فورين أفيرز: قرارات مرسى تمثل تحولاً جزئيًّا بعيدًا عن الولايات المتحدة.. الرئيس أشبه بالسادات فى القيود التى فرضت عليه ثم انقلابه عليها.. مصر ستعود إلى "الحياد الإيجابى" فى سياستها الخارجية

الأربعاء، 15 أغسطس 2012 02:43 م
فورين أفيرز: قرارات مرسى تمثل تحولاً جزئيًّا بعيدًا عن الولايات المتحدة.. الرئيس أشبه بالسادات فى القيود التى فرضت عليه ثم انقلابه عليها.. مصر ستعود إلى "الحياد الإيجابى" فى سياستها الخارجية الرئيس محمد مرسى
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قالت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية: إن القرارات التى اتخذها الرئيس محمد مرسى بشأن التغييرات فى المؤسسة العسكرية، وبرغم أنها صادمة، فإن أى زعيم وطنى يتسم بالحكمة يصل إلى الرئاسة كان ليتخذها من أجل توطيد سلطته.

لافتة إلى أن تلك القرارات ربما تمثل تحولاً بعيدًا عن الولايات المتحدة إلى حدٍّ ما.

وأضافت الدورية الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، فى التقرير الذى كتبه ستيفين كوك الخبير بالمجلس، أنه فى الأيام المقبلة سيتركز أغلب التعليق حول مناورة مرسى على ما تعنيه بالنسبة لانتقال مصر نحو الديمقراطية، لاسيما فيما يتعلق باتجاه العلاقة المدنية العسكرية، التى كانت فى صالح القوات المسلحة على مدى الستين عامًا الماضية. لكن على القدر نفسه من الأهمية مدى تغير علاقة مصر بالولايات المتحدة بعد هذه التغييرات فى القيادة العليا للجيش.

فبحكم السوابق التاريخية فإن التغييرات التى أحدثها مرسى فى وزارة الدفاع سيعقبها إعادة التنظيم الاستراتيجى بين القاهرة وواشنطن. فعندما جاء الضباط الأحرار وجمال عبد الناصر إلى السلطة، بعد يوليو 1952، كانوا مستعدين، مع استثناءات قليلة بارزة، للانضمام إلى التحالف الأمنى الغربى. وكانت إدارة أيزنهاور من جانبها تعتبر القادة الجدد فى مصر حلفاءً مهمين محتملين فى مواجهة الاتحاد السوفيتى. وشجعت السفارة الأمريكية فى القاهرة كلاًّ من جمال عبد الناصر ومحمد نجيب، وفى الوقت نفسه بدأت واشنطن فى مساعدة القاهرة فى تطوير جهاز الاستخبارات السرية. وفى صيف 1954، طلب عبد الناصر 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية من الولايات المتحدة، واعترضت واشنطن وقدمت 40 مليون دولار فقط. وأدت هذه الخطوة إلى زرع عدم الثقة والغضب بين المصريين، لكن لم تؤد إلى انتهاك صريح فى العلاقات بين البلدين.

لكن على مدى الأشهر الستة التالية ساءت الأمور، وتخلص الضباط الأحرار من التحديات التى تواجه نظامهم الجديد وخاصة الإخوان المسلمين، وعزز عبد الناصر سلطاته الشخصية. وكجزء من ذلك أصبحت مصر لاعبًا مؤثرًا فى حركة عدم الانحياز وتبنت سياسة الحياد الإيجابى. وبعدها انجرف عبد الناصر إلى المدار السوفيتى.

وبعد وفاته - تتابع الصحيفة - كان تعزيز أنور السادات لسلطاته والتحول الجيوسياسى أكثر وضوحًا فى عهده عمَّا كان عليه فى عهد سابقه، فقام بثورة التصحيح ضد رجال نظام عبد الناصر. وبعد عبور القناة عام 1973 قام بتغييرات جذرية فى السياسة الخارجية للقاهرة، وابتعد عن الاتحاد السوفيتى الذى ساعد فى نجاح مصر بطرق كثيرة فى الجولة الأولى من الصراع، واتجه السادات لصالح التحالف الاستراتيجى مع الولايات المتحدة.

أما عن حسنى مبارك - تتابع المجلة - فإنه لم يواجه أبدًا مثل هذه التحديات لسلطته، ربما لأنه كان له علاقة جيدة داخل الجيش والنخبة السياسية. أما مرسى فيبدو مشابهًا للسادات. فقد أُجبر فى البداية على قبول قيود على سلطته، ومثل السادات أيضًا حارب ذلك. وفى غضون أقل من أسبوع أطاح برئيس المخابرات ووزير الدفاع وقيادات المؤسسة العسكرية وألغى الإعلان الدستورى المكمل. صحيح أن الظروف مختلفة تمامًا، إلا أن إقالة موافى والمشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان استحضرت مشهد إقالة سامى شرف وعلى صبرى وشعراوى جمعة ومحمد فوزى، الذين عصف بهم السادات فى ثورة التصحيح.

وترى فورين أفيرز أنه من الصعب استخلاص أى نتيجة الآن عن التوجه الاستراتيجى لمصر، لكن يبدو أن سياستها الخارجية تميل لما كانت عليه منتصف الخمسينيات أكثر مما كانت عليه فى العقود الأربعة الماضية.

وعن القيادات الجديدة لوزارة الدفاع قالت الدورية الأمريكية: إن الوزير الجديد، عبد الفتاح السيسى، معروف، على عكس رئيس الأركان صدقى صبحى، أو رئيس المخابرات، أحمد شحاتة، لكن هذا لا يهم، فهم يدينون بمناصبهم لمرسى. وما هو مفهوم على نطاق واسع هو معارضة الإخوان المسلمين منذ أمد طويل للعلاقة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة. بينما كان طنطاوى وموافى وعنان يحظون بالاحترام فى واشنطن لمهنيتهم وعملهم مع الولايات المتحدة.

وبذلك تذهب المجلة إلى القول بأنه يبدو منطقيًّا أن تكون إقالة مرسى لهؤلاء تمثل جزئيًّا تحولاً فى سياسة مصر الخارجية بعيدًا عن الولايات المتحدة، لكن إلى أى دولة أخرى؟ يظل هذا أمرًا غير واضح، فلا يوجد قوى أخرى يمكن أن تتحالف معها مصر، لكن ربما لا تحتاج مصر لذلك، فهى تمثل ربع سكان العالم العربى، وموقعها استراتيجى، وبها قناة السويس.

والقيادات الجديدة للمؤسسة العسكرية ربما تعكس الرغبة فى مواصلة سياسة خارجية تليق أكثر بهيبة مصر. وهو نهج لا تكون فيه لأى علاقة خارجية أفضلية على الأخرى، والأهم هو مصلحة مصر الوطنية، ومن ثم فإن مصر قد تعود مجددًا إلى سياسة الحياد الإيجابى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة