السيد رئيس جمهورية مصر العربية:
ما زالت الفتن الطائفية التى ما تلبث تهدأ حتى تنشب فى مجتمعنا، تأتى كنتاج طبيعى، لدفن الدولة المصرية رأسها فى الرمال منذ عقود فيما يخص سبل حل الصراعات المجتمعية، وعدم الاكتراث بوضع رؤية علمية للتعامل مع تلك الأزمات، فباتت الحلول إما قبلية تحت رعاية الأمن وبمباركة صمت سياسى، وإما أمنية قمعية حادة.
وكان الجهاز الأمنى المسئول عن هذا الملف الحساس، هو جهاز مباحث أمن الدولة، وهو كان وما زال يملك "الخرائط المعلوماتية والإحصائية المفصلة" للمكونات الطائفية، فى كل بقعة من أرض مصر.
ومن يملك تلك الخرائط، يملك تنشيط الفتنة عندما يريد، وفى أى مكان شاء.
وتتحول الصراعات الطائفية مع مرور الوقت تحت حكم نظام مستبد، إلى وسيلة تستخدم سياسيا وإعلاميا فى الوقت المناسب المصلحة النظام وخدمة أهدافه، وأكبر دليل على ذلك هو حادث كنيسة القديسين البشع، التى تشير كثير من أصابع الاتهام فى تدبيره إلى وزارة الداخلية آنذاك، وقياسا على القاعدة القمعية فى عصر مبارك فلا يمكن استبعاد ذلك التصور، كأحد أكبر الاحتمالات.
وبعد ما اتخذته إدارتك من إجراءات سياسية حاسمة فى الأيام الأخيرة، أؤكد لك أن إزكاء الفتنة بين مسلمى ومسيحيى الشعب، سوف تستخدم ضد نظامك، كواحد من أهم أسلحة خصومكم السياسيين، ضاربين بالسلام المجتمعى عرض الحائط.
لا يعنينى فى هذا المقام نصرة نظام حكم على معارضيه، إنما يعنينى عدم تقديم المصاعب السياسية وتحديات التنمية، على سبل العمل على استتباب السلام المجتمعى فى مصر.
سيادة الرئيس:
يجب أن تعمل إدارتك على تشكيل كيان سيادى للعمل على وضع الخطط التنفيذية على المدى القصير والمتوسط لحل الصراعات الطائفية وبناء السلام المجتمعى.
ولتعلن رئاسة الجمهورية من فورها عن مسابقة لتشكيل كوادر ذلك الكيان التنفيذى، الذى يتبع رئاسة الجمهورية، يتقدم إليها كوكبة من الخبراء الاسترتيجيين فى هذا المجال بمشاريعهم، فتقدم بذلك الكفاءة والحيادية وحب المصلحة العامة، على كل مصلحة حزبية أو شخصية للمتقدمين.
ولا أبالغ إن قلت إن تلك التجربة سوف تكون عماد نشر القوة الحضارية الناعمة لمصر بين دول كثيرة، تعانى من الطائفية.
نريد العمل على إنشاء أكبر شبكة إنذار مبكر مدنية ضد الفتن المجتمعية، تضمن ذلك الاستقرار المنشود.
الوقت يداهم مصر، ويداهم استقرارها، ولا أمل فى تنمية حقيقية، وقوة لهذا البلد وسيادة، دون استقرار مجتمعى.
سيادة الرئيس..
ضع ذلك الأمر فى قائمة أولويات نظام حكمك، فهو بوابة عودة مصر إلى مصاف الدول المتقدمة إنسانياَ ومجتمعياَ، وهو صمام الأمان الأكيد للتنمية.
ولا أدرى كيف سيسامحنا الله إن قصرنا فى تحقيق ذلك الهدف.
محمد جادالله يكتب: السيد الرئيس:ألغام الفتنة تنتظرنا.. هل من مجيب؟
الجمعة، 17 أغسطس 2012 12:13 ص