مبكرًا وضع الرئيس الدكتور محمد مرسى نهاية درامية لعلاقته مع المشير محمد حسين طنطاوى، القائد العام السابق للقوات المسلحة رئيس المجلس العسكرى السابق، فالعلاقة بين مرسى الرئيس وطنطاوى «قائد الجيوش» لم تكمل الشهرين، بعكس تلك العلاقة التى دامت لسنوات طويلة بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وقائد جيوشه المشير عبدالحكيم عامر أو بين الرئيس المخلوع حسنى مبارك والمشير محمد عبدالحليم أبوغزالة، وبين مبارك وقائده العسكرى طنطاوى، وفى الوقت الذى ظن فيه البعض أن قرار مرسى بإقالة مدير المخابرات اللواء مراد موافى على خلفية حادث رفح الإرهابى الذى راح ضحيته 16 شهيدا من الجنود المصريين وعدد من المصابين أن هذا هو أقصى ما يمكن أن يقدم عليه مرسى، على الرغم من أن قرارا بإقالة شخص بحجم مدير المخابرات ليس بالقرار الهين، ولا من القرارات التى اعتادت دوائر الحكم فى مصر على تداولها، لكن مجموعة من القرارات أصدرها مرسى فى توقيت واحد حركت المياه فى المشهد المصرى بقوة، ودفعت بتغيرات دراماتيكية فى قمته، وجاء على رأس هذه القرارات إحالة قائد الجيوش المشير طنطاوى للتقاعد واختيار اللواء عبدالفتاح السيسى وزيرا للدفاع خلفا له بعد ترقيته لرتبة الفريق أول.
علاقة ناصر وحكيم تحسب بالسنين وتمتد إلى ما قبل ثورة يوليو 1952، وارتدى الرباط الشخصى بين الرجلين فيما قبل الثورة زيا رسميا حين اختار ناصر صديقه عبدالحكيم المولود فى عام 1919 فى قرية أسطال بمحافظة المنيا قائدا للجيش حتى كانت هزيمة يونيو 1967 التى وضعت كلمة النهاية لتلك العلاقة، وبينهما كان قد لاح فى الأفق ما يشى بأن ثمة تغيرا بدأ يلقى بظلاله على تلك العلاقة حين ترددت أقاويل دعمتها الكثير من الروايات عن أن عبدالحكيم قد بدأ يعد العدة للانقلاب على ناصر من داخل الجيش.
يضع الراصدون لنكسة يونيو من الخبراء العسكريين عدة أسباب فى مقدمتها سخرية المشير عامر من كل ما كان يرد إليه من تقارير وتحذيرات بشأن إعداد إسرائيل لضربة جوية ضد مصر، وهو ما حذر منه الرئيس عبدالناصر نفسه، ولم يبال «حكيم» بذلك، بل إنه أمر بتقييد نيران المدفعية المضادة للطيران ليذهب لسيناء ويحمى طائرته، وفى ضربتين جويتين متتاليتين كانت إسرائيل قد دمرت أغلب الطائرات المصرية على الأرض.
علاقة عبدالناصر والمشير عامر شهدت بعد وفاة الأخير منتحرا محاولات للدخول على خطها، وهى محاولات بدا أنها حفلت بادعاءات عدة خاصة فيما يتعلق بالنهاية المأساوية لعامر، حيث حاول البعض الترويج لمقولة إن ناصر قتل صديقه عامر، ووصل الأمر إلى حد الترويج إلى أن هناك مذكرات كتبها المشير بخط يده وعبر فيها عن مخاوفه من تعرضه للاغتيال «لطمس حقيقة ما جرى فى يونيو 67» وهى مذكرات اعتمدت على مادة نشرتها مجلة لايف الأمريكية، وتكشف بمرور الوقت أن أجهزة مخابرات عربية وغربية كانت وراء الترويج لوجود تلك المذكرات من دون أصول تدلل على حقيقتها، وبدا أن السبب وراء ذلك هو محاولة تصفية الحسابات مع شخص الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.
