استوقفنى مقال كُتب فى جريدة الجمهورية، بتاريخ 5 أغسطس الجارى، تحت عنوان "كليات الحمير ترفض النابغين"، هذا العنوان الذى أثار اشمئزاز كل من ينتمى إلى تلك المهنة العريقة (مهنة الطب البيطرى) وأثار الجدل على صفحات الإنترنت بين أبناء المهنة، لما يحمل من إهانة للطبيب البيطرى ولأطباء وطلاب شرفاء لا يقبلون مثل تلك الإهانة.
وأقول لمن يجهل الطبيب البيطرى أو منه يغير، أكان طيبا أو شريرا، إنها ليست كليات حمير، ولكنها كليات ومنابر تبصير، تضىء المجتمع الضرير، وتسعى للتحرير من أمراضٍ لا تفرق بين صغير وكبير، والكل لها أسير، فى وقتٍ العالم يستجير، والصحة تاج صار عسير، والوطن يشيد بالبيطريين ويشير إلى جهدٍ يستحق التقدير ويستحق المساعدة لا التحقير، نعم نستطيع الرد والتحذير، لكن الهدف أسمى بكثير والعمل أسمى أن يسير بلا شوائب أو تخدير، وفقط بالعمل الغزير الأمة بنا تستنير ويكون الطبيب البيطرى بالثقة جدير.
ويأتى هنا سؤالى عن الفن، أهو أكذوبة أم أننا نمتلك ثقافة فن حقيقية تسعى للنهوض بالعقل المصرى وترسم نسيج الحقائق فى عقول أبنائنا، أم أننا نحن من يكذب حينما وصفنا كل ما يحلو لنا بالفن الهادف، ودون النظر لما يحتويه من منهج وفكر، فى حين أن كثيراً منه لا يوجد فيه شىء من الفن والثقافة، كأفلام عديدة صنعت لتضحك الجمهور ولتحصل أعلى عائد مادى، وربما فى سبيل ذلك تهون القيم والمبادئ ويُعبث بالعقول ويُوصف أصحاب المهن العظيمة بأوصاف لا هدف لها سوى التشويه ولا مبرر لها سوى الحقد، وتجاهلنا أن الحق أحق أن يُتّبع واتبعنا أهواءنا من أجل المادة وفى ظل غياب للرقابة العادلة.
ويأتى سؤالى الآخر عن الإعلام بأنواعه، ما هو الدور الحقيقى للإعلام؟ أهو دور إرشادى وتعليمى حقاً أم هو دور مصطنع، كالطبيب الذى ليس لديه سوى مريض واحد، وهنا دائماً ما يسعى الطبيب لعلاج المريض، لكن الإعلام هل يفعل ذلك؟؟
لست أدرى ماذا كان لمجلس قيادة ثورة يوليو الذى أسس جريدة الجمهورية لتكون صوت الشعب أن يفعل إذا قرأ أحدهم فيها مقالا بعنوان "كليات الحمير ترفض النابغين"، أكان هذا الأمر يمر مرور الكرام أم كان سيحاسب من أهان أحد أنبل المهن فى العالم.
الحرية يا سادة تنتهى حينما تبدأ حرية الآخرين وتُعاقب حينما تجرح كرامة الآخرين وتُحارب إذا أهانت الآخرين، ولا أعرف أهى رقاقة أم فقاقة أم هى حداقة بيد أنها تبدو حماقة وتدفعنا نحو مجتمع رعشى وارتجافى، تلك التجاوزات التى اجترأت على مجتمعنا منذ أن أصبحنا فرقاء وصرنا أسرى لمصالحنا ولأهدافنا، بغض النظر إلى أن الحياة تتسع لنا جميعاً وأن رفعةً ما تنهض على أكتاف الذل لمذلة أحط من الذل، وأن الضمير إذا لم يتأن ويتدبر، سوف يمسى عجوزاً ويصبح مريضاً ويترنح ما بين الحق والباطل، فيضل طريقه تارة ويضيع منه الحق تارة أخرى ويصير حطاماً لا روح فيه ولا أمل.
إن أقدار الشعوب لا يصنعها من يتاجر بالعلم ويقلل من شأن العلماء وشأن المفكرين وشأن الأطباء الذين يبذلون الغالى والنفيس من أجل الوطن، إنها يصنعها المخلصون والمقدرون والمؤمنون بقول النبى، صلى الله عليه وسلم، "من لا يشكر الناس لا يشكر الله".
الطبيب البيطرى الذى يدرس فى خمسة أعوام يستوعب فيها كل نواحى الطب ويدرس من المواد العلمية ما يجعله قادراًَ على أن يعمل فى مجالات عدة وأفق كثيرة مازال يعانى منذ فيلم (آه من حواء) وحتى الآن من نظرة غير ممثلة للحقيقة من البعض ممن لا يعملوا قيمة ما يفعله الطبيب البيطرى، ولديه أيضاً مشاكل أخرى كثيرة لعل أهمها أنه بلا وزارة مستقلة، وتأتى أهمية الوزارة المستقلة للوطن أكثر منها للطبيب لأننا فى أمس الحاجة لمشروع قومى للنهضة بالثروة الحيوانية ولدينا من الخبرات ما يُستعان بهم فى كل دول العالم.. ونحن أولى الناس بعلمائنا، ولعل ثورة 25 يناير تكون بداية جديدة لحلم جديد قابل للتحقق والصمود والنهضة بوطن يستحق حقاً النهوض.
محمود رفعت زعلوك يكتب: الطبيب البيطرى فى مرمى السهام
الخميس، 16 أغسطس 2012 01:50 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
طبيب
مشاكل لا تنتهي
عدد الردود 0
بواسطة:
nody
like
عدد الردود 0
بواسطة:
Hesham Tayel
لك كل التقدير اخي العزيز
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed awad
كلام عظيم جدا
عدد الردود 0
بواسطة:
د/حاوم درويش عضو مجلس النقابة العامة للاطباء البيطريين
هذه هى الصحافة التى نريدها بعد الثورة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
تسلم
تسلم يا غالى
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام عبد العال
براافووووووووووووووووووووو
عدد الردود 0
بواسطة:
fadel abdo
ليت الاعلاميين يتعلمو منك
عدد الردود 0
بواسطة:
د.أحمد فؤاد
شكرا لكل من رد الحق لاصحابه
ربنا يهدى كل اصحاب العقول الى الخير
عدد الردود 0
بواسطة:
Mahmoud Oraby
شكرا جزيلا
الف شكر اخى الكريم وأداء رائع