رأيت اليوم أن أتشاطر هذه التجربة مع القراء لكثرة ورودها على والأسئلة الكثيرة حولها، وكثيرا ما يساء تشخيصها، حيث جاءت إلى العيادة هذه السيدة التى تبلغ الستين وبضعة أشهر من عمرها، وتتابع ضغطها فى العيادة بانتظام وحالتها مستقرة، وحدث قبل عشر سنوات أن كان لديها ورم سرطانى فى الثدى الأيسر وتم إزالته وشفاؤها منه نهائيا.
والجديد فى حالتها أنها بدأت تشعر بضيق فى التنفس، خاصة عند النوم، وأصبح ضيق التنفس هذا يزداد عليها خلال الأسابيع الماضية تدريجياً، على الرغم من انتظام الضغط، ومع ذلك الضيق كان هناك ألم عند التنفس ويزداد عليها عند النوم ويخف عليها عند الجلوس.
وعند الفحص السريرى وجدت أن أوردة الرقبة محتقنة وتزداد تلك الأوردة ارتفاعا مع الشهيق كذلك وجدت أن الضغط الشريانى ينزل كثيرا مع فترة الشهيق فى التنفس، أما أشعة الصدر فاتضح أن حجم القلب متضخم، فى ذلك الوقت بدأ التفكير فى الاحتمالات التى من الممكن أن تسبب هذه الأعراض مجتمعة، وكان على رأس تلك الاحتمالات هو تجمع سوائل حول عضلة القلب، فما كان إلا أن أخذت المريضة برفقة زوجها إلى جناح تصوير القلب بالأشعة الصوتية، حيث تأكد الاحتمال التشخيصى، ألا وهو وجود سوائل فى غشاء التامور المحيط بعضلة القلب وتؤثر على انبساط البطين الأيمن، فكان لابد من موافقة المريضة أخذ عينة من تلك السوائل المحيطة بالقلب لغرضين، الأول تشخيصى، حيث تفحص تلك السوائل تحت الميكروسكوب وتحليل البروتين والمؤشرات الحيوية الأخرى وزراعتها للتأكد من خلوها من البكتيريا، والغرض الثانى علاجى، حيث يتم إزالة السوائل عن طريق أنبوب بلاستيكى يوضع حول القلب لمدة ٢٤ ساعة تقريبا تزيد وتنقص على حسب المسبب الأساسى للسوائل.
وأظهر الفحص الميكروسكوبى لتلك السوائل وجود خلايا سرطانية فى العينة المأخوذة من المريضة، وبالتالى تم تحويلها إلى عناية طبيب الأورام.
ولكثرة استفسار المرضى وعوائلهم عن السوائل المحيطة بالقلب فسنعرض بشىء من التبسيط الفرق بين غشاء القلب وشغاف القلب؟
الغشاء القلبى أو ما يسمى التامور أو غلاف القلب هو عبارة عن غشاء مزدوج رقيق ولكنه قاس له طبقتان إحداهما جدارية والأخرى باطنية ملتصقة بعضلة القلب التصاقا وثيقا، وغشاء القلب pericardium هذا يختلف - فى أغلب مصادر الطب العربية - عن طبقة شغاف القلب endocardium وهى عبارة عن طبقة ملساء من الخلايا تبطن حجرات القلب من الداخل، وهى تحديدا ما يفصل بين عضلة القلب والدم الجارى بين الحجرات.
ومن الطبيعى أن توجد كمية بسيطة من السوائل لا تتعدى 50 ملل صافية اللون، وهى عبارة عن بلازما مفلترة وتكون فى المساحة الموجودة بين عضلة القلب والغشاء المحيط به، وهى لا تختلط بالدم الموجود داخل عضلة القلب نهائيا، وهى فى تغيير مستمر، حيث هناك توازن بين إنتاج ذلك السائل من الخلايا المبطنة للغشاء المحيط بعضلة القلب، وكذلك الامتصاص المستمر من القنوات الليمفاوية لذلك الغشاء، ووظيفتها أن تقلل الاحتكاك بين عضلة القلب والنسيج الليفى المحيط بالقلب وتحمى القلب من الأعضاء المحيطة به وتثبته فى مكانه داخل التجويف الصدرى وتوزع الضغط بانتظام على جميع حجرات القلب.
وفى الحالات المرضية قد يكون لونها صافيا أو مشوبا بحمرة أو أحمر قانيا كالدم أو شديد البياض كالحليب أو صديديا، ويغطى الغشاء البلورى القلب ماعدا جزء بسيط من الأذين الأيسر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة