يحلم المرء كثيرا فى حياته، فمنا من لا تتحقق أحلامه أبدا، ومنا من تكون أحلامه واقعا جميلا، وهناك من يظل يحلم حتى آخر عمره ولا يجد إلا الكوابيس.
هكذا ظل الشعب المصرى يحلم بالحرية ورغد العيش والحياة الاجتماعية المستقرة، إلا أنه بات طوال عمره يلهث خلف رغيف عيش مكبلا بقيود القوانين التى تسن لتحتويه وتضعه على قضبان أراده له نظام الحكم المفروض عليه فينشغل بقوت يومه أكثر من اهتمامه بسياسة النظام وبطانة الحاكم.
وحينما كتبت الأقدار له أن يخرج للدنيا ويستشعر النور بعد ثورة 25 يناير الطاهرة، إلا أنه وجد نفسه فجأة مطلوبا منه أن يشارك فى إرساء قواعد نظام حكم جديد، وعليه أن يختار قوائم فرضت عليه لتشكيل مجالس نيابية، وعليه أن يختار رئيسا يجلس على مقعد النظام، فكنا كمن نطلب من طفل غض أخضر لم يقو عوده على الوقوف وبالكاد يحبو فنطلب منه أن يشارك فى سباق العالم للسرعة، وأن تشاهده الدنيا وماذا سيفعل ليسجل نفسه فى كتب التاريخ، هكذا شاءت الأقدار أن نلقى بعامة الشعب فى أتون السياسة وألاعيبها ودهاليزها ليتحمل قوانين التعامل معها ونتائجها التى عليه أن يتقبلها بعد فترة انتقالية مليئة بالصراع امتدت لعام ونصف العام ذهب خلالها لصناديق الانتخابات حوالى سبع مرات، وهو الذى ربما قضى عمره، ولم يعرف شكل الصندوق وكيف يختار،
واليوم، وقد فاق الكثيرون من أحلامهم على وطن لم يعتادوا عليه وعلى مصر مختلفة شكلا ومذاقا ولونا وقانونا، فبدا الشعب مختلفا أيضا على نفسه فمنهم من كان يحلم بالجديد ففرح وسعد، وهو لا يعلم الغيب وما يحمله، ومنهم من يخشى المشهد كاملا ويتخوف منه ومنهم من يترقب ويرى أملا فى مستقبل أفضل، ومنهم أيضا من رأى المشهد ضبابيا لا لون ولا طعم ولا رائحة له، والسبب فى ذلك جميعه أن الساحة فى مشهدها الأخير لم يسلط الضوء فيها إلا على صورة لصراع مرير دام عشرات السنين بين نظام حكم سابق، وتنظيم عاش معه، يحاول كل منهما أن يقضى على الآخر، فكان الخوف من كليهما مسيطرا على العامة ممن يحلمون بالراحة والاستقرار بعد هذا العناء الطويل.
وإلى الفرحين المهللين السعداء أولا نعم آن لكم أن تفرحوا لكن حنانيكم، دعوا القافلة تسير ودعوا من كتب الله عليه أن يتحمل المسئولية أن يتحسس خطاه فى رفق وأناة لا أن نحيطه برؤى مسبقة وتصريحات متتالية، وخيارات معدة وفرق مهيئة مستعدة، فنزيد خوف الخائفين ورعبهم، نعم اتركوه يرحمكم الله فهو وحده من سيحاسب أمام ربه يوم العرض عليه عن هذه الأمة وإقامة العدل فيها، ولندعو الله أن يعينه فقد بات الآن أمام خيارين كلاهما صعب، إما الاستمرار فى الولاء لطرف واحد دفعه لسدة الحكم وسانده بكل ما أوتى من قوة من مال ورجال وفكر، وإما أن يوسع من دائرته، ويرى أنه الآن ينتمى لوطن كامل بكل ألوانه وأطيافه وفئاته، وعليه أن يستفيد من كل الكفاءات التى تعيش فيه لا أن يظل فى دائرة تسديد الفواتير ودفع ضرائب كرسى الحكم حتى آخر العمر،
وإلى المتشائمين المتخوفين الرافضين للمشهد بأسره أما وقد قال القدر كلمته فتفاءلوا بالله خيرا وانفضوا عن كاهلكم الخوف من المجهول وافتحوا بابا للأمل، فلعل الله يكتب لمصر الخير بعد عناء وشقاء وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
هكذا أفيقوا من أحلامكم والكوابيس التى تحل عليكم ليل نهار وانسوا الحلم لتعيشوا الواقع وأجمل ما فى الأحلام أن تقولوا بعدها: "حلم.. واللهم اجعله خير".
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سعد متولي
مقالة رائعة
التعليق فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
د صفاء الليثي
وجهة نظر قي محلها
عدد الردود 0
بواسطة:
المهندس الاستشاري فتحى جبر
فعلا اللهم اجعلة خير اللهم انى اعوذ بك من سوء الاحلام ووسوسة الشيطان
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
مقالة رائعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أيمن جمال مشيمش
تحياتى دكتور هانى
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد محمود المالح
الأحلام مطلوبة
عدد الردود 0
بواسطة:
ثابت متولي
يادكتور ما هي باينة من الأول
عدد الردود 0
بواسطة:
سيف الحق ادريس
البلد رايحه على فين
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد خاطر
الأحلام والكوابيس
عدد الردود 0
بواسطة:
د لمياء الشاعر
ربنا ينجي مصر