خطر) فيتحدث الرجل الغارق فى شرابه بصعوبة مستنكرا هذا الغريب الذى جعله يلتفت قائلا بتأفف وبعين زائغة لاتكاد تراه: شنو؟ (القدس فى قطر)؟!
هى صورة تعبيرية بحق وليس تلفيقا!! بل هى أصدق ما نعبر به عن حالنا اليوم.. حالنا جميعا حينما نكشف الغطاء عن الجسد العربى الذى يغطينا فلا نجده!
تعبر عن خيبتنا الجماعية وصَمَمَنا الجماعى وغفوتنا الجماعية
هى أبلغ تعبير عن موتنا بل ويُهال الآن علينا التراب!
دخلنا مُعترك اللغط بلا سبيل للخروج.. وشرنقة التواكل بلا أمل فى آفاقه، كلٌ يرمى بالمسئولية على الآخر، نزعنا عنا رداء اسمه العروبة وطرحناه أرضا.
استرحنا لقول (للمسجد رب يحميه) ولم نأخذ بالأسباب التى تحقق النصر كما أمرنا الله سبحانه وتعالى القدس تُدّنس ساحاته ويحولونها إلى مزارات عامة ونحن صامتون.
القدس يتغير خارطته يُحفر أسفل المسجد بحجة البحث عن هيكل فى غياهب الغيب، فى أساطير أوهامهم ونحن صامتون.
تُهدم المنازل وتُسحب الهويات لتهجير أهلها من مدينتهم ونحن صامتون.
يزرعون القبور الوهمية فى محيطه، يغيرون شكل البلدة القديمة لفرض واقع جديد ونحن صامتون كصمت القبور حتى إذا استفقنا ورفعوا عن أجسادنا التراب وجدناها مدينة أخرى وتاريخ آخر لم نلتفت إلى أنهم يصنعوه.
قدس الأقداس بين قبضة الصهاينة قتلة الأنبياء وقتلة النخوة فى ضمائرنا، ضمائرنا التى لا تنشغل إلا بحلقات الجدل المتصلة التى لا تؤدى إلا لمزيد من الانقسام واتساع المسافات واشتعال فتن الفرقة والتباغض.
القدس الآن أصبحت قصيدة شعر فى أبيات درويش.. حين يقول لنا مُذكرا
فى القدس
أعنى داخل السور القديم
أسير من زمن إلى زمن بلا ذكرى تصوبنى..
فإن الأنبياء هناك يقتسمون تاريخ المقدّس
يصعدون إلى السماء ويرجعون أقل إحباطا وحزنا
فالمحبة والسلام مقدسان وقادمان إلى المدينة
القدس أصبحت قضية للتندر من وقت إلى آخر فنذرف لحن التنهدات وكفى!
نحتمى من صوت ضمائرنا إذا تذكرناه يوماً بالدعاء أو ربما وضعنا له حفنة من مال فى صندوق النذور أو نوقد شمعة لسيدنا المسوخ!
ولصاحب الصورة الشاب المتلهف على دينه وعرضه وأقدس ما يملك والذى ظن خائبا أن من يستنجد بهم مازالوا يحملون شيئا من النخوة القديمة أو بقايا من إرث الرجال أو أثر يدل على أن ما يسرى بأوصالهم دماء.
أقول: لا تنفخ البوق فى عالم أصم!
أقول له: لا تستنجد بهم، مختومٌ على قلوبهم، مختوم ٌعلى قلوبهم.. مَلعوب فى أدمغتهم.. فنحن قوم لا ننتفض إلا إذا سمعنا كلمة (مقاومة) فنتبارى فى الوصف وفى الحنق ونوزع الاتهامات
تمويل إيرانى.. تمويل أفغانى.. تمويل أسوانى!!
وأهدى إليك كلمات درويش:
أسير فى نومى، أحملق فى منامى، لا أرى أحداً ورائى. لا أرى أحداً أمامى.
كل هذا الضوء لى، أمشى، أخف، أطير.
فأمضى أشهر سلاح رجولتك.. اقبض على جمر نارك واشتعل.
المسجد الأقصى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة