قال معهد "ستراتفور" الاستخباراتى الأمريكى إن الرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين يلمحون إلى تعديل اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، بهدف الحصول على مزيد من المساعدات المالية من الولايات المتحدة من ناحية، وتأكيد سيطرة الحكومة على الجيش من ناحية أخرى.
وأشار المعهد المعنى بالتحليلات والتقييمات الاستخباراتية والمعروف بأنه "ظل المخابرات الأمريكية" إلى أن تعديل اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل سيكون خطوة لها شعبية سياسية بالنسبة للرئيس محمد مرسى، فكامب ديفيد التى كانت أساس معاهدة السلام غير مرغوب فيها على نطاق واسع فى مصر، كما أن الرأى العام اتجاه إسرائيل عدائى بشكل عام، إلا أن المكاسب السياسية على المدى القصير لمثل هذه الخطوة المحتملة لم تفعل شيئا لمعالجة أكثر الأمور التى تمثل تحديا للبلاد، وهى تحقيق النمو الاقتصادى وتوفير الوظائف فى ظل التحديات الكبيرة التى يواجهها الاقتصاد المصرى وتراجع احتياطى النقدى الأجنبى واحتمال تخفيض قيمة العملة. ورغم المساعدات المقدمة من قطر والسعودية، إلا أنها ليس كافية لحل الصعوبات التى يواجهها الاقتصاد المصرى.
ويمضى ستراتفور فى تقريره بأنه فى الماضى، كانت المساعدات الأمريكية التى تقدم لمصر وفق شروط كامب ديفيد تلعب دورا مهما فى دعم الجيش المصرى، ومن ثم الاقتصاد بشكل عام. والحديث العام عن مراجعة الاتفاقية هدفه على ما يبدو تشجيع الولايات المتحدة على تعزيز المساعدات أو على الأقل منع واشنطن من تخفيض قيمتها.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين أثارت قضية المساعدات المالية الأمريكية ومعاهدة السلام فى فبراير الماضى، وحذرت من أى قطع فى المساعدات الأمريكية التى تقدر حاليا بـ 1.5 مليار دولا سنويا سيلغى معاهدة السلام، وفقا لما يقوله المعهد.
ويشير معهد الاستخبارات الأمريكى إلى أن الاعتبارات المالية ليست وحدها الدافع الذى يقود خطة مرسى، حيث تعمل الجماعة حاليا على سبل للحد من سيطرة الجيش على الحكومة وقطاعات الاقتصاد، والسيطرة على العلاقة مع إسرائيل والولايات المتحدة من خلال التعديل المحتمل للاتفاقية والمساعدة التى تتدفق منها، لأن هذا سوف يساعد على تقليل نفوذ المؤسسة العسكرية على الدولة فى المدى الطويل.
وتتحجج الإخوان المسلمين بأن اتفاقيات كانب ديفيد قد تم فرضها على مصر وعلى الشعب المصرى على غير إرادته. وترى أن إعادة التفاوض على شروطها كى تسمح يوجود عسكرى مصرى دائم فى سيناء هو وسيلة لإعادة التوزان لعلاقة مصر بإسرائيل، يكون فيها مساواة بين الطرفين، إلا أنه نظرا للتاريخ المضطرب للبلدين، فإن الدور الإستراتيجى الحاسم لسيناء هو قصية شديدة الحساسية، على حد تعبير المعهد.
ويذهب التقرير الأمريكى إلى القول بأن تزايد انعدام الأمن وتوسيع الوجود العسكرى المصرى فى سيناء، إلى جانب التغييرات الأخيرة الى أدخلها مرسى على القيادة العسكرية ربما تشير إلى محاولة من جانب الإخوان المسلمين لكسب نفوذ أكبر على الجيش. وفى نفس الوقت فإن هذا الأمر قد يدفع إسرائيل والولايات المتحدة إلى فتح حوار مع الإخوان المسلمين حول هذه القضية، وعلى الرغم من تحفظاتها، فإن واشنطن قد اعترفت بالفعل بحقيقة وجود حكومة إسلامية فى مصر، وإسرائيل التى واجهت اضطرابا وتغييرا على كل حدودها تشعر بقلق شديد إزاء ما سيحدث فى مصر، وبشأن اتفاقية كامب ديفيد على المدى الطويل.
ويرى المعهد أنه بينما لا يريد الإخوان تعليق أو إلغاء الاتفاقية، إلا أن المراجعة المحتملة ستلفت انتباه إسرائيل بالتأكيد. وفى نفس الوقت تحاول الأخيرة تجنب سيناريو ستؤدى فيه استعداداتها العسكرية إلى تصعيد التوتر مع مصر، نطرا للقضايا الإقليمية الأخرى التى تواجهها بالفعل. وهذا يمنح مرسى والإخوان المسلمين نفوذا، حتى للضغط من أجل الحصول على مزيد من المساعدات الأمريكية إذا أرادت واشنطن الحفاظ على الوضع الحالى.
من ناحية أخرى أوضح ستراتفور أن مراجعة كامب ديفيد يبعث برسالة مفادها أن الحكومة الجديدة ترى سلطتها على السياسة الخارجية لمصر مساوية لتلك التى كانت للحكومة السابقة، على الرغم من أن صلاحيات مرسى لم تحدد دستوريا، ولا يزال البرلمان معطلا.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد ذكرت صراحة أنها لن تلغى الاتفاقية، إلا أن هذا لا يعنى أنه حتى محاولة تعديلها لن تزيد التوتر مع إسرائيل، لكن فى ظل القيود التى تواجه الرئيس مرسى والحاجة الملحة لإحياء الاقتصاد المتعثر، فإنه من غير المحتمل أن تضغط مصر على إسرائيل إلى حد بعيد.
معهد ستراتفور الأمريكى: مرسى والإخوان يلوحون بتعديل اتفافية كامب ديفيد للحصول على مزيد من المساعدات الأمريكية.. والخطة تهدف أيضا لتأكيد سيطرة الحكومة على الجيش وعلى السياسة الخارجية
الجمعة، 17 أغسطس 2012 11:21 ص