د. رضا عبد السلام

ثورة 24 أغسطس ... على مَن ولمصلحة مَن؟!

السبت، 18 أغسطس 2012 07:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكرر دائماً أننى لست إخوانياً ولا سلفياً ولا أنتمى لأى تيار سياسى أو دينى، ونفيى الانتماء إلى الإخوان أو غيرهم ليس سباً فيهم أو إقلالاً من قدرهم حاشا لله، ولكننى مؤمن بأننى كأستاذ جامعى يعمل بالشأن العلمى، ويكتب من أجل الوطن، عليه أن يبقى على الحياد ليكون حراً طليقاً، لا يكتب إلا ما يمليه عليه ضميره وصالح الوطن، هكذا أرى أستاذ الجامعة وكل صاحب فكر ورأى، فما كان فساد مصر خلال العقود الغابرة إلا لفساد عقولها، فأساتذة الجامعة كان منهم الترزى الذى يفصل التشريعات، والعالم الضال الذى يغير الحقائق ويزيفها لتجميل الحاكم ونظامه...الخ.

ومن منطلق قناعاتى تلك، أكرر السؤال: ثورة 24 أغسطس على مَن؟ ولمصلحة مَن؟ فقد قامت ثورة 25 يناير على نظام فاسد أفسد الحرث والنسل وهبط بمصر وشعبها إلى أسفل سافلين، أنا على قناعة تامة بأن جانباً مهماً مما نحن فيه من مشكلات يومية سببها الميراث الثقيل لنظام مبارك، فقد ترك لنا هذا النظام مجتمعاً خرباً، وأفراداً يغطون فى الجهل والأمية، ومؤسسات عرجاء غارقة فى البيروقراطية وموظفين مترهلين فى المؤسسات والجامعات والأحياء...الخ. كل هؤلاء – وهم ليسوا قلة – لا يمكن أن يكونوا أداة بناء، بل معول هدم وإحباط، يضاف إلى تلك الملايين من يسمون "بالنخبة السياسية" التى هبطت علينا من السماء، وكل واحد منهم يبكى على ليلاه، والشكر كل الشكر للإعلام الذى سمح لسرطانهم وتأثيرهم أن يصل إلى أعداد لا بأس بها من المواطنين.

وفى المقابل أمامنا رئيس منتخب بإرادة مصرية لأول مرة فى تاريخ هذا البلد، مؤكدا أن لكل منا ملاحظات على أداء مؤسسة الرئاسة أو مجلس الوزراء، ونحن لسنا بدعاً عن باقى دول العالم فى هذا الخصوص، فالرئيس الأمريكى أوباما يواجه انتقادات يومية لسياساته، ولكن لم تصل تلك الانتقادات إلى حد الترتيب لثورة عليه وإحلاله برئيس جديد لانج!

الحقيقة المؤكدة هى أن من يُعِدون لما يسمى مجازاً بثورة "24 أغسطس" إنما يحفرون نهايتهم بأيديهم، فيوماً بعد يوم ينكشف القناع عن هؤلاء، وتتخلى عنهم التيارات، حتى المعادية منها للتيار الإسلامى، الحقيقة المرة هى أن أيام الثورة صنعت لنا أبطالاً من ورق! منهم من تسلق على أكتاف الإخوان، حتى ظهر للعامة وبدأ يرى فى نفسه رمزاً وطنياً، ومنهم من مارس دور الطبال والزمار للحكام، فبعد أن كان يطبل لمبارك ويتفسح معه على طائرته الرئاسية، انتقل لمدح قادة المجلس العسكرى اعتقاداً منه بأنهم دائمون فهو لا يرى نفسه إلا فى هذا المستوى المتدنى، ومنهم من تحركه أيادٍ أجنبية بهدف الإبقاء على وضع البلاد فى حالة فوضى، لتهرب الاستثمارات وتتعاظم المشكلات، وليندم شعب مصر على ما قاموا به من ثورة! فأرجو أن يخطئنى أحد!
يا سادة، لو كنتم حقاً تنشدون الخير لهذا البلد، كفوا عن تلك الخزعبلات والأعمال الصبيانية المقززة، ووجهوا جهودكم نحو بناء هذا الوطن، سواءً كنتم مع الرئيس مرسى أو ضده، عليكم أن تضعوا أيديكم فى يده لأنه الرئيس المنتخب، هذا إذا كنتم حقاً تؤمنون بالديمقراطية وأبسط مبادئها القبول بنتائج صندوق الانتخاب.

يا سادة، الكرة الآن فى ملعب الإخوان، بعد أن تخلص الرئيس من رموز الدولة العميقة، باتت كافة أوراق اللعب بيديه وبيد حزب الحرية والعادلة، ومن ثم فإنهم الآن فى اختبار صعب أعانهم الله عليه، عليهم أن يثبتوا للشعب أنهم جديرون بحكم مصر، فإن فشلوا، بعد أقل من أربعة أعوام من الآن بيننا وبينهم صناديق الاقتراع، ولكن وكما ذكرت فى أكثر من مقال، علينا ألا نقف منهم موقف المترصد والمنتظر للفشل. علينا أن نأخذ بأيديهم وأن نعينهم على إنجاح برنامجهم، فإن فشلوا سيذهبون وتذهب ريحهم.

من جهة أخرى على قيادات حزب الحرية والعدالة أن يديروا البلاد بمنطق متحضر يليق بمصر الجديدة، بمعنى أنه ليس شرطاً فيمن سيخدم مصر أن يكون إخوانياً أو سلفياً، علينا أن نتخلص من روث الماضى البغيض، ولو واصل الإخوان سياسة الاختيار اعتماداً على معيار الثقة فإن التاريخ لن يرحمهم وسيكتبون نهايتهم بأيديهم، أتمنى أن يواصلوا رحلتهم التى بدءوها على أسس علمية حضارية، طالما صبت فى مصلحة مصر وشعبها.

وفى الختام، دعنى أذكرك عزيزى القارئ بدعوة شباب الثورة لعصيان مدنى عام 2011م، فشِل هذا العصيان لسبب بسيط وهو أن هؤلاء الشباب لم يستطيعوا تقديم مبرر مقنع للشعب بجدوى هذا العصيان! ما يطالب به حفنة المتاجرين بمصر وشعبها اليوم من ثورة يوم 24 أغسطس يذكرنى بشباب العصيان! للأسف ليس لديهم مبرر مقنع، وكل ما يفعلونه أنهم يتاجرون بمشكلات الشعب، بل يسهمون فى تعميقها سواءً (فى الكهرباء أو البنزين أو الخبز أو البلطجة...إلخ). لا يمكن لعاقل إلا أن يشتم رائحة فلول نظام مبارك وراء تلك الدعوات ومعهم من يبكون على ليلاهم من تجار الثورة الجدد، ولكن أذكركم ونفسى بقول الحق تبارك وتعالى، "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين". حمى الله مصر وشعبها من كيد الكائدين وحقد الحاقدين وتربص المتربصين... قولوا آمين.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

حسام العطار

منتهى الاحترام

كلام محترم من استاذ جامعى محترم ومخلص ووطنى

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد محمود - المنصورة

مقال محترم جدا

أشكر الكاتب المحترم على هذا المقال الرائع.

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى مغترب

الله عليك الله عليك يا دكتور... الله يكرمك وينور بصيرتك ويكتر من امثالك

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد

ممتاز

لا فض فوك يا دكتور و الله

عدد الردود 0

بواسطة:

اشرف

حفظ الله لسانك ويدك

عدد الردود 0

بواسطة:

نور

عندك حق

عدد الردود 0

بواسطة:

القائد

الله ينور عليك

انت راجل محترم

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب

مقال رائع ومتزن وصادق - انا مثلك انتمائى للشعب ولكل مصرى مقهور مطحون مظلوم

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

الله يعطيك العافيه

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد تركي

بصراحة كلام منطقي وكله عقل ووطنية

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة