علا عمر‎ تكتب: موسم الحصاد.. توفيق وفوزية

الجمعة، 10 أغسطس 2012 05:56 م
علا عمر‎ تكتب: موسم الحصاد.. توفيق وفوزية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى وقت الحصاد تبين للفلاح الغنى الحاج توفيق أن محصوله جيد جداً والبركة طرحة فيه، وتذكر حاجة العمال الزراعيين، الذين يعملون بأجور رمزية يومية ووجبة وحيدة، ولكن منعاً للإحراج من نفسه، ومن الكذب على السطور وعلى القراء، فهو لم يتذكر غير حاجته هو لهم وأنه بحسب أجور السخرة وحسب حساباته الدقيقة، يرى أن استئجار الجرار أعلى وسيكلفه أكثر بكثير، مما هو عليه البديل الأول، الذى يمكنه أن يستغل طيبتهم وحاجاتهم وجهلهم أيضاً فيما هو يتعلق بتكاليفهم، رغم أنهم اشترطوا عليه أن تكون وجبتهم الرئيسية يومياً أكلة ترضى البطون، وتناسب مجهود الشغل الشاق، الذى يقومون به فلا تخلو من اللحوم والفراخ، وإذا وافق على طلبهم مضطر، وعلى مضض فكر فى حيلة تحول دون الإسراف فى هذه الوجبة والتوفير بشتى الطرق وأسقط سخطه وإمساكه على ارستقراطى والقرية الملاعين الذين عوضوا هؤلاء على مثل هذه المأكولات المكلفة المخصصة لفئة معينة ومحدودة منهم فئة اللصوص وأصحاب القصور ورجال الدولة.. بعد أن تعفنت وانتفخت بطون عمال القرية من وراء العيش المقدد وجبن الحصير وبعض الخضراوات التى يجود بها الحقل إنه سيعرف كيف يعاقبهم ويمنع دون أن تمتلئ بطونهم، التى لا حدود لها، بدأ الحاج توفيق بتطبيق خطته مع أول وآخر وجبة عشاء فى هذا اليوم، التى هى فى نفس الوقت الوجبة الرئيسية، التى غالباً لا يشعرون بطعمها من كثرة الآلام بعد موقعة الفأس والنوم أثناء تناولها.

ذهب الحاج توفيق إلى المطبخ فوجد زوجته مشغولة بإعداد كمية كبيرة.. توفيق: قائلاً بدهشة بتعملى أيه يا فوزية هاتخربى البيت!!!

قالت فوزية بدهشة أيضاً: فى إيه يا توفيق!! أنا باطبخ لعشرة بطون فارغة عائلاتنا والخمسة الآخرين عمالك.
ضرب توفيق يديه اليمنى بغيظ على كتف فوزية زوجته قائلاً: لا يا زوجتى احسبى حساب خمسة بطون فقط عندما يبدأ الفلاحون بالأكل سوف أقوم بخطة ترغمهم على عدم مواصلة الأكل، لذلك افعلى كما أقول لك، اطبخى لخمسة بطون فقط.

كانت فوزية زوجة توفيق ثمينة وقصيرة ووجها ممتعض من توجيهات زوجها(طيب القلب الكريم الحاج توفيق)، مع إنها لم تشعر بكرمه فى أى فعل يفعله يوماً وبالرغم من أنها ليست من بيت ارستقراطى أو ثرى ولا يوجد به أى فراغ للكتب أو كراريس الكتاب، ولكن كان معروفا بالسخاء.. متمتمة بكلمات غير مفهومة لغيرها.. أصله طبع وخصلة وأصل...

فوزية فى استنكار وهى تحملق فى توفيق تمسك بملعقة تقليب معدن ثقيلة ترفعها مستنكرة يهيأ لك لو نظرت إليها أنها سوف تصطدم برأس توفيق.

فوزية فجأة وتوفيق يتذوق الطعام.. قائلة: أنا علمتنى والدتى أن أطبخ دوماً كمية كبيرة لأن البركة فى الكثرة، سأطبخ إن أردت لتسعة بطون فقط وأنت تدبر أمر بطنك بنفسك.. رأى توفيق أنه لا فائدة للنقاش مع فوزية المسرفة، وبالرغم من ذلك فإنها لن تتمكن من أن تثنيه عن عزمه على تطبيق خطته، التى لا شك ستؤدى إلى توفير نصف الطعام، فى رأيه طبعاً، الأمر الذى سيسد حاجة الغد ودخلت البهجة إلى نفسه، وهو خارج من المطبخ وعندما انتهت فوزية من إعداد الطعام تذكرت نصيحة والدها إن أردتِ تشجيع شخص على العمل الجيد قدمى له مكافأة على العمل قبل أن يقوم به، ففكرت فوزية فى صنع خمس كحكات بالسكر الذى بالتأكيد سيرتفع فى الدم عند توفيق، إذا علم عنها لن تحسب حسابه فى الكعك وخبزت عدد الكعكات بعدد العمال، وضعت فوزية الصحن أمام العمال وتمنت لهم شهية طيبة، أحس توفيق صاحب البيت والأرض والمحصول بالإحراج، أمام العمال، لعدد الكعكات، التى لم تحسب حسابه علق على ذلك مع عماله توفيق قائلاً: زوجتى تراعى صحتى لأنى كبرت والسكر مضر لى... وقال فى محاولة للخروج من موقف الكعكات كلوا باسم الله الذى أتم علينا هذه السنة محصولاً جيدًا.

الآن جاء موعد تطبيق خطة توفيق فالخطة تحتاج إلى مهارة خاصة وتوقيت معين وأناس معينين وراح يفكر فى الخطة، التى سبق وأن طبقها مراراً ونجح فيها.

سحب اليد عن الطعام والتوقف عن الأكل حينذاك يتوقف الضيف أيضاً عن الأكل، ولكن هذه الخطة غير مضمونة وقد لا يلتزم بها الضيف الجائع، وأخيراً حيلة أخرى سيلجأ إليها توفيق.. وهى توزيع الكعك المحلى الساخن أثناء تناول الطعام بحجة تناولها ساخنة فتصطدم بشهية عمال الحصاد الجائعين فيتوقفون عن طعام فوزية الشهى.

لاحظ توفيق أن الرجال بدأوا يتسابقون فى الالتهام بشهية كبيرة لا يفيد معها رفع اليد عن الطعام أو توزيع الكعك المحلى، وفى هذه الحالة يستحيل أن يعاود توفيق البخيل الممسك إلى الأكل مرة أخرى، وبدأ توفيق هو الآخر يتسابق معها واختلط تفكيره حين وجدهم ينسفون هرم الأرز وفكر توفيق أن يرفع يده من الطعام فجأة، وقال بصوت عال لقد ضاقت جلابيبى وكبرت بطنى وانبعج شكلى لقد شبعت حتى تحولت إلى ثور لا يرى شيئا قالوا بصوت عال فى نفس واحد، أما نحن فما زلنا عجولاً نحيلة، لا نرى بطوننا لأن العجول لا ترتدى جلابيب.. وحين تم الانتهاء من الأكل وشرب الشاى انصرف عمال الحصاد إلى منازلهم وتوجه توفيق بلهث إلى المطبخ حتى يجد ماتبقى من الطعام ليسد رمقه فلم يجد شيئا.. قالت فوزية باستخفاف يمكنك لحس الصحون فلم تُنظف بعد....





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة