د. رضا عبد السلام

قرار صائب.. وإن لم يصادف توقيته!

الإثنين، 13 أغسطس 2012 02:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تابعنا جميعاً ردود الفعل المحلية والدولية بشأن قرار السيد رئيس الجمهورية الخاص بإقالة كل من السيد المشير طنطاوى والفريق عنان، وقراره بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل وتعيين قيادات جديدة.

حتى نضع كل شىء فى نصابه الصحيح، علينا أن نقر بأن الجيش وقواتنا المسلحة حمت الثورة واحتمت بها. فلولا وقفة قادة المجلس العسكرى لم وُضِعَ مبارك أبناؤه وحاشيته وعصابته فى السجون. لو كان جيشنا مثل جيش سوريا – مثلاً - لسجن الشعب وبرئ مبارك ورجاله. إذاً هذه حسنة كبرى لا يمكن لأى إنسان موضوعى أن ينكرها على جيشنا العظيم وقيادته التى نفخر ونفاخر بها الأمم.

نعم هناك أخطاء كثيرة وجسيمة وقع فيها قادة المجلس العسكرى خلال فترة إدارته للبلاد، وعلى رأسها تأخير الدستور لما بعد الانتخابات، وعدم الجدية والحزم فى الإدارة وانتشار البلطجة وهروب الأموال...إلخ. ولكن، كما تعلمنا فى كلية الحقوق، الأحكام تبنى على الكثير الغالب وليس القليل النادر. فالغالب فى رأيى المتواضع كان خيراً لمصر وشعبها، ويكفى أننا رأينا الجيش أوفى بوعده، على خلاف تكهنات المتكهنين، وتم انتخاب رئيس يتولى حالياً إدارة البلاد، وها نحن نواصل رحلة ما بعد الثورة بقيادة جديدة تماماً.

إذاً علينا أن نتعامل مع الناس كما علمنا ديننا. علينا أن نتذكر الحسنات كما نتذكر السلبيات. هذا هو منطق التفكير والتصرف البناء. أما أن نتخشب مع وجهة معينة فهذا تطرف علينا أن نلفظه من قاموسنا إذا أردنا الخير لبلدنا ولأنفسنا.

مؤكد أنه كانت هناك مشاورات وترتيبات قبل صدور تلك القرارات، بدليل تعيين السيد المشير وزيراً للدفاع فى الحكومة الجديدة، وفى هذا حفظ لماء وجه هذه القيادة واحتراماً وتقديراً لها وتغليباً لكلمتها، ثم صدور القرار الرئاسى بعد ذلك بأيام بإعفاء المشير وتعيين وزيراً جديداً، مع تعيين المشير طنطاوى مستشاراً للرئيس وكذلك الفريق عنان. إنها السياسة التى تم لعبها بشكل جيد جداً... وهذا تصرف محمود فى علم السياسة.

إذاً، ينبغى أن تُفهم قرارات الإعفاء على أنها نهاية لرحلة جميلة تولى فيها هؤلاء القادة إدارة البلاد فى فترة هى الأخطر فى تاريخها. ينبغى ألا نشعل الحرائق والفتن ونتصيد الأخطاء ونلعب على أوتار الوقيعة لإحراق البلاد. فمؤكد أن هناك من سيلتقطون الخيط وسيتخذون من هذه القرارات ذريعة لتأليب الناس، لإحداث الوقيعة لندخل فى دوامة من العنف، ربما تقود إلى انقلاب عسكرى وتنتهى الرحلة!

إلا أن ما يمكن أخذه على هذا القرار هو "عنصر التوقيت" أو الموائمة الزمنية. فالقرار صدر وجنودنا منتشرون فى ربوع سيناء، بحثاً عن الإرهابيين الذين قطفوا زهورنا فى رفح. فما أخشاه أن يترتب على ما سيترتب على صدور هذا القرار من فتن سيشعلها أصحاب المصالح والنفوس الضعيفة، حدوث زعزعة أو خلخلة فى صفوف قيادات القوات المسلحة. ورغم ذلك أن أثق فى أبناء الجيش المصرى الأوفياء وتاريخهم المشرف شاهد لهم لا عليهم.

أتمنى أن يستفيد رئيس الجمهورية حقاً من كل من المشير طنطاوى والفريق عنان لا أن يكونا فى وضع المشير أبو غزالة الذى عينه مبارك مستشاراً له لركنه! لقد ولى زمن المناصب الشرفية كما ولى زمن النفاق. فكل من طنطاوى وعنان قامتان عظيمتان يجب الاستفادة من قدراتهما لبناء جيش قوى وعصرى.

كنت أتمنى أن يأتى الطلب من المشير طنطاوى والفريق عنان بإعفائهما من مهمتهما تكريماً لهما. كنت أتمنى ألا يفهم القرار – كما يحاول المتربصون – على أنه قرار انتقامى. فالرجلان لهما ما لهما وعليهما ما عليهما، وما هو لهما يفوق كثيراً ما عليهما.

أتمنى أن يقام حفل كبير لتكريم القادة الذين أحيلوا إلى التقاعد، لأن فضلهما فى حق مصر عظيم. مهما كانت أخطائهما فنحن بشر، ومن يرى نفسه فوق البشر عليه أن يرينا نفسه. كما أرجو من مكتب الرئاسة وقيادات القوات المسلحة عدم الانصياع أو الاستماع إلى دعاة إشعال الفتن التواقون إلى إدخال البلاد فى فوضى غير مدركين لعواقب مراهقتهم الإعلامية أو السياسية. على الجميع أن يضع مصر ومستقبلها نصب الأعين وفى الصدور. والله الموفق.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة