د.إبراهيم عبدالله يكتب: حلول لحماية النيل من التلوث

الثلاثاء، 21 أغسطس 2012 08:07 ص
د.إبراهيم عبدالله يكتب: حلول لحماية النيل من التلوث نهر النيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعتبر نهر النيل شريان الحياة ليس فى مصر وحدها، ولكن للعديد من الدول التى يخترقها، ولقد فطن المصريون القدماء إلى أهمية النيل فى حياتهم، لدرجة وصلت إلى التقديس والعبادة، بل واتخاذ إله للنيل أُطلق عليه اسم "حابى"، وقدموا له القرابين، ولما أتى هيرودوت أبو التاريخ إلى مصر فى القرن الخامس الميلادى قال قولته المشهورة "مصر هبة النيل"، واليوم نرى ما حدث للنهر العظيم من التعديات الهائلة التى تعرض لها، والتى من أعظمها خطراً وتأثيراً على المصريين هو اتخاذ النهر الذى هو مصدر الحياة الرئيسية للمصريين، إلى جعله مكاناً لصرف المخلفات لآلاف المصانع والورش والمشروعات، والتى تصب به كميات هائلة من المواد الكيميائية والمركبات التى تؤثر بالسلب على صحة المصريين وحياتهم.

ولذا رأينا ارتفاعاً فى معدلات الإصابة بالفشل الكلوى وأمراض الكبد والتشوهات الخلقية والتخلف العقلى، والعديد من الأمراض الأخرى التى تؤثر على معدلات الإنتاج، وعلى الدخل القومى من خلال مليارات الدولارات وآلاف الساعات المهدرة فى الأعمال والصناعات، بالإضافة إلى العديد من المشاكل الصحية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية والبيئية، وتأثير ذلك على الأمن القومى المصرى، وإذا نظرنا إلى الموضوع من الوجهة العقلية فكيف يتسنى للمصريين اتخاذ مصدرهم الرئيسى للشرب إلى مكان لوضع نفايتهم الخطرة، ولكن ذلك مبعثه غياب القانون وطمع الإنسان، وتعظيم الثروات بغض النظر على مردودها السيئ لحياة الآخرين.

ولذا لابد من القيام بمشروع قومى أساسه وفلسفته القضاء على ظاهرة اتخاذ مجرى النهر مكان لصرف المصانع والورش والمشروعات، والقيام بإنشاء شبكة صرف عملاقة تغطى الجمهورية يتم فيها صرف كل المصانع والمشروعات والورش منفصلة عن شبكة الصرف الصحى العادية للمنازل فى المدن والقرى، حيث يفترض أن تكون بمواصفات خاصة، وذلك لاحتواء مكونات الصرف لها على مواد ومركبات كيميائية خطرة، ولذلك لابد من وجود مواصفات قياسية خاصة لهذه الشبكة المتخصصة من أهمها مراعاة عدم تسرب مؤادها إلى خزانات المياه الجوفية، أو حتى المياه السطحية، وبخاصة فى فصول الأمطار، أو تسربها إلى مياه الصرف الصحى الخاص بالمنازل أو شبكة مياه الشرب، وبذلك تضاف شبكة صرف جديدة ذات طبيعة خاصة، وإقامة مصانع عليها لتدويرها والاستفادة من عناصرها الكيميائية مرة أخرى، بحيث يكون الهدف من هذا المشروع القومى حماية شريان النيل من التلوث، وبالتالى إلى الوصول إلى معدلات مناسبة وآمنة من التلوث ومراقبة هذه المعدلات.

ولذا يجب أن تقوم الدولة بالقيام بهذا المشروع من خلال مساهمات واشتراكات المصانع والمشروعات والورش المملوكة للقطاع الخاص أو قطاع الأعمال، مع الاستعانة بمساهمات رأس المال العربى أو البنك الدولى مثلما حدث فى مشروع الصرف الزراعى على مستوى الجمهورية، وتحمل الفلاح المصرى تكاليف المشروع على سنوات عديدة، وانعكاس ذلك على القضاء على العديد من المشاكل الصحية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية ودفع عجلة التنمية والتقدم فى مصر، كما يمكن أن يكون هذا المشروع نواة للتقارب بين دول حوض النيل من خلال القيام بشبكة موحدة والاستفادة من هذه التقنية والمشروعات التى تساهم فى حماية النهر.

كما يمكن أن تشترك كل دول حوض النيل للحفاظ عليه، وعمل اتفاقية لحماية النهر بين دول الحوض، وكيفية الاستفادة من مياه النيل وتقليل الفاقد منه وتعظيم موارده، وبالتالى يستفيد كل دول الحوض من التعاون والتقارب فيما بينها، وكيفية انعكاس ذلك على التنمية فى دول الحوض.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة