شيخ الأزهر يدعو 57 رئيس دولة للمشاركة فى مؤتمر القمة الإسلامى بجدة.. الطيب: الأمَّةَ تنتظُرُ من المؤتمر قَراراتٍ جادَّةً وحاسمةً وقابلةً للتنفيذِ للحفاظ على مقدسات فلسطين.. وإنقاذ المسلمين فى مينمار

الإثنين، 13 أغسطس 2012 04:15 م
شيخ الأزهر يدعو 57 رئيس دولة للمشاركة فى مؤتمر القمة الإسلامى بجدة.. الطيب: الأمَّةَ تنتظُرُ من المؤتمر قَراراتٍ جادَّةً وحاسمةً وقابلةً للتنفيذِ للحفاظ على مقدسات فلسطين.. وإنقاذ المسلمين فى مينمار مكة المكرّمة
كتب - لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصدر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بيانا موجها إلى قادة العالم الإسلامى الـ 57 الذين سيجتمعون بمؤتمر القمة الإسلامى بجدة بالمملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء 15 أغسطس، والذين يُمثِّلونَ قُرابةَ ربعِ البشـريةِ، فى سبعٍ وخمسينَ دولةً من دُوَلِ العالمِ المعاصِرِ، وفى أمِّ القُرَى ورِحاب المسجدِ الحرامِ، وخِلالَ العشرِ الأخيرةِ من رمضانَ.

واعتبر الطيب أن هذا الاجتماع حدَثٌ جليلٌ بالغُ الأهميَّةِ والخطَرِ، فى ظُروفٍ عالميَّةٍ قلقةٍ ومضطربةٍ، وبخاصَّةٍ فى رُبوعِ العالمِ الإسلامى نفسِه، الذى يموجُ بالمشكلات، والقضايا العالقةِ والأزمات.

وأضاف أن الأزهرُ إذ يَـحْمَدُ للمَملكةِ العربيَّة السعوديةِ الشقيقةِ، ولمنظَّمةِ التعاونِ الإسلامى جهودَهما فى عقدِ هذا المؤتمرِ، وتنظيمِ هذا اللقاءِ الاستثنائى البالغِ الأهميَّةِ، يُذكِّرُ المشاركينَ جميعًا أن الأمَّةَ كلَّها تنظُرُ إليهِم، وتترقَّبُ قَراراتٍ جادَّةً وحاسمةً، وقابلةً للتنفيذِ، ومشفوعةً بالآلياتِ والأدواتِ التى تضَعُها موضعَ التطبيقِ، بعيدةً عن العباراتِ العاطفيَّةِ، والبياناتِ التقليديَّةِ، فليس هذا المؤتمرُ لقاءً عاديًّا، بل هو مؤتمرٌ استثنائى بالغُ الخطرِ والأهميَّةِ، فى ظُروفٍ استثنائيَّةٍ كذلك.

وتابع: ولـمَّا كان "الدِّين النصيحة" كما ثبَتَ عن نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم، فإنَّ الأزهرَ الذى يُعبِّرُ عن ضمير الأمَّةِ، ومشاعرِ أبنائِها كافَّةً، فى هذه الظروفِ التاريخيةِ الدقيقةِ، التى تستوجبُ الصدقَ والمصارحةَ، يتوجَّهُ إلى أئمةِ المسلمينَ وقادَتِهم بالنصائحِ التالية: أن كلَّ مَن يتابعُ أحوالَ العالمِ الإسلامى المعاصِرِ، ومشكلاتِه المتتابعةَ، وما يَموجُ به من أزماتٍ، يعلمُ علمَ اليقينِ أن مَرَدَّ ذلك كلِّه، إلى قضيَّةِ القَضايا، ومنشَأِ المشكلاتِ والأزماتِ جميعًا، وهى قضيةُ فلسطينَ، التى حرصَتِ القُوَى الدوليةُ، فيما بعد الحربِ العالميةِ الثانيةِ، أن تظلَّ جُرحًا نازفًا فى جسَدِ الأمةِ، يتهدَّدُها بالأخطارِ، ويضعُ مقدَّساتها فى مَهَبِّ رياحِ الغدرِ والبغى والتآمُرِ الرخيصِ، وغيرُ خافٍ على أحدٍ ما يجرى فوقَ الأرضِ المقدَّسةِ الآنَ، من تصفيةٍ للوجودِ العربى فيها، وتهويدٍ لكلِّ معالمِها، وابتلاعٍ لما بَقِى من أطرافِها، وهو لا يزيدُ عن عـشرينَ بالمائةِ من أرضِ فلسطينَ بالاستيطانِ، وتغييرٍ للمعالمِ والموازينِ الديموجرافيةِ والمعماريةِ، حتى طالَتْ أخيرًا "الحرمَ القدسى نفسَه"، وليسَ القدسَ العربيةَ وحدَها، إذ يُنادِى قادَةُ الاحتلالِ الباغى بتقسيمِه بينَ العربِ واليهودِ، كما فعَلُوا فى الحرمِ الإبراهيمى من قبلُ.

وناشد الطيب قادةَ العربِ والمسلمين: أن لم نستَطِعْ أن نُواجِهَ هذا البغى الذى يُمثِّلُ جريمةً صريحةً فى نظر القانونِ الدولى والمواثيقِ المرعيةِ بالقوةِ المُلزِمةِ، فلنَسحَبِ المبادرةَ العربيَّةَ التى استُقبِلَتْ أسوأَ استقبالٍ، ونشقَّ طريقًا جديدًا يقومُ على الشفافيةِ والمصارحةِ لمواجهةِ هذه السياساتِ الظالمةِ القائمةِ على فرضِ الإذعانِ وقبولِ الأمرِ الواقعِ على أمةِ العربِ والمسلمينَ، فإنَّ المشاعرَ - أيها القادةُ - مُستَفزَّةٌ، والأخطارَ مُحدِقةٌ، ولا بُدَّ من موقفٍٍ صريحٍ، يجمعُ الأمةَ من ورائِكم، ويُوحِّدُ المواقفَ والصفوفَ، وأوَّلها الصفُّ الفلسطينى قبلَ أى شيءٍ آخَرَ.

وأكد الطيب: أن الأزمةَ السوريةَ الراهنةَ التى تتهدَّدُ الشعبَ السورى فى وجوده بالاقتتالِ المستمرِّ طوالَ عامٍ ونصفِ العامِ، وتكادُ تتحوَّلُ إلى حربٍٍ أهليةٍ ماحقةٍ، أو تقسيمٍ مدمِّرٍ للدولةِ، كالذى نفذهُ المعتدونَ فى العراقِ؛ ليتحوَّلَ الجميعُ – لا قدَّر اللهُ - إلى شعوبٍ مسلوبةِ القدرةِ والإرادةِ، حولَ دولةِ العدوانِ الصهيونيةِ، التى يُرادُ لها أن تسودَ لمنطقةَ، وتتصرَّفَ فى مصائرِها، والكلُّ يتفرَّجُ على الدماءِ العربيةِ المُهدَرةِ دُونَ موقفٍ فعَّالٍ إلى جانبِ الشعبِ المظلومِ، يدفَعُ عنه بغى الطغاةِ الذين فقَدُوا شرعيَّتَهم بقتلِ شُعوبِهم وجحدِ حقِّهم فى الحريةِ والديموقراطيةِ وتقريرِ المصيرِ، فعسى أن يكونَ قرارُكم بهذا الصددِ عمليًّا واقعيًّا صَرِيحًا، وطوقَ نجاةٍ للشعبِ المناضلِ المظلومِ.

وأضاف: لقد شَهِدَتْ أجهزةٌ دوليةٌ بالأممِ المتحدةِ بما يُعانيه إخوانُنا "الروهنجيون"
فى دولةِ ميانمار، من تصفيةٍ وتمييزٍ عرقىّ، وإنكارٍ لهويَّتِهم الوطنيةِ، وطردِهم بالتضييقِ والاضطهادِ الجماعى إلى الدولِ المجاورةِ، ممَّا قد يصيرُ نموذجًا يتهدَّدُ الأقلياتِ المسلمةَ المتعددةَ فى جنوبِ شرقِ آسيا، لا تَرْعَى فيهِم الأكثريَّةُ المهووسةُ بالمشاعرِ القوميةِ إلًّا ولا ذمَّةً، وتستوجبُ دواعى المروءةِ الإنسانيةِ والأخوةِ الإيمانيةِ والمواثيقِ الدوليةِ - أيها القادة - إنقاذَ إخوانِنا فى هذا الركنِ من العالمِ؛ حتى يرتدِعَ هؤلاءِ الذينَ يرتكبونَ ضدَّ مُواطنيهم المسالمينَ جرائمَ ترقى إلى جرائمَ ضدِّ الإنسانيةِ.

وتابع: إنَّكم لأَدْرَى بما يُعانِيه إخوانُنا فى أفغانستانَ والصومالِ والعراقِ ومناطقَ أُخرى، بسببِ التدخُّلاتِ الأجنبيةِ، الصريحةِ والمقنَّعةِ، والمسلَّحةِ وغيرِ المسلَّحةِ تحتَ أغطيةٍ كاذبةٍ من نشرِ الديموقراطيةِ، أو مقاومةِ الإرهابِ، أو أسلحةِ الدمارِ الشاملِ، وما هى إلَّا المصالحُ
الماديَّةُ، والمنافساتُ الدوليَّةُ، ولكنَّا عقَدْنا العزمَ ألَّا نكونَ حقلًا لممارساتِ الطُّغاةِ، أو ضَحايا لسياساتِ الاستعمارِ القديمِ أو الجديدِ، فتقدَّموا الصُّفوفَ، بموقفٍ صريحٍ ضدَّ هذه السياساتِ الباغيةِ.

أيها القادةُ: إنَّكم لتعلمونَ أن مشاكلَنا الأخرى كـ"التطرُّف" الذى صنَعُوه وغرَسُوه بيننا، والذى هو صدًى لمظالمِهم، وانحيازِهم الأنانى الجائرِ، قد صارَ مشكلةً عَمَّتْ بها البلوى، وضاقَتْ بها الصدورُ، ولكنَّ الحكمةَ السياسيةَ، والنظرةَ "الاستراتيجيَّة" تستَدعِى عِلاجًا لا يقتصرُ على القوةِ وحدَها، بل يستخدمُ الفكرةَ الأصيلةَ الصائبةَ فى مواجهةِ الفكرةِ المجلوبةِ الباطلةِ، وكثيرونَ مِنكُم يعلَمُون جهودَ الأزهرِ بفكرِه الوسطيّى ومنهجِه المتكاملِ المعتدِلِ فى هذا المجالِ، واللهُ – تعالى – يقولُ: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.

وقال الطيب: إنَّنا إذ ندعو لكُم مخلصينَ، فى هذه الأيامِ التى تُفتَّحُ فيها أبوابُ الرحمةِ والقبولِ، نُذَكِّرُكم – مرةً أخرى – أن النفوسَ قلقةٌ، والمشاعرَ مُستَفزَّةٌ، والأخطارَ مُحدِقةٌ، والتاريخَ يُسجِّلُ المواقفَ، والشعوبَ أصبحَتْ حَكَمًا لا يُمكِنُ خداعَه أو تهميشَه، واللهُ فوقَ الجميعِ رقيبٌ وحسيبٌ، فاللهُ معكم هاديًا ونصيرًا، وهو ولى ذلك والقادرُ عليه.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة