يبدأ الرئيس مرسى مهمتة فى إنقاذ مصر على أرض وعرة تآكلت تحت وطأة ستين عاما من احتكار المؤسسة العسكرية للحكم وثلاثين عاما من فساد وجمود الرئيس المخلوع وسنة ونصف من دمار المرحلة الانتقالية التى تلته. يبدأ الرئيس مرسى خطواته على هذه الأرض الوعرة من خلال معادلة معقدة تتشابك عناصرها. يأتى هذا الرئيس من عائلة ريفية وبكل حيدة فى الحكم على قدراته، فقد استطاع أن يكون من النماذج المشرفة التى تتفوق على ظروفها وتبرز فى الثانوية العامة، وهو ما مكنه من الالتحاق بهندسة القاهرة ليتخرج فيها من الأوائل. تأتى شهادة الدكتوراة من جامعة جنوب كاليفورنيا كدلالة إضافية على قدرات هذا المصرى فى التحصيل والإنجاز.
عاش الرئيس مرسى عشرات السنوات منتميا لفكر ومنهج الإخوان المسلمين وملتزما بتوجهات مكتب الإرشاد. يواجه الرئيس مرسى مهامه فى هذا الظرف التاريخى متسلحا بعقله الذى لابد أن يرسى له الخط الفاصل بين مسؤوليته الشخصية أمام الأمة والتاريخ وبين توجهات صقور مزايدين فى مكتب الإرشاد. لن يرحمه أحد إن أخطأ بسبب انصياعه لآخرين، ففرق الأمة ليتحول عهده إلى صراع بدلا من نهضة. لابد للرئيس مرسى، وبالمثل، أن يتسلح بعقله ليرسم خطواته بعناية وسط ألغام قبضة العسكر على ما يعدونه مكاسب مستحقة فى الهيمنة على السلطة المدنية وفى الاستقلال عنها وألغام تشدد يجتاح المجتمع ويخطط لابتلاعه وألغام أخرى يضعها أتباع النظام الساقط بدون كلل.
كيف للرئيس مرسى أن يزن خطواته حتى ينفذ بنهضة تتحقق على يديه ويشهد بها حتى كارهوه. هل يستطيع هذا الرئيس أن يحتضن تجربة أردوغان ولا يبدأ من حيث بدأ أربكان؟. هل يقوده عقله ليبدأ من حيث انتهى الآخرون ويصمد أمام مزايدات الصقور بمكتب الإرشاد.
هل يستطيع الرئيس مرسى أن يثبت أنه منحاز لكل المصريين وأن موقع الرئيس يعمل لمصر وليس لمكتب الإرشاد؟. هل يخضع الرئيس لمزايدات زملائه السابقين فى مكتب الإرشاد وتبدأ أخونة للدولة يخفيها من ينفذها ولكن يكشفها كل الشعب؟. هل يستجمع الرئيس مرسى ثقة الشعب أم يفقدها مكتفيا بثقة الجماعة؟. سيكون الإنجاز الحق للرئيس الجديد هو تحفيز الشعب بكل طوائفه للاصطفاف وراءه ليستقوى به فى تحقيق نهضة شاملة وديموقراطية كاملة تضمن سيادة الحكم المدنى المنتخب بشفافية على كل مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة العسكرية. اليوم يقف الرئيس مرسى وحيدا ليبلور بعقله المنفرد استراتيجيته الشخصية بما يتضمن أهداف حكمه ووسائله التى يتبناها. قرارات صعبة ولكنها ضرورية لصنع الفرق بين حكم سيشهد له التاريخ وفشل لن يشفع فيه ندم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة