فى أولى ليالى رمضان الشعرية التى أقيمت ضمن فعاليات الدورة الثانية لمعرض رمضانيات للكتاب، والذى تقيمه الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد مجاهد، بمنطقة الطالبية بشارع فيصل، خصصت الفقرة الأولى من الأمسية لقراءات بعض أشعار الشاعر الراحل حلمى سالم، وقد أدار الأمسية الشاعر السماح عبد الله.
وقال "عبد الله" خلال كلمته، لقد أبت الأقدار ألا يكون هذا المعرض أحد تجليات الفرح الثقافى فى هذا المكان، فصبغته بمسحة من الحزن الشفيف، بعدما غيب الموت فى الواحدة من ظهر السبت الماضى واحدًا من أجمل شعراء مصر، وأكثرهم جرأة ونضالاً وإخلاصًا للشعر، هو الشاعر حلمى سالم، هذا الشاعر الذى كان حضوره الطاغى دالاً دائمًا على الحياة، وكانت اشتباكاته الثقافية والسياسية رامزة دائمًا على قدر كبير من المحبة، لكل ما هو جميل، هو من أكثر شعراء جيله بل من أكثر شعراء مصر غزارة فقد أصدر قرابة العشرين ديوانًا وله قيد الإصدار أكثر من ديوان، وهى حالة غريبة على الشعر المصرى، لكن حلمى سالم كان يرى الشعر فى كل شىء ويحيل كل الموجودات والمفقودات حوله إلى ترانيم باهظة الإيقاع، وهو شاعر مسيَّس احترق فى أتون التجربة اليسارية حتى أذنيه، ويستطيع القارئ لمجريات تطور حركات تحرر الشعوب العربية فى الأربعين عاما المنقضية أن يرصدها رصد الباحث من خلال أشعاره فى مصر والعراق وفلسطين ولبنان حتى أنه خصص دواوين كاملة ترصد حدثا بعينه مثلما فعل فى ديوانه "سيرة بيروت" وديوانه "تحيات الحجر الكريم".
وأضاف، أما ديوانه الأخير "ارفع رأسك عالية" الذى أصدرته هيئة الكتاب فى مثل هذه الأيام من العام الماضى فقد كان تأريخًا شعريًا لثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة، وقد حصد الديوان جائزة أفضل ديوان شعرى فى معرض القاهرة الدولى للكتاب.
وتابع "السماح"، واحد وستون عاما هى كل حصته المصروفة له فى هذه الدنيا، لكنها كانت كافية لصنع حالة شعرية شديدة التميز، حيث قضى حلمى سالم أكثر من ثلثيها مناضلا فى أتون التجربة الشعرية والسياسية، فقد كتب وسافر وأحب واعتقل وحارب وحورب وصودر، وعندما حصل على جائزة الدولة للتفوق عام 2006 قامت الدنيا ولم تقعد حتى سحبوها منه ويبدو أنها كانت البداية التى فتحت عليه أبواب جهنم، ووجد نفسه فى دائرة الاتهام وإذا كانت روحه بطبيعتها مقاومة ومحاربة، فإن جسده بدأت تزحف عليه الأمراض العضال وكان يقاوم بالشعر سلاحه الوحيد وملاذه الوحيد، ويوم الاثنين الماضى أقام آخر أمسية شعرية له فى حزب التجمع، وكان يدعونا واحدا واحدا لحضور هذه الأمسية، ويصر على الدعوة بإلحاح غريب، لم نكن نعلم أنه يريد أن يودعنا ويسلم علينا ويرانا قبل ألا يتاح له أن يرانا ثانية، وبالرغم من أن الأطباء منعوه من إقامة هذه الأمسية وحذروه من مغبتها إلا أنه كتب إقرارا على نفسه بتحمل مسئولية خروجه من المستشفى.
وأضاف، ويرحل حلمى سالم فى وقت أحوج ما نكون فيه إلى أصوات الشعراء الحقيقية الأصيلة الواعية القارئة للمشهد والمعبرة عنه، وسوف تقوم هيئة الكتاب بإقامة تأبين شعرى كبير للشاعر الراحل فى قاعة صلاح عبد الصبور بمقر الهيئة بكورنيش النيل، وذلك بعد أن تعبرنا فجأة اللحظة التى حطت علينا أليمة صادمة قاسية، كما ستنشر الهيئة الأعمال الشعرية الكاملة له، وستنشر سيرته الذاتية والتى كان قد انتهى من كتابتها منذ أيام، رحم الله شاعرنا الفقيد وألهم آله السلوان وقوى قبيلة الشعراء بحيث يحتملون فقده ورحيله، وعزاؤنا أن شعره باق معنا فنستطيع أن نستعيده ونقرأه لنعاين جماله وبهاءه.
وفى الفقرة الأولى ألقيت أشعار من شعر حلمى سالم، فقرأ الشاعر إسماعيل عقاب قصيدة "عكازات"، وقرأ الشاعر السماح عبد الله قصيدة بعنوان "الفوشيا"، والشاعر رجب الصاوى "لو فات القطار"، واختتم الفقرة الشاعر محمد سالم عبادة "فألقى قصيدة بعنوان "فيكتور هوجو".
وفى الفقرة الثانية أمتع الشعراء بقصائدهم التى أهدوها لروح الشاعر الراحل حلمى سالم، واستهلها الشاعر مسعود شومان بقصيدة بعنوان "ساعة الممات"، كما ألقى قصيدتان كتبهما وقت الثورة الأولى عن المتلونين الذين قشروا جلودهم، والثانية عن المتمرجحين بمرجيحة مصر، وأخيرا قصيدة عن شيخ العرب وعن أولياء الله الذين يحاولون هدم أضرحتهم بعنوان "السيد البدوى".
وشارك إسماعيل عقاب بأربعة قصائد هى "المغنى"، "وصية"، "مثلما"، "طيف على ليل المدينة"، والشاعر محمد سالم عبادة "تجربة فصيحة"، "مايكل جاكسون"، "الكلام والقول"، ومن اليمن شارك الشاعر هانى الصلوى، والشاعر رجب الصاوى وألقى قصيدة بعنوان "نفسى"، و"كنا عشاق"، واختتم الأمسية الشاعر الكبير محمد أبو دومة ألقى قصيدة بعنوان "القدس".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة