شهد نشاط الاندماج والاستحواذ فى الوطن العربى خلال الربع الثانى من عام 2012 نشاطاً ملحوظاً مقارنة بالربع الأول من نفس العام، حيث بلغ عدد الصفقات (43) صفقة، منها 10 صفقات مازالت فى طور انتظار موافقة الهيئات والجهات المختصة، لتصل القيمة الإجمالية للصفقات التى تم الإعلان عن قيمتها نحو 16.73 مليار دولار، مقابل 1.6 مليار دولار حصيلة صفقات الربع الأول من العام الحالى، والتى كان عددها 34 صفقة، وذلك وفقاً لأحدث تقرير صادر عن مؤسسة كابيتال لينك جلوب، المتخصصة فى مجال الاستحواذات والاندماجات.
وبالنسبة لتحليل الصفقات من حيث القطاعات التى تم استهدافها، جاء قطاع "الخدمات المالية" فى المرتبة الأولى من حيث عدد الصفقات بواقع 5 صفقات، حيث يحتوى هذا القطاع على العديد من اللاعبين مثل البنوك وشركات التأمين وغيرها، ويحقق أرباح مرتفعة مقارنةً بقطاعات أخرى، بينما جاء فى المرتبة الثانية قطاع "الخدمات" بعدد 3 صفقات مما يعكس أن هذا القطاع لديه فرص واعدة فى المنطقة، ثم فى المرتبة الثالثة يأتى كل من قطاعات "الصحة" و"السياحة" و"الترفيه" و"الإعلام" بواقع صفقتين لكل منهم، ومن نماذج الصفقات التى تمت فى تلك القطاعات قيام صندوق "يورمينا 2" بشراء حصة تمثل 51% من مستشفى "العيون الدولى" بمصر، وشراء مستثمرين حصة تمثل 40% من "العمانية للمشاريع الطبية" بقيمة 10.75 مليون دولار، وكذلك قيام "نيوز كورب" الأمريكية بشراء 4.50% من "روتانا" بقيمة 35 مليونا، وفى المرتبة الأخيرة تأتى قطاعات "المرافق" و"مواد البناء" و"الطاقة" و"تكنولوجيا المعلومات" بواقع صفقة لكل منهم.
وبالانتقال للتحليل لمستوى الدول المستهدفة من عمليات الشراء فنجد أن مصر تأتى فى المرتبة الأولى بعدد 8 صفقات، تأتى فى مقدمتها صفقة استحواذ "فرانس تيليكوم" للاتصالات على "موبينيل" بنسبة 100% بقيمة تقارب 2.96 مليار دولار، ثم فى المرتبة الثانية الإمارات بعدد 6 صفقات أشهرها استحواذ "استثمار العالمية" على "اتلانتس" بقيمة 250 مليون دولار، ثم الكويت بعدد 5 صفقات كقيام "بيان للاستثمار" بالاستحواذ على ما يقرب من 62% من "المشاريع المتحدة للخدمات الجوية" بقيمة تقرب من 92 مليون دولار، ثم السعودية بعدد 2 صفقة، ويأتى فى المرتبة الأخيرة البحرين وعمان بعدد صفقة واحدة لكل منهما.
أما على مستوى الدول المشترية، فنجد أن قطر استحوذت على المركز الأول من حيث عمليات الشراء بعدد 6 صفقات يتصدرها "صندوق الثروة السيادية القطرى" وتعكس تلك الصفقات الاهتمام الذى توليه قطر لتوسيع نطاق استثماراتها الخارجية فى أمريكا وأوروبا، ويرجع ذلك إلى توافر السيولة الملائمة لصفقات الاستحواذ، بينما جاءت الإمارات العربية المتحدة فى المركز الثانى بعدد 5 صفقات، يليها الكويت بعدد 3 صفقات، ثم السعودية بعدد 2 صفقة، وفى المرتبة الأخيرة تأتى مصر حيث إن الأوضاع فيها لا تساعد الشركات على توفير السيولة اللازمة للقيام بالصفقات، فهى تصارع فى الأساس من أجل البقاء فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلد.
وترى الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، أن تراجع البورصة المصرية خلال العام الماضى كشف عن وجود فرص للاستحواذ على العديد من الشركات المهمة والاستراتيجية بأسعار رخيصة نتيجة التأثيرات السياسية والأمنية فرغم الضوابط المشددة فى القانون فى مثل هذه الحالات إلا أن هذه العمليات عادة ما تتم فى إطار قانونى يتيح تنفيذها، خصوصا فى ظل تفتت هياكل ملكية العديد من الشركات والمخاوف لدى المستثمرين الأفراد بشأن طول فترة الاحتفاظ نتيجة عدم استقرار الأوضاع .
كما أن الفترة الأخيرة تظهر أن ميول المستثمرين تتجه نحو اقتناص الفرص والصفقات الرخيصة، وفقا لقاعدة (حال وجود عدد محدود من المستثمرين فى السوق، والكثير من الأصول المعروضة للبيع، ينفذ المستثمرون أقوى الصفقات الاستثمارية الرخيصة) خاصة فى قطاعات مثل الإسكان الذى يمتاز بارتفاع مخزون الأراضى لدى شركاته فى وقت تشهد فيه مصر بعد الثورة سياسات متشددة لبيع الأراضى وفى وقت يوجد فيه فجوة سكنية كبيرة محليا يتوقع استمرارها طالما زاد عدد السكان، وذلك إلى جانب القطاعات الصناعية مثل الحديد والتى تمتاز بنمو الطلب على منتجاتها محليا وعالميا مع ارتفاع فى طاقتها الإنتاجية بصورة واضحة.
وترى الجمعية أن قطاعات مثل الأغذية والزراعة والدواء والبتروكيماويات والموارد الأساسية المصرية قد تكون خلال الفترة القادمة هدفا قويا لعمليات استحواذ، مما يستدعى ضرورة تشديد الرقابة على التعاملات خلال هذه الفترة مع وضع آلية قانونية جديدة لتخارج كبار المساهمين.
وأن عودة الثقة إلى قطاع الملكية الخاصة فى مصر فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية تدعم التفائل بشأن الاستثمارات لقطاعات أكثر قدرة على النمو مثل الرعاية الصحية والتعليم والسلع الاستهلاكية والنفط والغاز، ومن المرجح أن تستفيد هذه القطاعات من خطط الإنفاق الحكومى والتغييرات التشريعية، وتعتبر قطاعات النقل، الطرق ذات التعرفة المرورية، الموانئ والطاقة قطاعات جذابة للمستثمرين، لأنها تجلب مليارات الدولارات فى الإنفاق الرأسمالى.
ومن خلال تحليل التدفقات الاستثمارية عالميا فقد تلاحظ أن الشركات الأوروبية والأمريكية بدأت تبحث عن موارد جديدة لها والدخول فى نشاطات لها القدرة على تحقيق أرباح، خاصة بعد أن بدأت تواجه منافسة شرسة مع الشركات الصينية والهندية والكورية التى بدأت تغزو أفريقيا بشكل كبير، مستحوذة على ما يقرب من 60% من هذه الاستثمارات فى أفريقيا، كما أن أغلب الشركات العالمية بدأت تبحث عن بدائل من أجل خلق كيانات جديدة ناشئة لها القدرة على تحقيق أرباح كبيرة من أجل تعويض خسائرها التى منيت بها أثر الأزمة المالية العالمية بحيث تكون نقطة انطلاق لها فى أسواق أخرى وفى مقدمتها أفريقيا التى أصبحت الملاذ الآمن لهذه الشركات نظراً لما تتمتع به هذه المناطق من ثروات معدنية وسوق استهلاكى كبير.
ونتيجة الكشف عن هياكل ملكية الشركات خلال الفترة الماضية فقد تم رصد العديد من حالات الاستحواذ على حصص من أسهم الشركات المتداولة بنسب تتراوح ما بين 5% و30% ونتوقع استمرار هذه الصفقات خلال عام 2012 فى ضوء تطورات الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
ومن الضرورى أن يتم تحفيز الاستثمار المؤسسى متوسط وطويل الأجل فى السوق المصرى خلال عام 2012 لضمان الحفاظ على الاستقرار السوقى خاصة، ونؤكد أن مستقبل البورصة المصرية خاصة خلال الأشهر القليلة القادمة سوف يظل مرهوناً بأداء المستثمرين المحليين من أفراد وبنوك وصناديق ورغبة هذه الأطراف فى مساندة السوق ودعمها حتى تجتاز هذه الفترة، ونشير إلى أن دعم الأطراف المحلية للسوق يعطى رسالة ثقة للمستثمرين الأجانب بأن الأمور تمضى إلى الأفضل وبالتالى لا داعى للخروج من هذه السوق الواعدة.
وتؤكد الجمعية أنه على المستثمرين أن يلتفتوا إلى الأساسيات الاقتصادية والمالية والاستثمارية، حيث يفترض أن يعكس أداء السوق الأداء المالى للشركات وقوة تصنيفها الائتمانى والفوائض المالية التى تتميز بها ميزانياتها بعد انحصار عامل المخاطر السياسية.
المصرية للتمويل: السوق شهد 43 صفقة استحواذ فى الربع الثانى من 2012
الأربعاء، 01 أغسطس 2012 12:56 م