العلاقة بين ناصر وحكيم مرت بمراحل عدة، بدأت بالتقاء طبيعتهما «الصعيدية» وتوثقت برفضهما لأوضاع الجيش والبلاد تحت الاحتلال الإنجليزى، وزادت بنجاح ثورة يوليو فى الإطاحة بالملك فاروق ووصول الرئيس عبدالناصر إلى سدة الحكم واختياره صديقه عامر قائدا للجيش، وبمرور الوقت تبدل الحال حتى صار هناك تدبير لانقلاب يقوده المشير عامر ضد الرئيس ناصر عقب نكسة يونيو، وهو ما رصده الكاتب محمد حسنين هيكل فى كتابه «الانفجار 1967» بالإشارة إلى مشروع بيان أعده المشير لإذاعته من الإسماعيلية فى حال نجاح خطة الانقلاب على الرئيس ووصول عامر لموقع القوات المسلحة هناك، وجاء فيه على لسان عامر:
«نتيجة لكل ذلك.. اضطررنا لإصدار أمر الانسحاب إلى غرب القنال لإنقاذ قواتنا البرية من طيران العدو المسيطر ومنعه من تدميرها وحتى يعاد تنظيمها واستعدادها لاستئناف القتال».
فى خطاب التنحى الشهير بدا أن الرئيس عبدالناصر لا يحمل أحدا غير نفسه مسؤولية ما حدث فى 5 يونيو على الرغم من أن قائد الجيش المشير عامر لم يكن رافضا لأى تصعيد ضد إسرائيل، وكانت له عبارته الشهيرة «برقبتى يا ريس» التى لخص فيها رده على سؤال ناصر له عن أوضاع الجيش واستعداده لأى مواجهة تفرض عليه، وفى اجتماع لعبدالناصر مع قادة الجيش فى 2 يونيو1967، أكد الرئيس للمشير أن إسرائيل سوف تبدأ عدوانها يوم 5 يونيو 1967، وأنها تعتمد على عنصر المفاجأة والمرونة وتريد معركة قصيرة، وكان تعليق المشير للقادة العسكريين المجتمعين بعد أن غادر الرئيس عبدالناصر جلسة الاجتماع ما معناه «هو الريس نبى.. ولا بيعلم الغيب»، فيما قرر عامر الذهاب صباح يوم 5 يونيو 1967 إلى سيناء لقيادة المعركة من هناك، ما أدى لتعطيل شبكة الدفاع الجوى لوجود طائرته فى الجو، وخروج قادة القوات من مواقعهم فى سيناء واصطفافهم فى مطار بيرتماده انتظارا لوصوله، وقد فاجأت الطائرات الإسرائيلية المهاجمة طائرة المشير فى الجو، وهى فى طريقها إلى سيناء، مما اضطر المشير أن يأمر بالعودة إلى القاهرة.
ناصر وعامر.. نهاية درامية
يصر معارضو الرئيس عبدالناصر على اتهامه بقتل المشير عامر، فيما تجمع روايات عدة على أن عامر حاول الانتحار أكثر من مرة، ومن ذلك ما رصده الأستاذ هيكل فى برنامجه «مع هيكل»، حيث ذكر أن الرئيس ناصر تلقى اتصالا مساء يوم 6 يونيو من شمس بدران وزير الحربية يخبره أن المشير بمركز قيادة القوات المسلحة ويريد الانتحار، وتوجه عبدالناصر إلى هناك، وطالب عامر بالتراجع عن التفكير فى الانتحار، وقال له إنه - أى الرئيس - المسؤول عن الهزيمة، «وطلب منه ألا يضيف الفضيحة إلى الهزيمة».
ومن المحاولات الأخرى التى رصدها شهودها أيضا عندما ذهب الفريق محمد فوزى إلى منزل المشير يوم 13 سبتمبر 1967 إلى حيث تم تحديد إقامة الأخير باستراحة المريوطية بالهرم، «فلاحظ فوزى أن المشير يلوك شيئا فى فمه وعلى الفور قام بنقله إلى مستشفى المعادى للقوات المسلحة حيث تم علاجه وعمل غسيل معدة له»، ثم كان أن نجحت المحاولة الأخيرة فى اليوم التالى 14 سبتمبر، وبحسب تقرير خبراء الطب الشرعى «انتحر عامر بتناوله سم الأكونتين» ليضع المشير بيده نهاية الفصل الأخير فى علاقته بالرئيس وبالدنيا كلها، وإن كان فتح بابا أمام الساعين لتشويه صورة الرئيس عبدالناصر باتهامه بقتل المشير، وهو اتهام ينفيه تماما النائب العام محمد عبدالسلام الذى كان يحقق فى قضية وفاة المشير وذلك فى كتاب أصدره فى عام 1975 بعنوان «سنوات عصيبة» واللافت أن عبدالسلام هاجم ناصر وعهده لكنه نفى تماما أن يكون عامر قد اغتيل.
