مازالت الأزمة السورية مشتعلة، ومازال نظام بشار الأسد مصرا على تخطى كل الحواجز، وما زالت آلته العسكرية تمعن بالقتل فى العزل والنساء والأطفال، واليوم استأنف سلاح الجو السورى قصفه على مدينة اعزاز فى ريف حلب قرب الحدود التركية (شمال)، وذلك بعد مقتل 129 شخصا فى أعمال عنف فى مناطق مختلفة من سوريا، كما أفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان.
وقال المرصد فى بيان "تعرضت مدينة اعزاز للقصف بالطيران صباح اليوم" السبت، مشيرا إلى عدم ورود أنباء عن وجود خسائر بشرية بعد.
وكانت اعزاز التى سيطر عليها الجيش السورى الحر قبل أسابيع وقد خلت تماما من أى وجود لقوات النظام تعرضت الأربعاء لقصف جوى أسفر عن مقتل 31 مدنيا على الأقل بينهم ثمانى سيدات وثمانية أطفال، إضافة إلى جرح العشرات، بحسب المرصد.
وشاهد مراسلو وكالة فرانس برس الخميس دمارا هائلا خلفته الغارة الجوية على اعزاز.
وفى حلب، كبرى مدن شمال سوريا والتى تشهد عمليات عسكرية منذ أسابيع بعد أن كانت بمنأى عن الحركة الاحتجاجية التى تعصف بالبلاد منذ منتصف مارس 2011، تعرضت أحياء الفردوس والسكرى وبستان الزهرا والكلاسة والاذاعة للقصف، فيما دارت اشتباكات بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين فى محيط ساحة سعد الله الجابرى ومحيط الملعب البلدى، كما أضاف المرصد.
وفى حمص (وسط)، تعرض حى الخالدية للقصف من قبل القوات السورية ما أسفر عن "سقوط شهيد وإصابة 7 بجراح بعضهم بحالة خطرة"، بحسب المرصد.
ويأتى ذلك غداة مقتل 129 شخصا فى أعمال عنف فى مناطق سورية عدة، هم 90 مدنيا وعشرة منشقين و29 جنديا نظاميا، كما جاء فى حصيلة جديدة نشرها المرصد صباح السبت.
وتتواصل أعمال العنف فى سوريا غداة إعلان الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون الجمعة تعيين الأخضر الإبراهيمى مبعوثا للأمم المتحدة والجامعة العربية فى الأزمة السورية خلفا لكوفى عنان الذى استقال فى 2 أغسطس الجارى منتقدا عدم تمتع مهمته بدعم دولى كاف.
ورحبت بكين السبت بتعيين الأخضر الإبراهيمى مبعوثا جديدا للأمم المتحدة إلى سوريا، مؤكدة رغبتها بـ"التعاون" معه ودعمه فى مهمته لإنهاء النزاع الدموى الدائر فى هذا البلد.
وقالت وزارة الخارجية الصينية فى بيان إن الصين ستدعم وستتعاون بشكل إيجابى مع جهود الإبراهيمى فى وساطته السياسية".
وبكين، الحليف التقليدى لدمشق، لا توافق الغرب رؤيته للطريقة الواجب اتباعها لحل النزاع المسلح فى سوريا الذى بدأ فى منتصف مارس 2011 انتفاضة شعبية سلمية ضد الرئيس بشار الأسد الذى قمع المحتجين بالحديد والنار ما أسفر عن تحوله النزاع شيئا فشيئا إلى نزاع مسلح بامتياز.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون الجمعة تعيين الإبراهيمى مبعوثا للأمم المتحدة والجامعة العربية فى الأزمة السورية خلفا لكوفى عنان الذى استقال فى 2 أغسطس الجارى منتقدا عدم تمتع مهمته بدعم دولى كاف.
كما رحبت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون بقرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون وأمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربى بتعيين الدبلوماسى الجزائرى الأخضر الإبراهيمى ليحل محل كوفى عنان مبعوثا خاصا مشتركا للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا.
