الاحتلال نوعان: احتلال أجنبى مباشر وفيه يحط المحتل الأجنبى بخيله ورجاله على أرض الوطن فارضا أحكامه ومتحكما فى شئون الوطن والمواطنين باستخدام كل السبل بما فيها القوة العسكرية إذا لزم الأمر، وذلك فى حالة بزوغ حركات تحررية أو ظهور بؤر لمقاومة ذلك المحتل، وهذا النوع من الاحتلال قد انتهى من العالم أوكاد، حيث لم يعد له مكان فى العالم اللهم إلا فى فلسطين التى ترزخ تحت نير الاحتلال الإسرائيلى الغاشم.
أما النوع الثانى من نظم وأشكال الاحتلال فهو الاحتلال الوطنى.. حيث يقفز إلى سدة الحكم أناس من بنى جلدتنا ويتحدثون لغتنا ويصلون معنا فى مساجدنا وكنائسنا ولكنهم ينوبون عن المحتل الغاشم باحتلال آخر، حيث يدينون بالولاء والطاعة لإحدى القوى الدولية التى تكون ظهير لهم ويستمدون منها العون والسند والحماية فى الاستئثار بالحكم والتحكم واحتكار خيرات الوطن وتقسيمها على القبيلة الحاكمة والمقربين وأهل الثقة والحظوة وحملة المباخر.. ويكون ذلك مقابل القيام بدور الحارس والخادم الأمين للمحتل القديم الذى طور من أسلوبه فى احتلال الدول ليصبح احتلالا ناعما وهو احتلال أقل تكلفة ومشقة من الاحتلال المباشر الذى يحتاج إلى أموال ومعدات ورجال، وقد يفضى إلى مقاومة شرسة من الشعوب المحتلة، فيتكبد المحتل خسائر فادحة فى الأموال والأنفس والعتاد.
وبنظرة على عالمنا العربى يدرك المرء أن الاستقلال التام لمعظم الدول العربية لم يتحقق بعد.. فجميع الدول العربية يحكمها رؤوساء وملوك وأمراء يحملون أسماء عربية ويتحدثون العربية ويرتدون ملابس بلادهم الوطنية بيد أن القرار ليس عربيا خالصا فمازلنا فى هذا الطور من الاحتلال الناعم الذى لاتملك فيه الشعوب قرارها لأن قرارها مع حكامها وحكامها لديهم مستحقات ومصالح وضرائب تجاه القوى التى تشكل لها السند فى إحكام قبضتها على مقاليد الحكم فى بلادها.. فلا تستطيع أن تستقل بالقرار نهائيا حتى لايستدعى ذلك غضب الرعاة الرسميين لأنظمة الحكم فى بلادنا.. ولكننا فى مصر فعلناها بدماء شبابنا وتضحيات وبسالة رجالاتها وحكمة وصبر شيبتها.. نعم فعلناها.. لقد كان يوم 30 من يونيو هو يوم عيد الاستقلال الوطنى من كافة أشكال الاحتلال سواء كان احتلالا أجنبيا أم احتلالا وطنيا تزعمه مبارك وحاشيته.. لقد اعتلى حكم مصر حاكم جاء بإرادة شعبية لأول مرة فى تاريخه.. وهذه الملايين التى اختارت مرسى لهى النصير وهى السند وأيضا هى الرقيب عليه.. وبالتالى سيكون الشعب فقط نصب عينيه عند اتخاذ القرار ليكون تلبية لرغبته وتحقيقا لطموحاته وأمانيه وليس من أجل أن ترضى عنه دول كبرى أوصغرى.. لقد مضى عهد الاستعمار حقا.. وتحية لأرواح الشهداء الذين كلل الله تضحياتهم بأن أصبحت مصر درة بين الأمم تتباهى بتجربتها الفريدة فى الحرية وطلب الكرامة طارقة وبقوة أبواب المجد والتقدم.
مبارك
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
دكتور عبدو
حرام عليكم
انا التكتور عبدو