السادات.. و3 مشيرين
فى عهد السادات ثلاثة حملوا رتبة المشير أولهم المشير أحمد إسماعيل القائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية خلال حرب أكتوبر 1973 م، وثانيهم المشير محمد عبدالغنى الجمسى، وأخيرا الفريق أحمد بدوى الذى رقى بعد استشهاده فى حادث غامض إلى رتبة المشير، أما الأول فكان زميلا للرئيسين عبدالناصر والسادات فى الكلية الحربية وبعد تخرجه برتبة ملازم ثان، التحق بسلاح المشاة وتم إرساله إلى منقباد ومنها إلى السودان، ثم سافر فى بعثة تدريبية مع بعض الضباط المصريين والإنجليز إلى دير ياسين بفلسطين عام 1945، وتولى إسماعيل قيادة قوات سيناء خلال الفترة من عام 1961 حتى عام 1965، وعند إنشاء قيادة القوات البرية عين رئيسا لأركان هذه القيادة وحتى حرب 1967، وبعد أيام من النكسة أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قرارا بإقالة عدد من الضباط وكبار القادة وكان من بينهم أحمد إسماعيل، وبعد أقل من 24 ساعة أمر الرئيس عبدالناصر بإعادته للخدمة وتعيينه رئيسا لهيئة عمليات القوات المسلحة، وتم تعيينه فى العام نفسه قائدا عاما للجبهة، وكان يتحدث دائما عن أن الجيش المصرى لم يُختبر فى قدراته وكفاءته خلال حرب 1967 ولم يأخذ فرصته الحقيقية فى القتال، لذلك بدأ فى إعادة تكوين القوات المسلحة فأنشأ الجيشين الثانى والثالث الميدانيين، وكان له الفضل فى إقامة أول خط دفاعى للقوات المصرية بعد 3 أشهر من النكسة، وفى عام 1969 أعفاه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر من جميع مناصبه، فيما اختاره السادات فى 15 مايو 1971 رئيسا للمخابرات العامة وفى 26 أكتوبر 1972 اختاره وزيرًا للحربية وقائدًا عاما للقوات المسلحة خلفًا للفريق محمد فوزى، ومنحه الرئيس السادات رتبة المشير فى 19 فبراير عام 1974 اعتبارا من السادس من أكتوبر عام 1973 وكان ثانى ضابط مصرى يصل لهذه الرتبة بعد المشير عبدالحكيم عامر.
توفى المشير أحمد إسماعيل 25 ديسمبر 1974 عن 57 عاما فى أحد مستشفيات لندن بعد أيام من اختيار مجلة الجيش الأمريكى له كواحد من ضمن 50 شخصية عسكرية عالمية أضافت للحرب تكتيكاً جديداً.
الجنرال المخيف
أطلقت عليه رئيسة وزراء إسرائيل السابقة جولدا مائير وصف «الجنرال النحيف المخيف».. وهكذا كان محمد عبدالغنى الجمسى الذى تولى رئاسة أركان حرب الجيش المصرى إبان حرب أكتوبر 1973 خلفا للفريق سعد الدين الشاذلى بعد الخلاف الشهير بين السادات والشاذلى حول التعامل مع ثغرة الدفرسوار.
الجمسى الذى ولد فى 9 سبتمبر 1921 فى البتانون بالمنوفية تولى مسؤولية التفاوض مع الإسرائيليين بعد حرب أكتوبر فيما عرف بمفاوضات الكيلو 101 وعينه السادات وزيرا للحربية وهو المنصب الذى خرج منه عام 1978 وتردد أن السبب وراء ذلك كان رفضه نزول الجيش إلى شوارع مصر لقمع مظاهرات 18 و19 يناير 1977.
بدوى والاغتيال
فى 2 مارس 1981 كانت مصر على موعد مع حادث أليم ذهب ضحيته أربعة عشر من كبار قادة القوات المسلحة على رأسهم الفريق أحمد بدوى عندما سقطت بهم طائرة عمودية، فى منطقة سيوة بالمنطقة العسكرية الغربية بمطروح، وأصدر الرئيس السادات قراراً بترقية الفريق أحمد بدوى إلى رتبة المشير وترقية رفاقه الذين استشهدوا معه إلى الرتب الأعلى فى نفس يوم موته، فيما ثارت شكوك كبيرة حول استشهاد بدوى ورفاقه، وتناولت روايات تورط السادات وأخرى عن تورط نائبه مبارك فى الحادث بعد أن بدا الاستياء على الفريق بدوى من تدخلات النائب مبارك فى شؤون القوات المسلحة، وأعلن ذلك للرئيس السادات، حيث يسجل البرلمانى الراحل «علوى حافظ» فى كتاب له بعنوان «الفساد» لقاء له بالفريق أحمد بدوى قبل وفاة الأخير بأيام، ذكر له فيه أنه عبر عن اعتراضه على صفقة طائرات حاملة جنود قادمة من خلال المعونة العسكرية الأمريكية، وبرر هذا الاعتراض للرئيس السادات بأن «وراء الصفقة استغلال، وأن حول السادات رجالا يستغلون الصفقات العسكرية للإثراء منها».
ويضيف حافظ أن بدوى طلب من السادات وضع قواعد جديدة وأسلوب جديد للحصول على السلاح للقوات المسلحة وذكر له أن هناك «رائحة فساد» بدأت تتسلل إلى الجيش، وعصابات بدأت تتكون من شخصيات قريبة من حسنى مبارك أصبحت تحصل على عمولات ضخمة فى صفقات نقل السلاح من الخارج.
فى شهادة حافظ – والذى كان صديقا مقربا من بدوى - ما يوحى بأن علاقة النائب مبارك بالقائد العسكرى فريق بدوى كان يشوبها التوتر، لكن فيها أيضا ما يلمح إلى تورط السادات فى مصرع بدوى، حيث يسجل حافظ على لسان بدوى قوله: «السادات ناوى يصفى أبطال حرب أكتوبر.. ده ناوى يصفينى أنا كمان.. وقال لى بالحرف الواحد.. الناس ديه لازم تتصفى يا أحمد.. أنت أصلك عبيط ما تعرفش حاجة»، فيما ترددت روايات عن أن بدوى رفض أوامر السادات بتوجيه ضربة عسكرية إلى ليبيا، ردا على ما كان السادات يصفه بتطاول القذافى عليه.
أبوغزالة.. إبعاد بأمر أمريكا
فى حياة الرئيس المخلوع حسنى مبارك مشيران أحدهما أطاح به مبارك من موقعه كقائد للجيش فى أول فرصة لاحت له لتحقيق ذلك، والثانى ساهم فى الإطاحة بمبارك ورفض دخول الجيش فى مواجهة مع الثورة الشعبية التى اندلعت فى 25 يناير 2011.. الأول هو المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة والثانى هو المشير محمد حسين طنطاوى.
ولد المشير أبوغزالة فى 15 يناير 1930 بقرية زهور الأمراء بمركز الدلنجات بمحافظة البحيرة وتولى منصب وزير الدفاع فى أواخر عهد السادات وظل فى موقعه فى عهد خلفه حسنى مبارك حتى عام 1989 حين أبعده مبارك من منصبه وعينه بشكل شرفى «مساعدا لرئيس الجمهورية».
شارك أبوغزالة فى حرب أكتوبر 1973 قائدا لمدفعية الجيش الثانى، ورقى إلى رتبة مشير سنة 1982، وأحاط بتخلص مبارك منه فى عام 1989 الكثير من الروايات، فى مقدمتها خوف مبارك مما أصبح يحظى به قائده العسكرى من شعبية طاغية فى صفوف الجيش، القرار وقتها كان مفاجئاً وفسره البعض على أن الغرض منه التخلص منه لتزايد شعبيته فى الجيش، وما سرى لدى «الرئيس» من مخاوف من أن تدفع هذه الشعبية بـ«المشير» إلى الانقلاب عليه، فيما قال مراقبون غربيون إن سبب الإطاحة بأبوغزالة يرجع إلى تهريبه أجزاء تستخدم فى صناعة الصواريخ من الولايات المتحدة الأمريكية، وقيادته برنامجا لتطوير صواريخ طويلة المدى مع كل من الأرجنتين والعراق باسم كوندور2.
وترصد الروايات الموثقة لمسيرة حياة المشير الراحل أبوغزالة نجاحه فى مراوغة الولايات المتحدة الأمريكية بمناقصة دولية أقيمت من أجل إدخال دبابة قتال رئيسة بالإضافة إلى نقل تكنولوجيا تلك الدبابة، حيث لم تدخل الولايات المتحدة المناقصة حتى لا تدعم مصر بدبابة الأبرامز المتطورة على حساب حليفتها إسرائيل وظنا منها أن دول أوروبا لن تدعم مصر فى امتلاك دبابة قوية، لكنها فوجئت بالعديد من الدول تسعى للفوز بالمناقصة ومنها بريطانيا ودبابتها تشالينجر، فقررت أن تعرض على مصر دبابة الأبرامز بنسبة إنتاج ومكون محلى محدودة على أن تزداد كلما تم تجديد التعاقد لزيادة العدد، فقبلت مصر الصفقة وبهذا دخلت دبابة الأبرامز الأقوى عالميا بالخدمة بالجيش المصرى.
كما أسس أبوغزالة برنامجا سريا لصناعة الصواريخ الباليستية بالتعاون مع الأرجنتين وبدعم عراقى لمشروع برنامج صاروخ بدر 2000 «كوندور 2»، إلا أن المخابرات الأمريكية اكتشفت تهريب أجزاء تستخدم فى صناعة الصواريخ من الولايات المتحدة الأمريكية، وتردد أن واشنطن طلبت من مبارك استبعاد قائده العسكرى ردا على هذا الموقف وهو ما لقى هوى فى نفس الرئيس السابق، فسارع إلى الإطاحة به، ليبتعد أبوغزالة عن الأضواء، ويعود اسمه للظهور فى المشهد السياسى مع إقرار أول انتخابات رئاسية فى عام 2005 حين طرحت بعض القوى السياسية الدفع به كمرشح رئاسى فى مواجهة مبارك، إلا أن أبوغزالة فضل أن يكمل بقية حياته فى الظل حتى توفى مساء يوم السبت 6 سبتمبر 2008 فى مستشفى الجلاء العسكرى عن 78 عاما بعد صراع مع مرض سرطان الحنجرة.
طنطاوى.. من الهدوء إلى الثورة
حصل محمد حسين طنطاوى على بكالوريوس فى العلوم العسكرية من الكلية الحربية عام 1956م وشارك فى حرب أكتوبر 1973 قائد ا للكتيبة السادسة، وتدرج فى المواقع بالقوات المسلحة، فاختير قائدا للجيش الثانى الميدانى، ثم قائدا لقوات الحرس الجمهورى ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، ثم وزيرا للدفاع فى مايو 1991م ووزيرا للدفاع والإنتاج الحربى فى أكتوبر 1993م، وظل فى منصب وزير الدفاع حتى اندلعت ثورة يناير 2011، واتخذ الرئيس السابق مبارك قراره بنزول القوات المسلحة إلى الشوارع، وبدا واضحا أن طنطاوى ومن معه من قيادات الجيش وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة عزموا على رفض الزج بالجيش فى أية مواجهة مع الثورة الشعبية، وهو ما أظهرته البيانات الصادرة عن المجلس والتى كانت تحمل تطمينات واضحة للثائرين فى مختلف الميادين بمصر بأن الجيش لن يطلق رصاصة واحدة فى مواجهة الشعب.
وعلى الرغم مما تحمله شخصية طنطاوى من ملامح الهدوء ومما بدا عليه خلال فترة عمله مع مبارك من أن الرجل لا يرفض لرئيسه طلبا، فإن تقارير إعلامية وشهادات مقربين من دوائر الحكم أجمعت على أن طنطاوى وكثيرين من قيادات الجيش كانوا يرفضون ما يدور فى غرف القصر الرئاسى من ترتيبات لتوريث الحكم إلى نجل مبارك الأصغر «جمال»، كما رصدت وثائق ويكليكس تعبيرات عن استياء لدى طنطاوى من الصعود المتنامى لدى جمال مبارك ومجموعة رجال الأعمال المحيطة به فى دائرة صنع القرار بالبلاد، وتردد فى ذروة الثورة الشعبية فى يناير أن جمال مبارك ومعه أنس الفقى وزير الإعلام الأسبق وحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق لعبوا دورا كبيرا فى دفع الرئيس المخلوع مبارك إلى إصدار قرار بإقالة المشير طنطاوى، ورئيس أركان الجيش سامى عنان، وهو القرار الذى أرسل للتليفزيون لإذاعته.. لكن رئيس قطاع الأخبار فى ذلك الوقت عبداللطيف المناوى سارع بعرض الأمر على مدير الشؤون المعنوية فى ذلك الوقت اللواء إسماعيل عتمان ليوقف الاثنان إذاعة بيان مبارك ويخرج عتمان ببيان بديل للمجلس العسكرى أعلن فيه الانعقاد الدائم للمجلس العسكرى ودعم الجيش لثورة الشعب، وهو البيان الذى وصف بأنه وضع النهاية لعلاقة الرئيس بالمشير، خاصة أن الأخير كان قد سبق ذلك برفض عرض من مبارك بتولى منصب نائب الرئيس بعدما أقدم مبارك على التغييرات التى كان قد فات أوانها بعد أن حددت ثورة الشعب مطلبها الرئيسى بهتافها الشهير «ارحل»، ولم تجمع بين الاثنين بعدها سوى قاعة أكاديمية الشرطة التى اختيرت مكانا لمحاكمة مبارك وابنيه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلى حيث استدعى طنطاوى للشهادة فى قضية اتهام مبارك ووزير داخليته بقتل مئات المتظاهرين خلال أحداث ثورة يناير.
مرسى والمشير
فى الوقت الذى كانت تتدفق فيه الآليات العسكرية على سيناء للمشاركة فى العمليات ضد البؤر الإرهابية بعد ساعات من تنفيذ عملية إجرامية أسفرت عن استشهاد 16 من ضباط وجنود القوات المسلحة وإصابة عدد آخر برفح المصرية، فاجأ الرئيس محمد مرسى الجميع بجملة قرارات أصدرها فى توقيت واحد، وكان على رأسها إحالة كل من المشير محمد حسين طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة للتقاعد ومعه نائبه رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق سامى عنان.
كان واضحا أن الرئيس مرسى نجح فى استغلال المشاعر المتأججة والغاضبة ضد ما وقع لأفراد من الجيش المصرى على أيدى مجموعة إرهابية، وجاءت تصريحات رئيس جهاز المخابرات المقال اللواء مراد موافى عن إبلاغ الجهاز بمعلومات عن وقوع عمليات إرهابية بسيناء إلى القادة العسكريين لتلقى بالمسؤولية على طنطاوى ورجاله، ما سمح لمرسى بإصدار قراراته، التى قال إنه لا يقصد بها أحدا بعينه، دون خوف من مقاومة، لكن مراقبين لا يستبعدون أن تكون القرارات تمت بالتشاور مع كل من طنطاوى وعنان واستهدفت تجنيبهما المساءلة القانونية على الانتهاكات التى وقعت خلال الفترة الانتقالية منذ تولى المجلس العسكرى السلطة عقب الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك.
فى كل الأحوال فإن قرار «الرئيس» مرسى أبعد «المشير» طنطاوى من دائرة صنع القرار بعد عام ونصف العام صعد فيهم المشير إلى قمة المشهد السياسى فى مصر، وواجه انتقادات من معارضيه، وإشادات من أنصاره، ليتبقى أن من تولوا قيادة الجيش المصرى منذ ثورة يوليو 1952 وحملوا رتبة المشير بدءا من عبدالحكيم عامر ومرورا بأحمد إسماعيل والجمسى وبدوى وأبوغزالة ماتوا ومعهم الكثير من أسرار الحكم فى مصر، وأن فى خزينة المشير طنطاوى الكثير والكثير من الأسرار التى تحتاج إلى الكشف عنها.
محيى الدين سعيد يكتب : من عبدالناصر إلى مرسى.. الرئيس والمشير
السبت، 18 أغسطس 2012 09:10 ص
الرئيس والمشير
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم عطية المحامى
يكفينى شرفا انى لم انتخب مرشح جنسية ابناؤة و احفادة امريكية و تابع للى قال طظ فى مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد فتحى الشيخ على
نهايه حزينه
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
الى السيد/ المحامى صاحب التعليق رقم (1) نحمد الله انك لم تنتخبه
عدد الردود 0
بواسطة:
ام عبد الرحمن - الغردقه
تعليق 1
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
اتقى الله
عدد الردود 0
بواسطة:
khaled alboselly
رقم 1
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
ضحكتونا
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد فرحات
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود جمعه
عظمه المصريين
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الرحيم
لا تراجع ولا استسلام