وأعربت كلينتون فى بيان عن تأكدها بأن الإبراهيمى سيواصل سعيه لوضع حد للنزاع والعمل على انتقال سلمى للأزمة فى سوريا، إضافة لامتنان بلادها للجهود التى بذلها كوفى عنان الذى سعى جاهدا لتحقيق انتقال سلمى لهذه الأزمة العصيبة.
وقالت الوزيرة الأمريكية "رسالتى إلى المبعوث الخاص الإبراهيمى هى أن الولايات المتحدة تقف على أهبة الاستعداد لدعمكم وضمان تحقيق سلام دائم يحقق التطلعات المشروعة نحو حكومة ممثلة للشعب فى سوريا".
وأضافت أن رسالتها للشعب السورى هى: "أنت لست وحدك.. المجتمع الدولى مازال ملتزما تماما بعملية انتقال سياسى بقيادة سورية تودى إلى نظام سياسى تعددى يمثل إرادة الشعب.. والمجتمع الدولى ملتزم أيضا بضمان تحديد ومساءلة أولئك الذين يرتكبون الفظائع".
وأكد الأخضر الإبراهيمى مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الجديد لسوريا ضرورة التعاون من أجل إيجاد حل سلمى للصراع فى سوريا.
وقال الأخضر الإبراهيمى فى تصريح خاص لتليفزيون ال" بى بى سى" البريطانى أمس"، إنه لاشك أننى لن أتمكن من فعل شىء إذا لم أحظِ بالتأييد وإذا لم أجد تعاونا من جانب السوريين".. ولكن الإبراهيمى قال" إنه يتعين عدم التخلى عن الجهود الدبلوماسية، ويجب علينا أن نحاول، ويجب عدم التخلى عن الشعب السورى"، ومن جانبه قال متحدث باسم بان كى مون السكرتير العام للأمم المتحدة، إن الأمم المتحدة ترحب باستعداد الإبراهيمى للمساعدة على وقف" العنف والمعاناة فى سوريا".
وأشار التليفزيون البريطانى إلى أن مسئولين كانوا قد أكدوا نبأ تعيين الأخضر الإبراهيمى كمبعوث جديد للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، وأنه سيخلف بذلك كوفى عنان الذى استقال فى وقت سابق من الشهر الحالى بعد فشل خطة خطته فى تحقيق وقف إطلاق النار فى سوريا.
وقالت وكالات معونة تابعة للأمم المتحدة اليوم الجمعة إن السوريين يتدفقون عبر الحدود هربا من القتال فى بلادهم وإن حالات الإسهال تفشت فى مناطق ريفية بالقرب من دمشق.
وذكرت مفوضية اللاجئين التابعة للمنظمة الدولية أن أكثر من 170 ألف سورى سجلوا أسماءهم فى أربع دول مجاورة هى العراق والأردن ولبنان وتركيا.
وقال أدريان إدواردز من المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن نحو 3500 سورى فارين من المناطق الشمالية، فى حلب وإعزاز وإدلب واللاذقية وصلوا إلى إقليمى هاتاى وكيليس التركيين يومى الثلاثاء والأربعاء.
وأضاف فى إفادة صحفية مقتضبة "طرأ ارتفاع حاد فى عدد السوريين الذين يفرون إلى تركيا".
وقال: "هناك قرابة 65 ألف سورى الآن فى تسعة مخيمات فى تركيا، لكن أسماءهم كلهم لم تسجل رسميا، وهذا يعنى أن نحو 40 فى المئة وصلوا فى أغسطس".
وقال ادواردز إن أكثر من ألف سورى وصلوا إلى الأردن الليلة الماضية، وتعمل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لتحسين نسبة عدد الأشخاص إلى عدد دورات المياه - والنسبة الحالية هى 40 إلى واحد - فى مخيم الزعترى الذى يقيم فيه قرابة ثمانية آلاف من بين نحو 47 ألف لاجئ سجلوا أسماءهم فى الأردن.
وتقول وكالات الأمم المتحدة إن الوضع الإنسانى تفاقم فى سوريا مع تصاعد العنف وحرم المدنيون من إمدادات الغذاء والرعاية الصحية وغيرها من المساعدات.
