يعد ملف التعليم من الملفات والقضايا الاستراتيجية المهمة التى تمس الأمن القومى المصرى، والذى يحتاج إلى نظرة عاجلة من أول رئيس منتخب لمصر عقب أحداث الثورة الدكتور محمد مرسى، لوضع حلول لمشاكله الأزلية التى تعيب ذلك الملف منذ زمن بعيد، وذلك وفقا لمشروع النهضة الذى نص على ضرورة العمل على أن يصمم المشروع التعليمى بالكامل حول الطالب، وبالتالى تنتقل استراتيجية التعليم من مجرد كفاءة الطالب فى تحصيله العلمى، إلى جودة ومرونة العملية التعليمية، بما يحقق فرص وتطلعات كل شرائح المجتمع المصرى، ويلبى احتياجات سوق العمل، مثل هذه الاستراتيجية تقتضى زيادة ميزانية التعليم من نسبتها الحالية فى موازنة الدولة "3.3% إلى المعدل الإقليمى 5.2% من إجمالى الناتج المحلى "إلى جانب وجود مناقشات وقرارات تم إصدارها من جانب مجلس الشعب المنحل، فيما يخص تطوير النظام التعليمى، والتى كان آخرها قانون الثانوية العامة الجديد.
وعقب وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم، سيطر العديد من المخاوف على المتخصصين فى مجال التعليم والشارع المصرى، حول توحيد النظم التعليمية وتحويلها إلى نظام دينى، وهو ما قد يؤدى إلى تقسيم المجتمع، وفقا لأيدلوجيات وطائفيات، وهو ما نفاه ممثلون للجماعة، مشيرين إلى أنها مجرد فزاعات تثار ضد التيار الإسلامى.
من جانبه، أكد النائب محمد العزباوى عضو لجنة التعليم بمجلس الشعب المنحل عن جماعة الإخوان المسلمين، أن اللجنة ناقشت العديد من الملفات المهمة الخاصة بتطوير التعليم فى مصر فى المرحلة المقبلة، وذلك لعرضها على الرئيس المنتخب والوزراء المعنيين، لإيجاد حلول فاعلة لمشاكل التعليم الأزلية، حيث اهتمت خطة تطوير التعليم بالعديد من المحاور المهمة، وكان على رأسها كيفية إعادة الطلاب إلى المدارس، بعد أن أصبحت جميعها خاوية على عروشها، خاصة فى مراحل التعليم الثانوى، وانتقلت العدوى إلى المرحلة الإعدادية، مشيرا إلى ضرورة العمل على إعادة التلميذ إلى المدرسة، متسائلا: إذا كان الطالب غير موجود فلماذا يتم التطوير؟!
وأشار العزباوى إلى أنه قد تم وضع مقترح لحل تلك المشكلة، من خلال تخصيص درجات للمواظبة تساوى درجات المستوى الرفيع، تضاف إلى المجموع النهائى للطالب، يأتى ذلك إلى جانب الاهتمام بسلوك الطلاب، بعد تفشى ظاهرة عدم احترام التلاميذ للمدرسين خلال الفترة الأخيرة، وذلك أيضا من خلال تخصيص درجات للسلوك، وبذلك تصبح طريقة معاقبة الطالب من خلال الدرجات التى تزيد من مجموعه النهائى، مما يجبر الطالب على الالتزام بالسلوك الجيد مع أساتذته وزملائه، حتى يصبح ذلك إطارا وسلوكا عاما لكافة الطلاب.
وعن الثانوية العامة، أكد العزباوى، أن القانون الجديد الذى وافق عليه مجلس الشعب جعل الثانوية العامة مرحلة منتهية مثلها مثل الدبلومات الفنية مؤهل متوسط يحق لحامل الشهادة العمل بها، كما يحق له الالتحاق بالجامعه فى مدة 5 سنوات من تاريخ حصوله على الثانوية، مضيفا أن الاهتمام بالمناهج من الأسس المهمة التى يجب أخذها فى الاعتبار لتطوير التعليم، لافتا إلى وجود لجان عاكفة على ذلك، وإعادة تأليف الكتب الدراسية من جديد بعيدا عن المحسوبيات التى كانت تحدث فى ظل النظام السابق، قائلا: تلك مرحلة جديدة وستكون مختلفة عن الماضى، ونظام الدولة كله سوف يتغير، من خلال إعادة الاهتمام بالكفاءات، والنظر بعين جادة إلى خريجى كليات التربية، وإصدار قرار بإعادة تكليفهم، وذلك بالإضافة إلى الاهتمام بالأنشطة التعليمية، وتخصيص درجات لها تضاف إلى المجموع.
وعن التعليم الفنى، أكد العزباوى، على ضرورة النظر إلى تطوير التعليم الفنى وفقا لما يحتاجه المجتمع من تخصصات، مشيرا إلى أن الخطة الزمنية المحددة لتطوير التعليم فى مصر يعكف عليها العديد من الخبراء لأن لتحديدها وعرضها على الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، لبدء العمل بها، مؤكدا أنه لم يتم حتى الآن تحديد الميزانية المفترض تخصيصها لتطوير التعليم وإعادة هيكلته من جديد.
وشدد العزباوى، على أن كل ما يثار الآن من مخاوف حول قيام جماعة الإخوان المسلمين بوضع خطة لتوحيد نظام التعليم فى مصر وتحويله إلى تعليم دينى، ما هى إلا فزاعات من التيار الإسلامى لا أساس لها من الصحة، قائلا: نحن نهتم بالتعليم وبالفن، وما يهمنا هو النهوض بالتعليم وفقا لمشروع النهضة الذى تم وضعه من جانب متخصصين فى كافة المجالات، مؤكدا أن الحكومة الجديدة سوف تشهد متخصصين فى كافة المجالات لتولى الحقائب الوزارية المختلفة، ويسأل عن ذلك الرئيس الدكتور محمد مرسى.
بدوره، شدد الدكتور عاطف بدوى، وكيل كلية التربية بجامعه طنطا وأستاذ المناهج وطرق التدريس، على ضرورة اهتمام التعليم فى مصر فى المرحلة المقبلة بالجميع دون تمييز أو تفرقة لأنه قضية أمن قومى، وذلك حتى لا يتم تقسيم المجتمع وفقا لطائفيات أو أيدلوجيات دينية.
وأشار بدوى، إلى أن حل مشاكل التعليم فى مصر تكمن فى العديد من الأمور، أهمها ضرورة عودة النظر إلى المناهج حتى يتمكن المعلم من تدريسة بسهولة إلى الطلاب، مشددا على أن يقوم متخصصون بتأليف الكتب الدراسية بدلا من طرح مسابقات فى الصحف عن الحاجة إلى مؤلفات للمناهج الدراسية كما كان يحدث فى النظام السابق، وهو ما أدى إلى الوصول لتلك المرحلة المتدنية فى التعليم لوجود العديد من الأخطاء بها والحشو، وعدم الاهتمام باحتياجات الطلاب من المناهج الدراسية.
لافتا إلى ضرورة الاهتمام بأساتذة كليات التربية الذين تم إهمالهم نهائيا، وعدم مشاركة المتخصصين فى وضع المناهج الدراسية، قائلا "لو عالجنا الكتب الدراسية أصبح لدينا تعليم متطور فى مصر" إلى جانب إعادة تكليف خريجى كليات التربية الذين لم يعد لديهم أى فرص عمل الآن، موضحا أن تطوير التعليم الفنى يعتمد على إعادة دراسة المجتمع لما يتطلبه من حرف، والاهتمام بالمعامل والورش، وضرورة إنشاء كليات فنية للمتميزين من خريجى الدبلومات الفنية.
أما الدكتور أحمد طنطاوى أستاذ ورئيس قسم التربية المقارنة، فأكد أن التنوع فى النظم التعليمية فى مصر أمر مهم، ولا يمكن تحويل التعليم إلى نظام دينى موحد، لأن ذلك سيتسبب فى حدوث أزمة طائفية حادة وتقسيم للمجتمع، لأن لدينا فئة كبيرة من الأقباط سيؤدى ذلك إلى قيامهم بإنشاء نظام تعليمى خاص بهم، مشيرا إلى أن المجتمع فى حاجة إلى التنوع والتعدد، ويجب الاهتمام الآن بتغيير المناهج للأفضل، وأن تكون سياسية التعليم قومية وليست شخصية، حيث يشارك فيها كافة أطياف المجتمع من طلاب ومعلمين وأساتذة جامعات وهيئات مجمتع مدنى ووضع أسس وبنود يلتزم بها الوزير الذى سيحمل حقيبة التعليم الوزارية، مشيرا إلى أن التعليم فى النظام السابق كان يسير وفقا لسياسة أشخاص، ووفقا لاتجاهات وميول كل وزير يتولى شئون التعليم.
وشدد طنطاوى، على أهمية إعطاء ملف التعليم لذوى الخبرة ووجود توازن فى التعليم، لافتا إلى عدم جواز الاهتمام بالتعليم العملى على حساب التعليم الفنى بالرغم من أنه أساس التنمية، قائلا: أننا كأساتذة تربية لا يؤخد برأينا فى الملف التعليمى، بالرغم من كوننا فى الأصل استشاريين، فكليات التربية تريد نظرة وإعادة هيكلة وتطوير، فكان من الخطأ الفادح إلغاء تكليف خريجى التربية وتعيين معلمين من خريجى كليات أخرى كالآداب، بحجة أنهم أبناء المجمتع ويجب توفير فرص عمل هم، بالرغم من أن التعليم من الملفات الشائكة التى يجب أن لا يعمل بها غير المتخصصين وخريجى التربية.
من جانبها، أكدت الدكتورة محبات أبوعميرة عميدة كلية البنات جامعة عين شمس سابقا، على ضرورة اعتماد النظام التعليمى فى ظل النظام السياسى الجديد بعد انتخاب الدكتور محمد مرسى رئيسا للجمهورية على إحداث توازن بين الدولة المدنية والمرجعية الدينية، موضحة أنه لابد أن يأخذ النظام الجديد فى عين الاعتبار التجارب الدولية والانفتاح على العالم فى مجال التعليم، مثل التجارب الخاصة بالاتحاد الأوروبى، وكذلك النظام التعليمى الروسى، وعدم الاقتصار على النموذج التعليمى التركى أو الماليزى، لكى يتم إعداد الطلاب لسوق العمل الدولى.
وأشارت أبو عميرة، إلى وجود مشكلات تواجه التعليم فى الفترة الحالية لابد من إيجاد حلول لها فى الفترة القادمة وعلى رأسها تخفيف المناهج فى المراحل الأولى للتعليم، مع الحفاظ على الأساسيات، وأيضا تحسين أوضاع المدرسين بشكل لائق، للابتعاد عن الدروس الخصوصية، وإصدار تشريع يجرمها، لافتة إلى ضرورة تطوير الإدارة فى المدارس والجامعات بوضع معايير الكفاءة والمواطنة، وليس أهل الثقة، مشددة على ضرورة وضع نموذج لتعليم ذوى الاحتياجات الخاصة ووضع معايير لانتخاب القيادات الجامعية، وأن يكون الاعتماد على أهل الكفاءة.
"التعليم" ينتظر حلول "مرسى" لمشاكله.. ومخاوف من تحويله إلى نظام دينى.. أساتذة التربية يطالبون بعمل نظام تعليمى يوازن بين الدولة المدنية والمرجعية الدينية.. ووضع سياسة قومية بدلا من السياسات الشخصية
الأحد، 08 يوليو 2012 05:11 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد من الناس
الرد على المقال التعليم
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed tawab
مدرس بمدرسه المعصره البلد محروق قلبه علي اولاد مصر الغاليه