لدينا تاريخ مأزوم مع القميص الذى شق جبهة الأمة الإسلامية وما زالت تؤتى آثاره أكلها مرارة وتشتتا يلعب بين التآمر والتناحر وسفك الدماء.... بعدما حول الصفوف المرصوصة إلى مصارعين داخل حلبة تصفية الخصومات التاريخية والأحقاد القبلية ومن خلال اختلاق الأكاذيب عشنا تاريخا طويلا فى صراع دام توقد عليه السياسة والساسة تحت لافتات إنسانية وادعاءات إيمانية مزيفة ..................
ليعود ومن جديد قميص أحمد هذه المرة الذى التهمت بعضا منه غباوة المكواة القبطية التى لم تستطع التحكم فى حرارتها ... التى تستقى من الشارع المحيط جذوة توقدها عداوات لا أصل لها فى أذهان الكبار من أهل الذكر فى كلا الطائفتين المسلمة والمسيحية بدهشور التاريخية.
تلك الجذوة التى أشعلت الأزمة ينفق عليها صباحا وعشيا من مخزون غل وغضب وشحن طائفى يتعاون فيه الجهل الذى يعيش جارا مخلصا للفقر وكلاهما نهب سهل لأفكار سوداء من كلا الطرفين يروجها متدينو الغرف المغلقة والسراديب والزوايا التى سرقها شيوخ الفتنة الذين لا يرون فى الدين إلا قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم.
سرقة الآيات والرمى بها فى عقول أكلها الفقر واستولى عليها الجهل وسحبها من سياقاتها ومقاصدها وتحويلها إلى أدوات جاهزة للانفجار على ألسنة الملوتوف فى دهشور والذى تشعله مشاعر إيمانية مغشوشة... يتولى كبرها فكر نشأ ويكبر خارج أسوار الكنيسة وكذلك بعيدا عن رقابة الأزهر ويحاول فى الوقت ذاته الاستيلاء على مراكز قوة فى المجتمع يمرر من خلالها أزمته عبر مؤسسات اشتهرت خلال تاريخها بالحكمة والوسطية والرؤية السديدة وتأسيس أصول محكمة للعيش المشترك وهذا ما يجب أن يحذره أهل المحروسة.
إن قميص أحمد الذى تسبب فى إراقة دم معاذ وتهجير أسر مسيحية من موطنها وبيوتها أضحى له لسان وأسنان يحذر بها وطن بأكمله من مغبة الغد الذى ربما تسيطر عليه مثل هذه العقائد والأفكار المستوردة والغريبة بحق على البيئة المصرية.
هذا الفكر التكفيرى التنفيرى الذى يتسرب اليوم فى جسد المجتمع ونسيجه فيصيبه بالوهن عندما يرى السلام وحسن الجوار والتعايش الإنسانى ضعفا. فيسعى خلال نافذة الغباء إلى مقاومة الوفاق الوطنى بعدما يصنفه تدليسا.... فيعمل على مصادرة قيم الرحمة التى جاء بها كل الأنبياء لأنه عمى عنها ولم يرها إلا حقا مكتسبا لإخوانه فى المعتقد أو الطريقة أو المذهب وليست بحسبه نصيبا للعالمين.. كل العالمين.... الذين جاءت لهم رسل ربنا سبحانه وتعالى.
بل إن بعض المغفلين ممن تحرق الأحقاد أكبادهم يذهب مذعورا من حديث خير البشر (من عادى ذميًا فأنا خصيمة يوم القيامة) حين يرمى الحديث بالضعف متنا وإن استقام عودة سندا لتنتصر فى نفسه شهوة الانتقام التى أصلها مرض نفسى يصيب المجتمع كله اليوم بالانفصام ويهدد تماسك الوطن ووحده أراضيه.
هذا الفكر الأسود الذى يتربى على أموال العطايا والتسول الخارجى ويعيش برءوس مانحيه تحت الطرح الملونة بات خطرا على وحدة الوطن وتماسكه.... لتبنى على مخاطرة أمة أخرى مريضة فى الجانب الآخر تسعى إلى الضجيج تحت شعار خادع (إما عيشا تطيب به المنى أو دعوى للانفصال تستقر بها المهج).
بعدها يا شعب مصر.... لا نلوم الممولين..... ولا الأغبياء الذين يسيرون خلف نهج لا يعرفون وجهته ولا حقيقة هويته إلا ظنا منهم بأنه رضى لله والرسول.
فتنة دهشور ربما تسقط حجية من كان يقول إن جهاز الأمن هو من يقف خلف إشعال الوطن بضرب عناصره المختلفة بعضها ببعض.. والأمن على كل حال لا يمتلك كل أدلة البراءة ولكن.... الواضح الآن أن لدينا جهازا آخر منسقا ومنمقا ومتعوبا على إعداده من أجل تولى هذه المهمة ... ألا وهو الضلال الفكرى فى كلا الطرفين والتدين غير المنضبط بأصول منهجية ترعى نموه وتوجه تطوره... وهو الأمر الذى ينبغى أن يتولى حراسته ورعايته الأزهر الشريف والكنيسة المصرية معا.. حتى يصلنا الغد الذى نسأل الله ألا يرفع منه أو عنه الأمان.
