من المتعارف عليه أن الدولة هى تنظيم ذو شخصية اعتبارية يقوم على وجود شعب يقيم على اقليم معين ووجود سلطة ذات سيادة تسيطر على هذا الشعب وهذا الإقليم.
ويتضح من هذا التعريف العلمى أن الدولة هى مجرد نوع من التنظيم يقوم على أساس توافر ثلاثة عناصر أو أركان هى: الشعب والإقليم والسلطة ذات السيادة، وتحقيقا لاستمرار هذا التنظيم ولتمكينه من العمل باسم مجموع الشعب فقد جرى العمل على تقرير شخصية اعتبارية مستقلة لهذا التنظيم.
والحقيقة أن هناك ثلاث نتائج تترتب على الإعتراف للدولة كتنظيم بشخصية اعتبارية مستقلة أولها: أن السلطة كركن من أركان الدولة لا تزول مطلقاً بزوال أشخاص الحكام الذى يمارسون هذه السلطة، على اعتبار أن هذه السلطة ليست أمراً تابعاً أو مملوكاً لهؤلاء الحكام، وثانيها: أن الحكام عندما يمارسون السلطة بإصدار القوانين والقرارات وإبرام المعاهدات مع الدول الأخرى فإنهم يتصرفون باسم الدولة ونيابة عنها، وثالثها: أن الدولة تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة عن أشخاص الحكام والمحكومين، ومن ثم تتمتع الدولة بالحقوق وتلتزم بالالتزامات ويكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذمة الحكام والمحكومين، كما يمكن أن يبرم باسمها العقود مع الأفراد والمعاهدات مع الدول الأخرى.
ومن الأهمية بمكان أن نلقى الضوء سريعاً على أركان الدولة الثلاثة حتى نستطيع التوصل إلى الهدف المنشود من هذا المقال، فقد أشرنا فيما سبق إلى أنه يتعين لقيام الدولة توافر ثلاثة أركان أساسية هى الشعب والإقليم والسلطة ذات السيادة.
ووفقاً للركن الأول من أركان قيام الدولة وهو الشعب لا يتصور قيام دولة بغير مجموعة من البشر، وهم المجموعة البشرية التى تتمتع بجنسية الدولة وفقاً للقوانين المنظمة للجنسية فى هذه الدولة.
كما يشترط لقيام الدولة توافر ركن آخر يعرف بركن الإقليم، فمن المستقر عليه أن تختص كل دولة بإقليم معين يعيش عليه شعبها وتمارس الدولة سلطاتها على كل من يقيم عليه، ويمتنع على الدول الأخرى أن تتعدى على هذا الإقليم، ويشتمل إقليم الدولة التى تطل على البحار على الإقليم الأرضى والمياة الإقليمية والإقليم الجوى، أما الدول التى لا تطل على البحار فإن إقليمها يشتمل على الإقليم الأرضى والإقليم الجوى فقط.
وفيما يتعلق بالركن الثالث من أركان قيام الدولة والذى يعرف بالسلطة ذات السيادة، فالواقع أنه لا يمكن أن تقوم الدولة بغير توافر هذا الركن، والمقصود بالسلطة هنا القدرة على السيطرة على إقليم الدولة وعلى كل من يقيمون عليها ولو عن طريق استخدام القوة المادية عند الضرورة، ويقوم على ممارسة هذه السيطرة مجموعة من الأفراد يشكلون الجهاز الحاكم فى الدولة، وقد جرى العمل على أن يتكون هذا الجهاز من رئيس الدولة وسلطة تشريعية وسلطة تنفيذية وسلطة قضائية، ويتعين على هذا الجهاز أن يتسلح بقوة عسكرية من الشرطة والجيش تفرض الإلتزام بالخضوع لأوامره على كل من يقيمون على إقليم الدولة، كما تكفل منع قيام سلطات دول أخرى من بسط سيطرتها على إقليم الدولة أو على من يقيمون عليه.
ولبيان مدى تطبيق ما سبق عرضه فى دولة عظيمة وشامخة كجمهورية مصر العربية نجد أن هناك سؤالاً فى غاية الأهمية يفرض نفسه هنا مؤداه: أين قدرة الجهاز الحاكم فى مصر فى السيطرة على كامل إقليم الدولة وخاصة على الشريط الحدودى بمدينة رفح ؟
وبمعنى أكثر دقة ووضوح ماذا يعنى ما طالعتنا به الصحف من قيام الجيش المصرى بنقل عشرات المعدات والالآت الثقيلة والحفارات إلى الشريط الحدودى بمدينة رفح تمهيداً لبدء عمليات هدم وتدمير الأنفاق التى يقدر عددها تقريباً بـ 1200 نفق بطول الشريط الحدودى بين مصر وفلسطين البالغ طوله 13 كليو مترا؟
فهل حصل أصحاب هذه الأنفاق على ترخيص من السلطات المصرية بفتحها؟ وإذا كان ذلك لم يحدث فلماذا استمرت بهذه الوضع الذى يمثل تعدياً صارخاً على سلطة الدولة المصرية وعلى قدرتها فى السيطرة على كامل إقليمها ؟
والحقيقة التى لا مراء فيها أن الإجابة على هذه الأسئلة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك أصحاب مصالح غير مشروعة من وراء تلك التعديات خاصة من رجال النظام السابق.
ويبقى السؤال الأهم الذى يحتاج إلى إجابة قاطعة: لماذا استمر هذا الوضع المتردى بعد قيام ثورة 25 يناير المجيدة؟ وأين السلطات المصرية الحالية من ذلك؟ ولماذا التحرك فقط بعد الحادث الغادر والذى وقع على الحدود الشرقية فى رفح؟
"حفظ الله مصر وشعبها العظيم"
د.أشرف إسماعيل عزب يكتب: أنفاق رفح.. وسيادة الدولة
الجمعة، 17 أغسطس 2012 09:07 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مروان
الانفاق مصلحة مشركة
عدد الردود 0
بواسطة:
سيناويه
سينا