تأثر الطالب البريطانى السورى الأصل محمد قاضى ريحا بحكايات والدته عن فظائع وقعت فى بلدها سوريا قبل ثلاثة عقود، فسافر إلى هناك للانضمام إلى المقاومة المسلحة ضد حكم الرئيس بشار الأسد.
أقنع محمد والدته التى نجت من مذبحة ارتكبت عام 1982 فى مدينة حماة السورية بأنه ذاهب إلى سوريا لمجرد تصوير لقطات لوسائل إعلام بريطانية. وبمجرد وصوله إلى سوريا فى مايو قدم له المقاتلون الذين قال إنه قضى معهم ستة أسابيع تدريبا أوليا على القتال واصطحبوه فى المهمات التى كانوا ينفذونها.
وقال محمد الذى قدم له المقاتلون فى كتيبة جبل شحشبو مسدسا، إنه شاهد ما حدث فى أعقاب قصف مدفعى دمر أجزاء من قلعة المضيق فى سهل الغاب بحماة.
وكانت القلعة موقعا دفاعيا ضد الصليبيين فى الماضى ويحتمى بها المقاتلون السوريون فى الوقت الحالى. وأضاف أنه صور هجوما لرفاقه عند حاجز إقامة الجيش رغم أن المقاتلين كانوا حريصين على وضعه فى مؤخرة الكتيبة المهاجمة.
وأوضح محمد البالغ من العمر 22 عاما والذى يدرس الهندسة الكهربائية فى جامعة ايست لندن إن المرء يتملكه شعور هائل عندما يقدم على هجوم، شعور من يسمع لأول مرة دوى قصف شديد أو إطلاق نار كثيف. وأضاف أنه فى تلك المرة كان يحمل الكاميرا والسلاح فى نفس الوقت، وكان هذا بمثابة خط فاصل بالنسبة له.
وأشار إلى أنه لم يحمل سلاحا قط قبل أن يذهب إلى سوريا، لكنه كان متشوقا لتعلم الرماية يدفعه شعور بظلم تاريخى ورغبة فى رؤية أبناء بلده يعيشون بحرية مثلما يعيش هو فى بريطانيا. ومضى قائلا، إنه يتصور دمشق مثل لندن.. يتمتع السوريون فيها بحق انتخاب ممثليهم بحرية ولا يحظى أبناء عائلة أو طائفة معينة بالوظائف، بينما يضطر الآخرون إلى الهجرة لكسب العيش فى الخارج. وأضاف الشاب السنى أن سوريا ستصبح ديمقراطية على النمط الغربى، ولكن بطابع عربى يضرب بجذوره فى التاريخ.
وكان الدم هو أول ما قابل محمد عندما وصل إلى سوريا، حيث كان يجرى نقل مدنيين ومقاتلين أصيبوا فى القصف ونيران طائرات الهليكوبتر إلى تركيا.
ورافق محمد المقاتلين إلى مدينة حماة الواقعة على بعد 210 كيلومترات شمالى دمشق فى سيارة لتوصيل جثة مقاتل لقى حتفه فى الشمال إلى عائلته. وقال إنه ولد فى العراق، حيث هاجرت أسرته هربا من حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد فى ثمانينيات القرن العشرين، ثم أصبح مواطنا بريطانيا بعدما هاجر والده إلى بريطانيا للعمل فى محل بقالة يملكه سورى هناك. وشب محمد فى منطقة وايت سيتى فى لندن، وسمع من أمه حكايات عن فرق الاغتيالات التى كانت تراها من منزلها فى حماة وكيف كانت توقف الرجال فى صف بمحاذاة جدار ثم تقتلهم.
وذهب إلى سوريا مرة أخرى منذ ثلاثة أسابيع وكان يحمل هذه المرة معدات اتصال وأموال جمعها من مغتربين سوريين للمقاتلين.
وأجرت رويترز مقابلة معه فى مدينة أنطاكية التركية قبل أن يذهب فى زيارة ثانية إلى سوريا كما تحدثت إليه رويترز عند عودته إلى لندن. قال الشاب النحيف الملتحى إن زيارته الثانية لسوريا كانت أصعب. وقال إن الجيش السورى يستخدم الآن المدفعية بشكل أكبر وأن طائرات الهليكوبتر تقصف المناطق طوال الليل، وأنه لا أمل فى نجاة أى شخص يطاله القصف. وذكر أن معظم الأسلحة التى رآها مع المقاتلين فى حماة كانت قاذفات صواريخ وبنادق كلاشنيكوف.
وأوضح أنه اعتاد الجلوس فى المساء ورؤية القذائف فى السماء وسماع صوتها. ومضى قائلا، إن أحدا لم يكن يعلم أين ستسقط القذيفة لكن كل من يراها يظن أنها ستسقط عليه. وأضاف أن القصف عشوائى، وأن قوات الأسد نفسها لا تعرف أين ستسقط القذيفة أو من ستقتل.
وأحيت حملة الجيش السورى على المعارضين حكايات خمسة من أقارب محمد قتلوا فى حماة عندما أرسل حافظ الأسد والد بشار قوات دكت أحياء بكاملها فى المدينة، وقتلت عدة آلاف من سكانها قبل ثلاثة عقود.
وقال محمد إنه فكر عندما اندلعت الانتفاضة فى سوريا فى النظام السورى والطريقة التى ترك بها والداه وطنهما. وأشار إلى أن ذهابه إلى سوريا تطلب استعدادات استمرت شهورا، وأضاف أن والده لم ينج من مذبحة حماة، إلا لأنه كان فى السجن وقتها، وأنه روى للعائلة كيف كان يعيش فى الثمانينات، وكيف اعتقل وعذب.
وقالت مصادر فى المعارضة إن آلاف السوريين فى الخارج يساعدون الانتفاضة إما بتقديم المال فى الأغلب، وإما عن طريق عرض آرائهم المعارضة على الإنترنت أو باستضافة لاجئين أو التوجه إلى مناطق حدودية فى الأردن ولبنان وتركيا، لعرض خدماتهم مثل الأطباء الذين يساعدون فى علاج المصابين.
ولا توجد أرقام بشأن الأجانب الذين انضموا للمقاتلين داخل سوريا، لكن السلطات السورية تقول إن البعض قدموا من شمال أفريقيا واليمن ودول خليجية وأفغانستان.
وقال محمد الذى وصف نفسه بأنه مسلم متدين وليس جهاديا إنه يؤيد كل من يقاوم الأسد سواء بالطرق السلمية أو بالقتال. وعبر بعض الخبراء فى الشأن السورى عن خوفهم من أن يكسب تنظيم القاعدة موطئ قدم فى سوريا ويدفع بتشكيل حكومة إسلامية، لكن محمد قال إن بناء نظام دينى متأثر بالقاعدة بعد الأسد فى سوريا مستبعد، لأن الإسلام فى سوريا اتسم على مر التاريخ بالتفتح والتسامح. وأضاف أنه يعتزم قضاء المزيد من الوقت مع أسرته فى لندن قبل أن يعود فى زيارة ثالثة لسوريا.
بريطانى من أصل سورى يذهب لقتال قوات الأسد فى سوريا
الخميس، 02 أغسطس 2012 03:18 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة