المتأمل للمشهد الدموى المأسوى الذى حدث فى رفح فى بداية أغسطس يجد أن هناك بعض الخيوط التى يجب أن تدرس جيداً والتى لن تؤدى فقط إلى معرفة الجناة وهو أمر مهم ولكن ستعمل على منع تكرار مثل هذا الأمر وهو الأمر الأهم فى وجهة نظرى.
جنود مصر البواسل الذين استشهدوا فى هذه العملية الغادرة ربما يكونون أول من يسقط فى مثل هذا الأمر إذا لم يتم التحرك هذه المرة عن طريق خطة أفقية للتعامل مع الأزمة وليس الخطط الرأسية التى تتعامل دائما مع مشاهد منفصلة داخل السياق ولا تتعامل مع السياق بأكمله.
فلو نظرنا إلى تفاصيل المشهد فى سيناء يجب أن لا نترك قضية تفجير خط الغاز الواصل من سيناء عبر الحدود إلى الأردن وإسرائيل وأحسب أن تكرار تفجير نفس الخط لمرات متتالية وصلت إلى أكثر من 17 مرة جعل منفذى التفجير يشعرون بمدى هوانة الموقف الأمنى والغريب أننا لم نعلم من الذى يقف وراء تفجير تم تنفيذه بهذا العدد الضخم من المرات فمن المفترض أن المحققين يحتاجون إلى وقت من أجل قراءة المشهد فى أى جريمة تحدث حتى يقوموا بالدراسة والتحليل فما بالنا بحادثة نفذت بنفس الطريقة كل هذه المرات، مع تنحية موقفنا السياسى والأخلاقى من تصدير الغاز إلى إسرائيل جانباً فإن الأمر كشف عن خلل أمنى كبير فى سيناء.
المشهد الأمنى لم يقتصر فقط على تفجير خط الغاز فكم من الأخبار التى توالت علينا بإقتحام قسم شرطة أو مهاجمة كمين من الأكمنة أو حتى قطع طرق أو إختطاف أجانب وربما يرجع البعض ذلك بأن هناك انفلاتا أمنيا بعد الثورة ولكن لابد أن نضع فى اعتبارنا أن معظم الأحداث الخطيرة هذه تحدث فى شمال سيناء.
وإذا تركنا الجانب الأمنى جانبا وتحدثنا عن تنمية سيناء ومدى التدهور فى البنية الأساسية والتنمية المجتمعية فى هذه القطعه من مصر فإن الكلام أصبح غير مفيد فأنا أظن أننا لو جمعنا ما كتب فى هذا الأمر لأنشأنا مكتبات كاملة ولو حصرنا عدد الحوارات التى تحدث فيها المسئولون عن تنمية سيناء لوجدنا الكثير والكثير وكلها تذاع فى أيام بعينها يوم تحرير سيناء ويوم احتفال أكتوبر ويوم تحرير طابا وفقط، لذا فإن يد الدولة لم تصل إلى هناك تنمويا ومصطلح الدولة الخدمية لم تعرفه سيناء بعد وهذا مشهد لابد أن يعامل بالفعل النافذ وليس بالكلام المرسل.
إنها مجرد قراءة للحادث ربما لم تتعرض لمضمونه ولا لمرتكبيه ولكن هى دعوة لمنع تكراره فيجب أن تعمل الدولة على استعادة هيبتها فى سيناء وعليها أن تشعر المواطن هناك بوجودها ليس فقط بخطط على ورق ولكن بتنفيذ صادق مخلص منظم وعلمى، وعلى الدولة أن ترفع من درجة الوعى والثقافة لدى المواطن هناك فمقاومة الفكر لن تأتى إلا بفكر مثله وهو ما يعنى ضرورة مقاومة فكر التكفير والإرهاب بفكر الوسطية والسماحة والاعتدال وعلى الدولة أن تقول كلمتها فى المعابر فلا تفريط ولا تضييق.
أحداث رفح
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابن مصر
رائع يا استاذ محمد
انا بحب مقالاتك كلها وانت ليك مستقبل هايل