ملتقى الحوار للتنمية: تقييد الصحافة والإعلام خطر يهدد الدولة

الأربعاء، 15 أغسطس 2012 12:49 ص
ملتقى الحوار للتنمية: تقييد الصحافة والإعلام خطر يهدد الدولة وقفة لحرية الإعلام - أرشيفية
كتب أحمد مصطفى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعرب ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، الثلاثاء، فى بيان له عن بالغ قلقه وانزعاجه إزاء الإجراءات التى صدرت مؤخرا ونالت كثيرا من حرية الصحافة والإعلام، وخالفت كافة المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، وانتقصت كثيرا من قيمة حرية الصحافة والإعلام باعتبارها مقياسا لديمقراطية الأنظمة السياسية، فضلا عن كونها مؤشرا – ذا دلالة قوية – يؤكد جدية المخاوف من الانقضاض على الحريات العامة نتيجة وصول الإسلاميين لمقاعد السلطة فى مصر.

وأضاف البيان، أن حرية الرأى والتعبير تمثل إحدى أهم الآليات فى دعم وبناء النسق الديمقراطى داخل أى مجتمع، ولا يمكن الحديث عن هذه الحرية دون التعرض لحرية الصحافة باعتبارها الاستحقاق الأكثر اشتمالا لحرية الرأى والتعبير والصورة الأمثل لممارستها بما تحتويه من نشر للأنباء والآراء والأفكار وما تتيحه من تداول للمعلومات، وتمكين الأفراد من الاطلاع عليها، وهو ما يتأكد وحق الإنسان فى المعرفة وما يستتبعه من تدفق للمعلومات وتداولها، وعلى هذا فإن الحق فى المعرفة يعتبر الوجه المكمل لحرية التعبير إذ إنه هذه الأخيرة تعنى حق الإنسان أن يعبر عن آرائه وأفكاره وهو ما يحتوى ضمنا على حق متلقى هذه الآراء والأفكار والمعلومات فى وجود سبل ومنافذ تتدفق من خلالها.

وأكد الحوار أن حرية الصحافة، بأشكالها المختلفة، تمثل الضمانة الأهم والأكثر انتشارا لحق الإنسان فى المعرفة والحصول على المعلومات، لذا فقد جاء فى ديباجة عهد الشرف الصحفى الدولى الذى وضعته لجنة حرية الإعلام التابعة للمجلس الاقتصادى والاجتماعى فى دورتها الرابعة عشر 1952 "إن حرية الإعلام والصحافة حق أساسى من حقوق الإنسان ومحك لجميع الحريات التى ينوه بها ميثاق الأمم المتحدة وينص عليها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، فهى عامل جوهرى يتطلبه التقدم فى سبيل التوفيق وصون السلام"، وهى جزء من الحريات العامة فى المجتمع وليست مقصورة على من يصدرون الصحف أو يكتبون فيها، ولكنها حق لأفراد الشعب، يواكب التطور الهائل للمجتمع من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وهى بالتالى تستوجب عدم خضوعها لأى رقابة سابقة على النشر واستقاء الأنباء ونشرها وأيضا حرية إصدار الصحف دون الخضوع لهيمنة الحكومة.

وأشار البيان إلى أن حكومة الرئيس مرسى قد أخذت على عاتقها ارتكاب كافة الانتهاكات لحرية الصحافة، وفى أقل من أسبوع، قامت بمصادرة صحيفة ومنع كاتبين من نشر مقالاتهما وغلق قناة فضائية، كما تم الاعتداء على أحد أعضاء الجماعة الصحفية، وذلك على النحو التالى:

أولا: مصادرة جريدة الدستور:

وأضاف البيان إلى أن الأجهزة الرقابية بوزارة الداخلية توجهت فجر السبت 11 أغسطس، إلى مطابع جريدة الجمهورية وطلبت أصل صفحات جريدة الدستور "الزنكات" بعد طباعتها بساعات قليلة بعدما ورد إليها معلومات عن قيام الجريدة بنشر مواد صحفية تمس شخص رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى وتتناوله بقدر من الإساءة والإهانة، إلا أن المسئولين عن الطباعة رفضوا إعطاءهم الزنكات، لعدم حصولهم على إذن من النيابة العامة وقد توجهوا بعدها لجميع بائعى الصحف فى منطقة وسط البلد وسحبوا عدد الجريدة قبل توزيعه.

ثانيا: منع مقال ثروت الخرباوى

قامت صحيفة الأهرام بمنع مقال للكاتب والمحامى ثروت الخرباوى عن الدولة المدنية فى الإسلام من النشر تحت عنوان "ليت الذين يحكموننا يفهمون"، وذلك دون إبداء أى أسباب.