وقالت رئيسة وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر فى سوريا ماريان جاسر "بالإضافة إلى حلب يدور القتال داخل مدن أخرى وحولها من بينها حمص ودمشق ودير الزور وإدلب ودرعا".
وأضافت فى بيان: "الهلال الأحمر العربى السورى يساعد هؤلاء المحتجزين فى القتال، حيثما يكون ذلك ممكنا بإجلاء المرضى والجرحى وبتقديم مساعدات عاجلة".
ووزع فريق العمل التابع للصليب الأحمر فى الأيام القليلة الماضية مساعدات على 25 ألف نازح يقيمون فى 62 مدرسة فى دمشق ووزعوا، كذلك أغذية وحشايا ومستلزمات صحية فى مدن من بينها حماة وحمص.
ونقلت المفوضية عن منسقة الإغاثة الإنسانية الأقليمية التابعة للأمم المتحدة قولها، إن نحو 1.2 مليون شخص أصبحوا مشردين داخل سوريا وإن الكثيرين منهم يقيمون فى مدارس أو مبان عامة أخرى.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية فى الأمم المتحدة فاليرى أموس فى ختام زيارة لسوريا أمس الخميس، إن ما يصل إلى 2.5 مليون شخص بحاجة للمساعدات فى البلاد حيث تحارب قوات الرئيس بشار الأسد مقاتلين من المعارضة يريدون الإطاحة به فى انتفاضة اندلعت قبل 17 شهرا.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن تفشيا لحالات الإسهال حدث بين سكان جزء من محافظة ريف دمشق بسبب تلوث إمدادات المياه بالصرف الصحى.
وقال ريتشارد برينان مدير قسم إدارة مخاطر الطوارئ فى المنظمة لرويترز "هناك 103 حالات اشتباه بالايكولاى فى جيب واحد فى ريف دمشق.. وهذا بسبب تلوث إمدادات المياه.
"سمعنا عن جيوب أخرى (لمرض الإسهال) فى مناطق أخرى بريف دمشق لكن ليست لدينا تفاصيل".
وقالت فاضلة شايب المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية إن 61 طفلا تحت سن العاشرة من بين الحالات المئة والثلاثة التى اكتشفت بين العاملين فى مجال الصحة فى مستشفى متنقل، وأضافت: "تم تنبيه السلطات المحلية وتتخذ إجراءات".
وقال برينان إن الأطفال يكونون على وجه الخصوص عرضة لأمراض الإسهال التى تتطلب علاجا يشمل المضادات الحيوية.
وأضاف فى إفادة صحفية مقتضبة: "نعلم من السلطات السورية أن ما يقدر بنحو 38 مستشفى و149 عيادة إما تضررت لدرجة كبيرة أو دمرت الأمر الذى يفاقم من سوء حالة توصيل الرعاية الصحية".
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن خبراءها يعملون على صيانة شبكات المياه فى حلب ودمشق وريف دمشق ودير الزور وحمص.
وذكر برنامج الأغذية العالمى أنه أوصل كميات من الغذاء إلى مئة ألف شخص فى حلب منذ بداية شهر يوليو تموز.
وقالت اليزابيث بيرز المتحدثة باسم البرنامج "رغم الصعوبات والعنف فإننا نتوقع الوصول إلى 25 ألفا هناك فى الأيام المقبلة"، وأشارت إلى أن الهلال الأحمر العربى السورى يوزع إمدادات برنامج الأغذية العالمى.
وقال مسؤول حفظ السلام فى الأمم المتحدة أمس إن الحكومة السورية والمقاتلين: "اختاروا طريق الحرب" فى حين أنهت المنظمة الدولية تفويض بعثتها للمراقبة فى دمشق بينما لا يزال الجمود بين القوى العالمية قائما بشأن كيفية الحد من الصراع الدامى.
قوات بشار تشعل الصراع فى سوريا.. طيران الأسد يقصف ريف حلب بالقرب من الحدود التركية.. وواشنطن وبكين ترحبان بتعيين الإبراهيمى خلفاً لعنان.. والأمم المتحدة: الآلاف يفرون من القتال وتفشى الإسهال قرب دمشق
السبت، 18 أغسطس 2012 10:41 ص