الرئاسة و«الوطن النظيف»

لا يختلف أحد على أننا جميعا نريد العيش فى «وطن نظيف»، وطن لا تحاصره القمامة واللصوصية فى كل مكان، ولهذا استوقف الجميع دعوة الرئيس محمد مرسى لحملة «وطن نظيف» والتى بدأت مطلع الأسبوع الجارى.

الحملة جاءت بعد أن أصبحت القمامة من معالم المدن والقرى، وأصبح تواجدها شاهدا كبيرا على فشل الإدارة الحكومية فى التعامل مع قضية بهذا النوع، وتجاهل أنها المظهر الأهم الذى يكشف طبيعة المظهر الحضارى لمصر.

أطلق الرئيس مرسى حملة «وطن نظيف» تنفيذا لأولوياته فى المائة يوم الأولى، وكانت قضية القمامة فى سلم هذه الأولويات، وفى الأيام الماضية حدثت تعبئة بين قواعد الإخوان فى المحافظات وحزبها «الحرية والعدالة»، ومعهم قطاعات من الأجهزة المحلية من أجل إنجاح دعوة الرئيس محمد مرسى.

الدعوة فى عمومها لا غبار عليها، وتحتاج إلى وقت للحكم على نجاحها من عدمه، فالقمامة لن ينتهى أثرها نهائيا بمجرد إزالتها فى يوم واحد، وبالتالى تعجبت كثيرا من إعلان الدكتور ياسر على المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية نجاح حملة «وطن نظيف»، بنسبة %60، ولم يقتصر «المتحدث» على زف هذه البشرى، بل زاد فى إعلانه بـ«أن الحملة ستتحول إلى مؤسسة تعمل بالشراكة بين الدولة والمجتمع».

كلام المتحدث باسم الرئاسة، ذكرنا بنهج نظام مبارك وحزبه الوطنى المنحل فى التعامل الإعلامى مع مثل هذه القضايا، فالإعلان المبكر عن النجاح فى تنفيذ العهود المقطوعة كان سمة رئيسية تسير فى الوقت الذى يبدو فيها ضعف الإنجاز الحقيقى على الأرض، ولو أخذنا «القمامة» كمثال، سنجد أنه فى الوقت الذى كان فيه المتحدث الرسمى للرئاسة يزف بشرى نجاح حملة جمعها، كانت القمامة تعود بنشاط كبير إلى الشوارع.

كلام المتحدث باسم الرئاسة يبدو وكأنه تسديد فواتير «المائة يوم»، ولأن هذا هو المستهدف، فلن يكون هناك علاج حقيقى لقضية القمامة، علاج يقوم على فهم أن نظافة الشوارع هى سلوك عام، يحتاج فى ضبطه إلى إجراءات كثيرة، تتمثل فى تنفيذ حاسم للقانون، وأفكار خلاقة لجمع القمامة تحضر فيها الدولة بكل أجهزتها بقوة وحسم، وشفافية فى التعامل مع كونها مشكلة حقيقية لن ينجح حلها فى ثلاثة أو أربعة أيام.