بعدما نزلت أحداث الاعتداءات على سيناء كالصاعقة على المصريين أيقن الكثيرون أن المقصود من هذه العملية الإرهابية شيئان لا ثالث لهما وهو إحراج ثم إسقاط الرئيس مرسى والحكم بالسجن على سكان غزة بعدما صُرح لهما بالمرور إلى مصر بدون تأشيرة وفتح لهم معبر رفح وهو المتنفس الشرعى الوحيد لهم.
زاد من تأكيدات ذلك الأمر ما حدث فى الجنازة العسكرية لشهداء سيناء حيث مُنع الرئيس من حضور تلك الجنازة بدعوى عدم القدرة على تأمينه وهو ما عكس مدى ما يُدبر له ليزيد الأمر بالنسبة له سوءً على سوء.
انقلب السحر على الساحر حيث اتخذ الرئيس حزمة إجراءات كانت كفيلة بتدارك الأمر حيث ذهب مسرعاً إلى سيناء لتفقد الجبهة الملتهبة بنيران غضب المصريين على أبنائهم ثم أعقبها بزيارة أخرى ليجلس على مائدة إفطار تلك الكتيبة المنكوبة.
صاحب زيارة الرئيس الحملة العسكرية التى هى الأولى من نوعها منذ حرب أكتوبر حيث وجد المواطن المصرى أن الجيش المصرى يسير فى أراضى سيناء بأسلحة ومعدات ثقيلة وطيران ومركبات ما كانت لتجد لها مكاناً على تراب سيناء فى ظل الشروط المزعومة باتفاقية كامب ديفيد المهينة والتى حرمت مصر من حماية أراضيها مما جعلها مطمعا للقاصى والدانى.
أدرك الجميع منذ تولى الرئيس مرسى أن هناك رئيسين للمركب المصرية والذى لابد إن ظلت على ذلك الحال أن تغرق فى بحر الخلافات الموجودة بالفعل وهو ما أربك الجميع لصعوبة المرحلة التى تمر بها البلاد برغم من إدعاء كل الأطراف أنه لا يريد إلا مصلحة مصر فكان لزاماً أن ترسو القيادة على واحد فقط ليحمل المسئولية كاملة ولكن كيف يكون ذلك والمنافس هو المؤسسة العسكرية التى ملكت زمام الأمور على مدار ستين عاما.
جاءت قرارات الرئيس بإقالة كبار رؤساء المجلس العسكرى بصورة مذهلة أذهلت الجميع وسبب ذلك هو جرأة اتخاذ ذلك القرار وتوقيته الذى كان أشد المتفائلين يعتقد أن إمكان فعل ذلك لا يكون إلا بعد مرور سنين على الأقل، والأكثر دهشة هو كيفية تنفيذ تلك القرارات بحيث يضمن عدم إحداث الصدام الذى كان يخشى حدوثه والمخاوف التى كانت تنتاب الجميع من أثرها على المستقبل المصرى غير أنها حدثت بصورة مبهرة بكثير من التفاهمات التى جرت بين الأطراف المعنية حيث كانت القيادة الجديدة تنتظر أداء القسم بمجرد النطق بالقرارات وهو ما يؤكد التأكد من تطمينات من الصفوف الخلفية للقيادة العسكرية بما يضمن عدم حدوث تصدعات فى الجيش المصرى الذى نحرص جميعاً على وحدته وقوته وما اتضح فى اختياراته حيث كان بديل المشير هو مدير المخابرات الحربية وهو ما يضمن إدراكه بكل بواطن أمور الجيش من صغيرها إلى كبيرها وتصعيد قيادات أكثر شبابية وقبولاً لدى صفوف الجيش بالإضافة إلى الخروج غير المهين لمن خرجوا وهو ما يحسب حقيقة لجميع الأطراف الذين اتفقوا على مصلحة الوطن.
لاشك أن الرجل ظلم ظلماً بيناً أشاعوا عدم كفاءته للمنصب وقلة خبرته بسياسية الدولة وفكره الكلاسيكى الخالى من الإبداع، غير أن الرجل أثبت أنه رجل سياسة من الطراز الأول و فاقت خبرته خبرة رؤساء أمضوا سنين طويلة فى الحكم وحكمته فى إنهاء الخلافات من غير أن تخلف صراعات أو صدامات أضف إلى ذلك جرأة مدهشة فى اتخاذ القرار أثارت إعجاب الرئيس التركى الذى اختصر الموضوع كله فى قوله: إن الرئيس المصرى فعل فى أيام ما فعلناه فى خمس سنين.
الآن تأكد الجميع أن الرئيس مرسى جدير بقيادة مصر لنقلها إلى مصاف الدول المتقدمة وهو ما تستحقه تلك الدولة العظيمة التى تعتبر درة الدول.
