كلما طالعت شاشات الفضائيات ووجوه النخبة – و"كل" هنا للتغليب لا التعميم - تذكرت حكاية الفتاة التى أضربت عن الزواج بسبب عقدتها من رؤيتها أباها يضرب أمها، والذى أصابته فوبيا الظلام أو الأماكن المرتفعة أو.. أو.. نتيجة خبرات سلبية سابقة فى ظروف غير طبيعية، أو كما نقول فى مصر: (اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى). ويقولون فى المغرب (اللى عضّو الحنش يخاف من الحبل).
أستدعى كل هذا التراث الفوباوى المرضى وأنا أسمعهم يثيرون فى وجوهنا فزاعة إعادة إنتاج الفرعون، وأرى أن هذه الفزاعة فوبيا مرضية مثلها مثل غيرها من الفوبيات غير المبررة.. الواقع أن النفاق يصنع الفرعون.. والخنوع والذلة ورضا المهانة وقبول الإهانة، والخوف المرضى، والسكوت عن قول الحق، وعدم التعبير عن الرأى، وترك المشاركة فى العمل العام، وعدم تقوية مؤسسات المجتمع المدنى، والتلون الإعلامى، والتزلف المؤسسى من مؤسسات الدولة المختلفة.. كل هذا وأشباهه ونظائره يصنع الفرعون ..
إن القضاء على هذه الممارسات النفاقية الفجة - التى مارسها واعتادها وأجادها المتلونون والمتحولون وماسحو الجوخ، وأغلبهم للأسف الشديد ممن يثيرون فزاعة صناعة الفرعون اﻵن!! - كفيل فى حد ذاته بتقليل فرص صناعة الفرعون.. إن الفوضى وحرية ممارسة الكذب والتضليل وخداع الرأى العام، وإطلاق الشائعات المغرضة ومحاولة تعطيل مؤسسات الدولة وإثارة البلبلة والحض على الكراهية والتحريض على فئات من الشعب.. كل هذا لا يمنع صناعة الفرعون، ولكنه يعمل بالتأكيد على زعزعة استقرار الدولة وتقويض هيبتها وامتهان مؤسساتها وسقوط رموزها.
إن ما أقوله ليس كلامًا واسعًا فضفاضًا واتهامات جزافية يمكن إلصاقها بأى أحد، وإنما هو معايير محددة تحدد الفرق بين الرأى والسباب، الرصد والتجنى، الحرية والفوضى، المعارضة والتربص!!
إننى من موقع المعارضة أحذر من صناعة الفرعون وسقوط حقوق مؤسسة الرئاسة على السواء، فكلاهما خطر على مصر.
وأبشركم بأن زمن الفرعون انتهى، فنحن فى زمن الشعب، إن سيادة الشعب وإرادته يعكسها نتيجة الصندوق، وعلى الجميع احترام إرادة الشعب وحده.
