يؤكد الفقه الدستورى أن القواعد الدستورية توضح فلسفة نظام الحكم والمبادئ السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى يجب أن تسود المجتمع فى فترة زمنية معينة، ويجب أن تكون متلائمة ومتوافقة مع معطيات الواقع فى هذا المجتمع، بل يجب أن تكون هذه الفلسفة، وتلك المبادئ انعكاساً لهذه المعطيات، التى كلما تغيرت كلما كان من الواجب تعديل الدستور ليصبح متلائماً ومتوافقاً معها، وإلا كان النص الدستورى فى وادٍ، والواقع العملى للمجتمع فى واد آخر.
والحقيقة التى لا مراء فيها أن النظم الدستورية لا تأتى من فراغ، وإنما تعكس بأمانة وصدق الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة فى المجتمع، وحيث إن القوى السياسية والوطنية فى المجتمع المصرى فى سبيلها لإعداد دستور جديد للبلاد من خلال الجمعية التأسيسية الحالية، فإذا كنا نريد إعداد دستور جديد للبلاد يعكس بمنتهى الأمانة والصدق الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة الآن فى المجتمع المصرى، فإن هناك مجموعة من المبادئ الدستورية الأساسية التى يجب أن يتضمنها هذا الدستور حتى يتحقق ذلك منه:
أولاً: أن يتبنى هذا الدستور نظام حكم مختلط، أى مزيج من النظام الرئاسى والنظام البرلمانى، وذلك لتلافى أخطاء الماضى القريب، وخاصة نظام الحكم الذى تبناه دستور سنة 1971، والذى نراه مع بعض رجال الفقه نظاما مسخا غير معروف أصوله القانونية، فهو نظام بعيد تماماً عن روح النظم البرلمانية، حيث تبدو السلطة التنفيذية فيه ضعيفة، ويبدو رئيس الدولة فى موقع أعلى من البرلمان، كما أن هذا النظام ليس قريب الشبه من الأنظمة الرئاسية، فضعف البرلمان إزاء سلطات رئيس الدولة، ووجود وزراء يمثلون حزب الأغلبية يجعل من المستحيل القول إن نظام الحكم الذى تبناه دستور 1971 نظام رئاسى.
وقد أثبت الواقع العملى فى ظل الفترة التى طبقت فيها أحكام دستور 1971 مدى الهيمنة الشديدة لرئيس الجمهورية على سائر السلطات والمؤسسات فى المجتمع، فهو محور النظام السياسى وموجه دفة نظام الحكم، وقد تم اختزال مؤسسات المجتمع السياسية والدستورية فى شخص رئيس الجمهورية، فلا تستطيع أى مؤسسة فى الدولة أن تتخذ قراراً له تأثير على الرأى العام إلا بعد الرجوع إلى مؤسسة الرئاسة.
ثانياً: استبعاد مجلس الشورى من الحياة السياسية تماماً، حيث نراه لا طائل من وجوده مطلقاً، فالحقيقة أن النظام السياسى المصرى لا يحتاج سوى مجلس تشريعى واحد يتمثل فى مجلس الشعب، فقد أثبت الواقع العملى أبان فترة تطبيق أحكام دستور 1971 أن مجلس الشورى لم يكن له دور مؤثر فى العملية التشريعية، وظل دوره واختصاصه استشارياً ليس أكثر، ولم يباشر اختصاصه بتعديل مواد الدستور إلا على فترات طويلة جداً، كما أنه لا يملك حق رقابة الحكومة أو استخدام أية آلية من آليات الرقابة.
وعلاوة على ذلك فإن مجلس الشورى لا يمثل الشعب تمثيلاً كاملاً على اعتبار أن ثلث أعضائه يتم تعيينهم بقرار جمهورى.
ثالثاً: إقرار حق التظاهر والاعتصام والاحتجاج والإضراب، على أن يضع القانون الضوابط الدقيقة اللازمة لممارسة هذه الحقوق، والتى لا يجوز تجاوزها، على ألا يؤدى تنظيم ممارسة تلك الحقوق إلى تحريمها كلياً أو العصف بها.
رابعاً: إلغاء تمثيل العمال والفلاحين داخل البرلمان بنسبة (50%)، وذلك لانتفاء الغرض الرئيسى الذى من أجله قررها الرئيس جمال عبد الناصر كنوع من التعويض لهذه الشريحة من المجتمع التى طال استغلالها كثيراً، أو النظر فى تقليل هذه النسبة على الأقل فى الفترة الحالية.
د. أشرف إسماعيل عزب يكتب: مقترحات أتمنى أن أراها فى الدستور االجديد
الخميس، 02 أغسطس 2012 02:08 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود الشيخ
اقتراح