ثالثا: اقتحام مكتب عبلة الروينى فى أخبار الأدب ومنع مقالها فى الأخبار،
وقالت الكاتبة الصحافية عبلة الروينى، رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب، إنها فوجئت ظهر أمس الأول الخميس، عقب دخولها لمكتبها بمقر الجريدة بأن المكتب قد تم اقتحامه من قبل رئيس التحرير المزمع تعيينه من قبل مجلس الشورى، ذى الأغلبية الإخوانية، برغم أنها لم تقم بعد بإخلاء طرفها من الجريدة، وأن المكتب يحتوى على العديد من المحتويات الشخصية التى لا يجوز لأحد أن يطلع عليها أو يحتل مكتبها من دون إذنها، وكان عدد الجمعة من جريدة "الأخبار" اليومية قد صدر من دون مقال الكاتبة عبلة الروينى بسبب اعتراضها على حذف كلمة "أخونة الصحافة" فى إشارة منها إلى حركة التغييرات الصحافية التى أجراها مجلس الشورى الأسبوع الماضى، وكان من نتائجها إبعاد "الرويني" عن رئاسة تحرير جريدة أخبار الأدب، وهو المنصب الذى تتولاه منذ ما يقرب من عام ونصف.

رابعا: إغلاق قناة الفراعين:
أعلن حسن حامد رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى، أن قرار إغلاق قناة الفراعين جاء بعد تجاوز القناة كل الحدود وعملها على بث الكراهية والوقيعة بين الناس، وأن مجلس إدارة المنطقة الإعلامية الحرة هو صاحب قرار إغلاق القناة لمدة 6 أسابيع وإنذارها بعدم الاستمرار على نفس الممارسات السابقة، وأوضح رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى أن قرار إغلاق القناة عقاب للقناة، ولكن عقاب توفيق عكاشة قد يصل للحبس.

خامسا: الاعتداء على خالد صلاح

أمام البوابة الرابعة بمدينة الإنتاج الإعلامى فوجئ الصحفى والإعلامى خالد صلاح بتجمهر كبير من شباب يدعون أنهم شباب الإخوان ويهتفون ضد من يصفوهم بـ"الإعلاميين المتحولين"، كما كانوا يهاجمون مهاجمى الرئيس محمد مرسى
وبمجرد محاولة خالد صلاح دخول المدينة منعوه تماما موجهين التهم له بالعمل ضد مصلحة البلد، والتحيز ضد رئيس الجمهورية، وعندما حاول النقاش معهم وجهوا له السباب، وقاموا بتحطيم سيارته تماما لولا تدخل أمن المدينة وقد قام بالتوجه إلى قسم أكتوبر وتحرير محضر ضد قيادات حزب الحرية والعدالة وأبرزهم عصام العريان متهما إياه بالتحريض ضده.

ويشير ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان إلى أن تلك الوقائع تمثل جملة من الانتهاكات لحرية الصحافة والرأى والتعبير المؤكدة والمحمية بالعديد من المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية بداية من نص المادة 11 من الإعلان الفرنسى لحقوق الإنسان والمواطن الصادر عام 1789 والمادة 19 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان وأيضا المادة 19 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، كما لم تخلو- تقريبا- أية وثيقة دولية من التأكيد والالتزام بحرية الرأى والتعبير، مثل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية والميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب والميثاق العربى لحقوق الإنسان والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، وفى إطار توصيات المنظمات غير الحكومية المرفوعة إلى المؤتمر العالمى لحقوق الإنسان المنعقد فى فيينا يونيو 1993، حيث جاء فى التوصيات المتعلقة بالعلاقة بين حقوق الإنسان والتنمية والديمقراطية فى البند (17) "ضمان الحق فى الإعلام باعتباره يشمل الحق فى الحصول على معلومات محايدة غير خاضعة للرقابة، وفى إنتاجها والوصول إليها دون احتكار".

أما على الصعيد الداخلى فقد حرصت الدساتير المصرية المتعاقبة بداية من دستور 1923 وحتى دستور 1971 على تأكيد حرية الرأى والتعبير والصحافة، حيث كفل الاخير حق الأفراد فى حرية الرأى والتعبير والإبداع، وجاء النص عليها فى الباب الثالث المعنى بتحديد الحقوق والواجبات العامة فى المجتمع، ونص عليها فى المواد (47 – 48 – 49)، فضلا عن تخصيص باب فى الدستور لسطلة الصحافة.

حتى بعد وقف العمل بدستور 71 وإصدار إعلان دستورى فى أواخر مارس 2011 لم يغفل التأكيد على حرية الصحافة، حيث نصت المادة 13 من الإعلان على أن "حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على الصحف محظورة، وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإدارى محظور، ويجوز استثناء فى حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة فى الأمور التى تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومى، وذلك كله وفقا للقانون".

تعكس النصوص الدستورية سالفة الذكر مدى حرص المشرع المصرى على حرية الرأى والتعبير والإبداع وإلزام الدولة بالعمل على توفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك.

الان وبعد وصول الدكتور مرسى لمقعد الرئاسة وسيطرة حزبة الحرية والعدالة على مقاليد الأمور فى البلاد، تزداد المخاوف من محاولات الهيمنة الإخوانية على الدولة المصرية والانتقاص من الحقوق والحريات العامة والشخصية، وقد جاءت الوقائع السابق ذكرها لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن هناك إجراءات وسياسات هدفها النيل من حرية الإعلام والصحافة، وإذ يدين الملتقى ويندد بما تتعرض له الجماعة الصحفية من انتهاكات تطول حريتها واستقلالها، يهيب الملتقى بكل المعنيين بالحريات فى المجتمع المصرى، الوقوف فى وجه هذه الحملة الشعواء التى تريد العودة بالدولة للوراء وتكميم أفواه المعارضين أو حتى المخالفين فى الرأى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة