حالة من الذعر بدأت تنتاب القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، خوفاً من استخدام نظام الرئيس السورى بشار الأسد الأسلحة الكيماوية والجرثومية التى يمتلكها فى قمعه للانتفاضة الشعبية ضد نظام الحكم، أو أن تتسرب هذه الأسلحة إلى حزب الله اللبنانى، الحليف القوى لنظام الأسد.
وزاد من هذه المخاوف ما قاله الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسى بأن دمشق لن تستخدم الأسلحة الكيماوية إلا إذا تعرضت لعدوان خارجى، وهو ما أكد امتلاك نظام الأسد هذه الأسلحة، رغم تأكيدات المعارضة السورية بأن النظام لا يمتلك أيا من هذه الأسلحة، وأن تهديدات القدسى دليل على قناعة أركان النظام باقتراب سقوطهم.
مصادر غربية قالت إن جيوش 4 دول أعلنت حال الاستنفار خوفاً من قيام النظام السورى بنقل أسلحته الكيماوية إلى حزب الله، وجاءت حالة الاستنفار بعد توجيه العاهل الأردنى، الملك عبد الله الثانى، تحذيراً من سقوط الأسلحة الكيماوية السورية فى أيدى تنظيم القاعدة، كما بدأت إسرائيل تلوح باحتمال تدخلها عسكرياً فى سوريا، ولو منفردة، من خلال توجيه ضربة استباقية محتملة ضد حزب الله اللبنانى بدعوى احتمال حصوله على أسلحة سورية متطورة فى حال سقوط النظام السورى، بما فى ذلك أسلحة كيماوية وصواريخ باليستية.
التحركات الغربية، وفقاً لمصادر دبلوماسية عربية، تتحرك فى اتجاه احتواء السلاح الكيماوى فى سوريا قبل انتقاله إلى الحدود اللبنانية، ووفقا لما نشرته صحيفة "صنداى تليجراف" البريطانية الأسبوع الماضى، فإن الأجهزة الأمنية والعسكرية الأمريكية تعرف مكان بعض المخازن الخاصة بالأسلحة الكيماوية، وأنها تتابع تحركات ترسانة الأسلحة الكيماوية، كما طلبت واشنطن، بشكل رسمى، من إسرائيل عدم قصف وتدمير أسلحة سوريا الكيماوية، خشية أن تؤدى أى ضربة إسرائيلية (منفردة) لقوات وأسلحة الأسد إلى الإسهام فى حصوله على شرعية ودعم كثير من السوريين الذين سيعتبرون متحالفين مع إسرائيل والولايات المتحدة ضد النظام السورى، وهو ما سيعطى الأسد فرصة لكسب التأييد من الجمهور السورى والعربى.
وأشارت تقارير إخبارية غربية إلى أن الأسلحة الكيماوية السورية تتواجد داخل قاعدة السفيرة، التى تتولى حراستها وحدة خاصة من الحرس الشخصى لبشار الأسد، ولا تتلقى الأوامر إلا من الرئيس مباشرة، لذلك تتخوف بعض المصادر الغربية من إقدام قادة هذه الوحدة، فى حال شعورهم بخطر يهدد الأسد، على نقل كل المخزون الكيماوى إلى لبنان لحماية أنفسهم وليكون لديهم ما يساومون به فى المستقبل بعد انهيار النظام.
يذكر أن سوريا كانت حصلت على أول كمية من الصواريخ أرض – أرض عام 1970 وكانت من نوع "فروج 7"، كما تمتلك سوريا أكثر من 500 صاروخ من نوع "سكود بى سى دى" على الأقل تم شراؤها من روسيا وكوريا الشمالية، وهى قادرة على إصابة أى نقطة فى إسرائيل وتنطلق من العمق السورى، كما تتراوح الترسانة السورية بين 1000 و2000 صاروخ أرض – أرض، وهى قادرة على حمل أسلحة كيماوية وجرثومية، كما حصلت سوريا على الصاروخ "إسكندر" الروسى ذى الدقة العالية، وهناك عملية تطوير دقة الصواريخ باستخدام تقنية توجيه تشبه "جى إم إس" و "جى بى آر إس".
من جهته، أكد مصدر عسكرى سورى أن النظام السورى وجيشه لا يمتلكان الترسانة الكيماوية التى تدفعهم للتهديد والوعيد، وقال إن التهديدات تدل على أن هناك قوى إقليمية ودولية قامت بالفعل بتزويد نظام الأسد بعدد من الأسلحة الكيماوية منها إيران وروسيا.
وقال النقيب المنشق محمد الخالدى، إن نظام الأسد كان يحتفظ بعدد قليل جداً من الأسلحة الكيماوية "القديمة جدا"، والتى لا تعدو عن كونها عبارة عن قنابل تحتوى على غازات سامة ولكنها تدخل فى نطاق الأسلحة الكيماوية، إلا أن هذه القنابل قد فقدت صلاحيتها منذ زمن بعيد عدما تعرضت لسوء التخزين وانتهاء عمرها الافتراضى.
وأضاف الخالدى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، من الداخل السورى، أن النظام السورى يحاول بقدر الإمكان الاحتفاظ بحكمه، بعدما شعر بقرب نهايته، وأن الهدف من هذه التهديدات إرضاخ الثوار فى الداخل للإملاءات الدولية التى تتزعمها روسيا والصين، والهادفة إلى إخراج رموز النظام السورى دون محاكمة أو عقاب على جرائمه بحق الشعب السورى.
وفى هذا السياق، قال المعارض السورى فهد العبد الله عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية، إن الرئيس العراقى السابق صدام حسين كان دائماً ما يشيع عن أنه يمتلك أسلحة نووية وكيماوية لتخويف المجتمع الدولى من الاقتراب منه، وبعد دخول الأمريكان إلى العراق لم يجدوا أى أسلحة كيماوية أو نووية، وهذا بالطبع هو حال النظام السورى الذى يحاول تخويف المجتمع الدولى والشعب السورى.
وأضاف العبد الله، أن النظام السورى لا يمتلك أى أسلحة خطيرة، سواء كانت نووية أو غيرها، لأنه كان عاكفاً على تدعيم سلطة سطوه على الحكم، وبالتالى فقد عكف على إنشاء الأجهزة الأمنية والمخابراتية إرساء حكمه والتعدى على كل من يحاول المساس به، مشيراً إلى أن الدليل على ذلك هو إنشاء المخابرات العسكرية والجوية ومخابرات فرع فلسطين التى كانت تعمل فى الحياة المدنية وتقوم بملاحقة الناشطين والمعارضين لنظام حكم أسرة الأسد، لافتاً إلى أن المخابرات العسكرية فى الجيش كانت أيضا فى سبيل ترسيخ حكم آل الأسد.
وأوضح العبد الله أن النظام السورى لم يحاول على الإطلاق النهوض بمستوى الأداء العسكرى لجيش بلاده، كدولة لها أرض محتلة، وذلك نظراً للضوء الأخضر التى كانت تعطيه له إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وقال إن هاتين الدولتين كانتا على رضا تام بالنظام السورى، بعد قناعتهما أن كل ما يسعى له هو الحكم وليس تحرير الأرض.
بينما رأى الكاتب والمحلل السياسى السورى، ياسر الشواف، أن تصريحات الناطق باسم الخارجية السورية، وبالتزامن مع مبادرة الجامعة العربية، للخروج الآمن للأسد، تعطى مؤشراً على قرب خطة دولية لإرغام الشعب السورى على القبول بخروج الأسد من السلطة وإدارة مرحلة انتقالية من مقربى الأسد، حتى يخرج المجتمع الدولى من حالة الحرج التى وضع بها بعد كم المجازر التى ارتكبت فى حق الشعب السورى، فى ظل صمت دولى وعربى مخز.
وأضاف الشواف، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن تصريحات النظام السورى عن وجود أسلحة كيماوية ستستخدم إذا تعرضت سوريا، معناه عدم وجود حل دولى أو تدخل عسكرى، حتى تتعلل القوى الدولية والعربية بوجود خطر على المنطقة إذا حدث تدخل لإنقاذ الشعب السورى من براثن الزمرة الحاكمة.
وتساءل الشواف، هل من المعقول أن تترك الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل النظام السورى يحصل على أى أسلحة كيماوية تهدد أمن وسلامة إسرائيل، وهل من المعقول أن يقوم النظام السورى، المنهك اقتصادياً، والذى لم يحاول إطلاق طلقة واحدة فى وجه إسرائيل، بمحاولة امتلاك سلاح كيماوى؟.
من ناحية أخرى، قال المقدم المنشق عمر الحمود، إن النظام السورى لا يمتلك أى أسلحة "خطيرة"، سواء كانت كيماوية أو أسلحة حديثة، وإن الترسانة الصاروخية المتطورة التى يمتلكها النظام السورى كانت "متطورة" بالنسبة لثمانينيات القرن الماضى، أما الآن فهى لا تصلح لدخول حرب، بالإضافة إلى أن 90% منها مرصود على مدار الـ24ساعة من قبل الأقمار الصناعية الأمريكية والإسرائيلية، وهذا كان الاتفاق حين حصل النظام السورى عليها من روسيا.
وأضاف الحمود، فى حديثه لـ"اليوم السابع"، إن هناك خطة دولية تحاك الآن ضد الثوار ومدعومة دولياً، للخروج الآمن للأسد ونظامه دون محاكمة، وإنه من غير المستبعد أن تقوم روسيا وإيران بتزويده بأسلحة كيماوية متطورة، حتى يمكن المفاوضة على خروج الأسد دون محاكمة.
واستبعد المقدم المنشق استخدام النظام السورى لأى أسلحة فتاكة، مؤكداً أن هذه تهديدات على طريقة حسن نصر الله وأحمدى نجاد لإسرائيل، وقال إن هذه التصريحات التى خرجت عن النظام تؤكد أنه فى الرمق الخير وأن نهايته أوشكت.
من ناحبة أخرى، أكد المعارض السورى ورئيس كتلة أحرار الشام أحمد رياض غنام، أن النظام السورى يمتلك الآن حوالى 600 صاروخ قادر على حمل رؤوس جرثومية وكيماوية، إلا أنها تبقى مجرد ورقة للضغط على المجتمع الدولى وثوار الداخل للتخلى عن فكرة إسقاط النظام، وقال غنام، إن النظام السورى لن يستخدم هذه الصواريخ لأنه سيحمى بها كيان دولته العلوية فى الساحل السورى، والتى يعتزم الإعلان عنها بعد إسقاطه من كافة المدن السورية.
وأضاف غنام، أن إعلان النظام السورى عن السلاح الكيميائى الآن، جاء بعد اللحظات الفارقة التى يعيشها النظام وبعد انشقاق آلاف الضباط والعسكريين عنه، مشيراً إلى أن أبناء الطائفة لن يسلموا رقابهم للثوار، والنظام لن ولن يستسلم لأنة يعيش على مخاوف القادم من الأيام، ولأن الملاذ الأخير هو الساحل، فكان لابد من إشهار السلاح الكيميائى والجرثومى كسلاح رادع لهذا الاستعصاء، مشيراً إلى أن الأسد سيعمل على حماية كيانه "دولته العلوية"، بهذه الأسلحة، وهى رسالة مزدوجة للداخل كى لا يستمر بقتاله فى حال اضطر لهذا الخيار المؤجل، وهى رسالة أيضا، للخارج بأنه سيحمى هذا الكيان بهذا النوع من السلاح.
ولفت إلى أن روسيا والصين وإيران سيقومون بتزويد النظام السورى بالعديد من الأسلحة الكيماوية وغيرها، فى حال إعلان الأسد عن قيام الدولة العلوية حتى تكون هذه الأسلحة بمثابة الضامن لبقاء وجود هذه الدولة وعدم التعرض لها.
ذعر أمريكى - إسرائيلى من الأسلحة الكيماوية والجرثومية السورية.. دمشق تعترف بامتلاكها الأسلحة وتربط استخدامها بالتعرض لعدوان خارجى.. 4 دول تعلن حالة الطوارئ خوفاً من انتقال الأسلحة لحزب الله
الأربعاء، 01 أغسطس 2012 03:18 م