إبراهيم عبد المجيد

الإساءة الخفية للرئيس الجديد

الجمعة، 06 يوليو 2012 01:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سيختلف الكثيرون مع الدكتور محمد مرسى سياسياً، هذا طبيعى، فالرجل قادم من جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الذى لا يختلف عنها، أعنى «الحرية والعدالة»، وستشهد الحياة السياسية المصرية مناقشات وتحليلات لكل عمل يقوم به الرجل، وهذا أيضا طبيعى، والرجل لم يقفز علينا بانقلاب سياسى أو عسكرى، لكن بانتخابات انضم إليه وإلى حزبه فيها عدد كبير جدا من شباب الثورة ممثلى التيار المدنى فى مواجهة صريحة لأحمد شفيق، ممثل النظام السابق، الذى قامت ثورة يناير عليه. وميدان التحرير الآن مرهون بما سيقوم به الرجل من أعمال وما سيأخذه من قرارات، لن تستقر الثورة بسهولة فى الأيام القادمة، وهذا أيضاً طبيعى، فإيقاع الثورة لا يزال يسبق إيقاع الدكتور مرسى، كما كان يسبق دائما إيقاع المجلس العسكرى، هذا كله لا يهمنى الآن، أعنى فى هذا المقال، لكن الذى أريد أن أوضحه أنه فى الوقت الذى سيكون فيه الخلاف مع الرجل أمرا عاديا ومحتملا ويراد به الأفضل، كما يتصور المختلفون، فهناك فى مصر عدد كبير جدا سوف يسيئون للرجل أكبر إساءة وسيتسببون فى جو من الفزع والرعب والشائعات، هؤلاء هم الذين يرون وصول الدكتور مرسى إلى الحكم وصولاً للإسلام، وطبعا الإسلام الذى يعرفونه هو والذى نراه حولنا منذ أربعين سنة، جلباب ولحية ونقاب وحجاب وميكروفونات فى المساجد وصلوات فى الطرقات وإطلاق أسماء من الجزيرة العربية على المطاعم والملاهى والعمارات، وليس العدل والمعاملة الطيبة وعدم الغش والسرقة وإتقان العمل والنظافة والنظام وعدم مخالفة قوانين البناء ولا دفع رشوة من أجل ذلك ولا تقديم طعام نظيف فى المطاعم ولا عدم المغالاة فى الأسعار فى البيع والشراء، وهكذا. هؤلاء للأسف الذين يجعلون من الدين شكلا يريحهم ويطلق يدهم فى التصرفات المسيئة للآخرين يظهرون الآن، وسيظهرون بقوة فى الأيام القادمة، وستكون إساءتهم للرئيس أكبر من أى إساءة، هم موجودون فى مصر بقوة تراهم حولك ليل نهار من زمان، لكن الآن يشعرون بالقوة، فالإسلام- كما يرون هم- قد وصل إلى الحكم، ومن ثم فهم سادة البلاد–بالمناسبة أحد أعضاء مجلس الشعب فى خناقة مع الفنان صلاح عنانى بالتليفزيون، قال له: الإخوان أسيادك، فما بالك بالشخص العادى الذى جعل هذه المظاهر كلها طريقه للدنيا وليس للآخرة– لقد بدأ هؤلاء يتحركون فى الشوارع يرشقون الفتيات غير المحجبات بكلمات أقرب إلى الوعيد، وكذلك السيدات والفتيات اللاتى يقدن السيارات، هؤلاء لا يتحركون وفق نظام ولا وراءهم جماعة أو هيئة، ولكنهم بشكل تلقائى يتحركون وفق ثقافة دينية شكلية لا علاقة لها بالدين من قريب أو بعيد. وسوف يزدادون فى الأيام القادمة، وخصوصا فى رمضان الكريم، وهم لا يعرفون أن ما يفعلونه يتحول إلى مادة إعلامية على مواقع الفضاء الافتراضى، ويخلق تيارا من التوتر شيئا فشيئا سيصب فى الاتجاه المضاد للدكتور محمد مرسى كرئيس للدولة المصرية. غير هؤلاء الذين يفعلون ذلك وفق ثقافتهم التى لقنها لهم شيوخ المساجد والمدرسون فى المدارس والفضائيات التى تسمى نفسها دينية ولا تتحدث إلا فى المظهر باعتباره هو الدين، وفى المرأة إلا باعتبارها الشيطان، وفى العلماء والمفكرين والكتاب والفنانين والصحفيين إلا باعتبارهم أتباع إبليس، وغير ذلك من الكلام الفارغ الذى ينهمر على رؤوس المصريين منذ أربعين سنة، أقول غير هؤلاء سيظهر من يتحركون وفقا لتعليمات من بعض المشايخ أو غيرهم. وهكذا سنجد أنفسنا أمام حوادث غير مفهومة، منها ما حدث فى مدينة التل الكبير من قتل أخوين أحدهما يعمل موسيقيا فى الأفراح، وهى حادثة لم يتم فيها القبض على الجناة حتى الآن، الأربعاء وأنا أكتب هذا المقال، وكذلك مقتل طالب كلية الهندسة بالسويس الذى كان يقف مع خطيبته منتظرا أن تركب الميكروباص لتعود إلى بيتها، قيل فى البداية على كل المواقع الصحفية أن الشباب الملتحين سألوه لماذا يقف معها وما علاقته بها ولم يقتنعوا أنها خطيبته فضربوه بالخيزرانة على طريقة الأمر بالمعروف فى السعودية، ولما احتج قتلوه. أقول قيل فى البداية ذلك وليس لى علاقة بما قيل بعد ذلك الذى يمكن أن يكون قد جرى فيه التأثير على أهل القتيل لتغيير أقوالهم، حتى لا تشتعل البلاد ضد التيار الدينى أو السلفى أو ضد أصحاب اللحى، وتأخير القبض على المتهمين سيجعل دائما الموضوع فرصة للحديث الحقيقى وغير الحقيقى، وفى كل الأحوال مرتكبو الجرائم ملتحون سواء كانت هذه الجرائم لا صلة لها بالاعتقاد الدينى أو لها صلة، طبعا هناك من حاول أن ينفى التهمة عن السلفيين والإسلاميين وقال إن هذا من تدبير أمن الدولة فى حرب النظام القديم على الإخوان المسلمين، ولم أقتنع بذلك لأنه من زمان هناك من يتدخل فى حياة الآخرين باسم الدين، وهو إن كان فعل ذلك من قبل فى هدوء، فهو يرى الآن أن الفرصة جاءته لتطبيق شرع الله، كما علمه فقهاء الظلام. الأيام القادمة ستشهد حوادث كثيرة من هذا النوع، وستكون عبئا على الرئيس الجديد، وستكون إساءتها له أكثر من أى قرارات سياسية أو اقتصادية خاطئة.

على مواقع الإنترنت كليب غريب لشخص يقول إنه تزوج زوجته على طريقة «ما ملكت أيمانكم»، يتحدث عن نفسه باعتباره دارسا لعلوم الدين فى الأزهر، ويقول إن النساء ممن يقعن تحت فئة «ما ملكت أيمانكم» من حقهن عدم ارتداء الحجاب وعورتهن مثل عورة الرجل من السرة حتى الركبة ومن ثم يرتدين الجوب القصير والمينى جوب ويطلقن شعورهن. وهذا النوع من الزواج يحل مشكلة رفض بعض النساء والفتيات ارتداء الحجاب أو النقاب أو الإسدال أو الخمار مما يراه هو زيا إسلاميا، الرجل يعرف أن «ما ملكت أيمانكم» يقصد بهن الإماء فى عصر كان فيه الإماء والعبيد أمرا عاديا، ورغم اقتناعى أن موضوع الحجاب جاء للتفريق فقط بين الأمة والحرة ولا علاقة له بالدين، وكان القصد منه ألا تتعرض الحرة للخطف من قطاع الطرق إذا خرجت تقضى حاجتها فى الصحراء، بينما الأمة فى كل الأحوال- خطفت أم لم تخطف- فهى أمة. رغم اقتناعى بهذا المعنى للحجاب وهو معنى اجتماعى فى عصر اختفت مظاهره الآن فإن الرجل لا يعرف أن عصر الإماء والعبيد قد انتهى من زمان، وليس معنى أن تغرى المرأة بالسفور أن تحولها إلى أمة.

علق البعض على هذا الكليب بأن الرجل عامله اشتغالة لا أكثر، لأن المرأة زوجته فى الحقيقة، لكن يظل السؤال: ما معنى هذه الاشتغالة إذا كان ذلك حقا؟ ومن يحاسب هذا الرجل على الاشتغالة إذا كانت كذلك أو على الحقيقة إذا كانت كما يقول؟ هؤلاء هم من سيقدمون أكبر إساءة للدكتور محمد مرسى كما قلت وليس المختلفون معه فى الرأى، فى السياسة أو الاقتصاد، أو غيرها من القضايا.








مشاركة

التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو عبد الله المنصورى

أستاذ وأديب وناقد لاينخدع

عدد الردود 0

بواسطة:

على عثمان

الحمد لله على وجود هولاء المفكريين امثالك

عدد الردود 0

بواسطة:

كرولوس مهتدى

قيل له وهم يفتكون به*أتبول فى ماء زمزم-قال اردت ان أذكر ولو باللعناتى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة