محمد بركة

شخص صالح للقتل

السبت، 11 أغسطس 2012 06:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ينضم شريف صالح إلى طابور طويل من الأدباء المصريين الذين عاشوا «التغريبة الخليجية» حتى الثمالة.. يلملم الأديب الشاب أوراقه هرباً من الواقع الضاغط فى بلاده متصوراً أن تجربة العمل بالخارج لن تستغرق سوى سنتين ثلاثة «نظبط فيها الحال»، لكن سرعان ما تمضى السنوات مثل طلقة رصاصة من مسدس مزود بكاتم للصوت وتتحول الغربة من رحلة طارئة إلى «أسلوب حياة» قائم بذاته.

وسط هذه التحولات يفقد كثيرون إيمانهم بجدوى الإبداع، تتحول الموهبة الأدبية إلى صدى بعيد يتردد فى صحراء الربع الخالى، لحسن الحظ لم يحدث هذا مع شريف. بعد فترة توقف، طالت قليلاً صدرت مجموعته القصصية الأولى «أصبع يمشى وحده» ثم «مثلث العشق» وأخيراً «شخص صالح للقتل» التى يبدو فيها المؤلف مهموماً بأسئلة كبرى عن الخلق والوجود، ومتورطاً فى تفاصيل حميمية عنوانها الأنوثة ومفهوم الشرف فى القرى والمدن، فضلاً عن اختلاف المحرمات بين مصر والخليج.

يا دى الحوسة!
ثرثرت كثيراً وتفلسفت ونظّرت، وقد كنت أنتوى أن أدع هذه المساحة كلها لمقتطفات من كتابات شريف التى تجمع بين الرهافة والمزاج السوداوى فى خلطة إنسانية شديدة الخصوصية، فلأخرس إذن وأدعك تقرأ هذا المقطع من قصة «رجل اللحظات الضائعة»:
أول شخص قابلوه للتسجيل معه كان لواء جيش على المعاش، وقف خمسينياً ممشوقاً وشعره الأبيض مصفوف بعناية، قبل أن يشير المخرج بيده لتدور الكاميرا، اقترب اللواء من مساعدة المخرج وهمس بصوت رومانسى مرح:
«عينيك حلوة قوى».

ابتسمت بسمة خجول، فأكمل:
«مش بجامل.. دى الحقيقة».
اللواء الخمسينى الكهل قال الحقيقة بكل بساطة، وقف أمام الجمال وقبله فوراً. أشعل اللحظة بياضاً ودفئاً، أما هو فأخذ يختلس النظرات كأنه لص، بل صنم أخرس لا ينفعل! كم من اللحظات المدهشة الباهرة تضيع منه لأنه لا يحسن استقبال الجمال فى الوقت المناسب! لا توجد امرأة جميلة وامرأة دميمة، بل توجد لحظة بيضاء متوهجة وأخرى سوداء مطفأة، حين ترى امرأة فتش سريعاً فى أقل من ثانية، فى رائحتها، عطرها، ملمسها، عن سحر ما.. سحر يشعل اللحظة.. لا تدعها تمر فتنساك وتنساها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة