"فى هجاء الغواية".. قصيدة لـ"سمير درويش"

الإثنين، 20 أغسطس 2012 08:39 ص
"فى هجاء الغواية".. قصيدة لـ"سمير درويش" سمير درويش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
1-
أصبحَتْ تصبُغُ جسدَهَا برائحَتِي
كَمَا تصْبُغُ التِّوَالَ بالزيتِ، والجِوَاشْ،
ثمَّ أضحتْ تلوِّنُ بشرَتَهَا البيضاءَ بِي
كألوَانِ الماءِ علَى صفحةِ الخَشَبِ
فأمستْ تغتسِلُ بالبَرَدِ
كلَّمَا حملَنِى الهواءُ إلَى أنْفِهَا!

2-
كنتُ سأُقَاسِمُهَا فنجَانَى قهوةٍ علَى النِّيلِ
وطفلةً تلهُو على بياضِ مُلاءَتِهَا
و"أَعْطِنِى النَّاى وَغَنِّي"
لكنَّ الطائراتَ القاسيةَ خاصمَتِ السِّحَابَ
وفضَّلَ النسيمُ الطرى مقاطعَتِي!

3-
تريدُ أنْ تصنَعَنِى حبيبًا لفراغِهَا العاطفِيَّ
تلهُو فوقَ قصائِدِى آمنةً
كمَا تأْمَنُ جانبَ قطِّهَا الشِّيرَازِيِّ.
وعندَمَا لمحَتْ خربشاتٍ فِى أماكِنَ حسَّاسَةٍ
علَّقَتِ الجرَسَ برقبةٍ أُخْرَى!

4-
صوتُهَا كانَ امرأةً كاملةَ النُّضْجِ
يبدأُ ناعسًا ثُمَّ يصحُو:
يهمسُ ويلمَسُ ويفتَحُ أبوابَهُ للنيرانِ.
فلمَاذَا لمْ تسحَبْ صوتَهَا مِنَ الميْدانِ
بعدَ أنْ وضعتْ اللَّذَّةُ أوزَارَهَا؟

5-
شرعتْ بابَ قميصِهَا لألهُوَ
قالتْ: لماذَا لا يَرَى أبِى ثمرًا زرعتْهُ يَدَاهُ؟
وأطلقَتْ أنامِلَهَا فِى حديقةِ الشَّعْرِ الأبيضِ
والخطوطِ الَّتِى أضحتْ عميقةً.
وحينَ رأتْ مطرًا يهطلُ منْ عينِ أبِيهَا
غلَّقَتِ الأبوابْ!

6-
أُخْتِى الَّتِى أنبتَهَا اللهُ فِى أحشَاءِ الأرضِ
بعدَ أنْ أنبتَنِى فِى أحشاءِ "مريمَ"
تعرِفُ أنَّ كلمتَهُ استوتْ فُحْشًا وحياةً
وقصائدَ مُراوِغَةً
فَتُبَلِّلُ قلبَهَا بأمطارِ الحيرةِ..
والحبِّ الحَرَامْ!

7-
كانتْ تجاورُنِى فِى الميدانِ ولا تلمَسُ يَدِي
تزرعُ أسئلَتِى بينَ نهديْهَا ولا تلمَسُ يَدِي
ترسمُ لوحةً يغلُبُ الأحمرُ عليْهَا ولا تلمَسُ يَدِي
تُغنِّى مَعِي: "أراكَ عصى الدَّمْعِ" ولا تلمَسُ يَدِي
وحينَ نزعْتُ يَدِى وزرعْتُهَا فِى أرضٍ ثلجيةٍ
مَاتَتْ!

8-
حلمَتَاهَا المتفجِّرَتَانِ تفضَحُ أنوثةً مُؤجَّلَةً
جسدُهَا أصلُهُ ثابتٌ وفرعُهُ فى السَّمَاءِ
أطرافُ أناملِهَا تُوقِظُ "بيتهُوفِنَ" منْ سُبَاتِهِ
وتُوقِظُ المارِدَ باعِثَ الصَّحْوِ
فلمَاذَا لا تكتُبُ نوتَتَهَا علَى عُرْيِي
باللَّبَنِ المتخثِّرِ فِى حلمتيْهَا؟

9-
لا يزورُهَا النَّوْمُ بعدَ رحيلِي
لا تحتاجُ ماءً لتغسلَ حديقَتَهَا الوُسْطَى
ولا آياتٍ منَ الذِّكْرِ لتتطهَّرَ منِّي
لكنَّهَا تحتاجُ لغةً تكتُبُ ملامِحِى كَمَا تتخيَّلُهَا
حينَ تبلِّلُ طرْفَ لسانِهَا مِنْ نشيجِي!

10-
شيءٌ مَا جميلٌ يصحُو
حينَ أُعَطِّرُهُ بالشِّعْرِ المُلْتَهِبِ اللَّاهِبِ
شيءٌ يحمِلُ حكايَاى علَى راحتَيْهِ
ليفتحَ أبوابَ الشُّمُوسِ الكثيرةِ
الَّتِى تُحِيطُ بِي
شيءٌ مَا جميلٌ هَاهُنَا
ربَّمَا هُوَ أَنَا
رُبَّمَا!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة