خلال الستة عقود الأخيرة من تاريخ مصر كان حظها أن يكون معظم حكامها يحملون اسم "محمد" فكان هناك محمد نجيب ومن بعده جاء محمد أنور السادات ثم محمد حسنى مبارك ثم بعد عبير الثورة وضيائها جاء محمد مرسى فربما يعد هذا صدفة ولكنها ربما صدفة غريبة جعلت الأمر الواجب هو أن نرى هل كان كل محمد منهم متشابه مع الآخر فى فترة حكمه كما حدث وتشابه معه فى الاسم؟
الغريب أن رمز النهضة المصرية الحديثة كان يحمل أيضاً نفس الاسم وهو "محمد على" ولكن هل كان هناك من حكام مصر فى ظل الجمهورية من يقدم نفسه كرمز للنهضة التى تعيد للأذهان هذا القائد الأجنبى على مصر والذى استطاع أن يتغلغل فى مشاكلها ويعالجها ويقدم لها حلول تبدو أكثر واقعية وتخلق مكتسبات على أرض الواقع.
محمد نجيب، ذلك الحاكم الذى بقى فى ذهن المصريين مجرد خيال رغم كل ما يقال عنه وعن طريقة إبعاده إلا أنه لم يكن له التأثير الواضح وربما كان ذلك بسبب قوة مجلس قيادة الثورة وقوة تنظيم الضباط الأحرار الذى استعان به فى البداية من أجل أن يكون قيادة وواجهة ثم سرعان ما تم تصعيد غيره الذى كان له النفوذ داخل الظباط الأحرار وهو جمال عبد الناصر.
محمد أنور السادات، الرئيس الذى تحمل مسئولية البلاد فى وقت كانت البلاد فيه محتلة من قبل عدو خارجى جعل السادات يعمل على جمع كافة القوى تحت شعار استعادة الأرض وربما لرجاحة عقله جعل الأمر يظهر وكأنه ميل للسلام فى الوقت الذى كانت فيه الحرب واجبه ولكن السادات بعد أن حرر الأرض بدأت سياسات الانفتاح تؤدى إلى تأثيرات اجتماعية خطيرة إضافة إلى القلق الذى أحدثته معاهدة السلام وهو ما أدى إلى اغتياله ولكن الثابت أن أواخر فترة حكم السادات كانت الضوء الأول فى طريق انهيار مؤسسات الدولة وبعدها عن منطق العدالة الاجتماعية بكافة صوره.
محمد حسنى مبارك ذلك المخلوع من قبل الثورة، هو الرئيس المصرى الأول الذى تثور عليه ثورة شعبية سلمية وتستطيع أن تسقطه فعندما خرج عرابى من قبل لم يستطع أن يفعلها بل اعتبره العديد من المؤرخين السبب الخفى فى الاحتلال الإنجليزى لمصر ولكن عزيمة ثوار يناير وسوء الأوضاع على كافة المستويات نتيجة لسياسات هذا النظام جعلت الثورة تنتصر، فنظام مبارك أخرج المواطن من قاموسه مع أنه كرئيس للدولة يقسم على حماية هذا الوطن وما عليه ولكن ما حدث كان خطة ممنهجة لضرب مقومات وعناصر الدولة وجعلها فى قبضة مجموعة من رجال الأعمال وجعل الدولة ملك للرئيس وأبنائه وحاشيته مما جعل مبارك فى النهاية يدخل التاريخ كأول رئيس عربى يحاكمه شعبه بعد أن ثار عليه.
محمد مرسى، ذلك الحلم الذى كان فى خيال المصريين دائماً والحلم لم يكن مرسى بشخصه ولكن مرسى بصفته أول رئيس مدنى منتخب بإرادة حرة وبانتخابات نزيهة فمحمد مرسى عليه أن يدرك كونه رئيساً للدوله أن كل من سبقه وحمل اسم محمد كانت لهم خلفية عسكرية وكانت لهم سياسات فاشلة أفرزت سخط وغضب وثورة فى النهاية من قبل الشعب الذى تحمل كثيراً وعليه أن يعمل من أجله.
ما بين محمد ومحمد يبرز الفرق الكبير فى السياسات والواقع المحيط بكل محمد فيهم فمن المؤكد أننا جميعاً الآن نريد أن ننتج محمد على المصرى وليس محمد على الأجنبى الذى قاد النهضة المصرية، نحتاج إلى محمد على نابع من هذه الأرض ويقود نجاحها ونهضتها.
