من الأمور التى تستدعى النظر على الساحة الآن ظاهرتان تستوقفان المتابع لحال المحروسة، أولاهما كثرة الرسائل الموجهة إلى الرئيس المنتخب لتذكيره بتعهداته التى ألزم نفسه بها من المشاركة والتوافق وتعيين مجلس رئاسى ليس من الإسلاميين إلى وزارة، ورئيس وزراء مستقلين، أى حكومة وحدة وطنية، إلى متابعة أسر الشهداء وتحسين أحوال التعليم والطلاب والمدرسين والمدارس وأيضًا لا ننسى الأمن والقضاء على الخلل الأمنى ونشر الأمن والطمأنينة فى ربوع هذا الوطن، أضف إلى ذلك العشوائيات والقضاء عليها لما تمثله من بؤر بلطجة وفساد، وكل ذلك لا خلاف عليه، ولا على أهميته، بقى فقط أن نعود إلى مثلنا الشعبى الرائع: "إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع". والسؤال الواجب أن يستوقفنا هو: هل يستطيع السيد الرئيس ذلك فى ظل ما منح من صلاحيات؟ وهل توجيه تلك الرسائل للسيد الرئيس يحتاج لتصحيح المسار فتوجه إلى السيد المشير لتكون فى صورة أن هذه هى طلبات الشعب، فإما أن تستطيع تنفيذها وإما أن تلتزم بخيار الشعب بأن يعود الجيش مشكورًا لثكناته ليصبح درع مصر وفخرها، ويبتعد عن أوحال السياسة ليصبح حارسًا للشرعية ملتزمًا بقيادته السياسية، كما نرى فى كل ديمقراطيات العالم المتحضر؟ فهل مصر أقل من ذلك؟ أو يتم تصحيح الوضع بإعادة جميع صلاحيات الرئيس المنزوعة بما يُدعى الإعلان المكمل وغيره من قرارات.
إن القوى الإسلامية لابد أن تتعلم من أخطائها ولا تكررها، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فقد كانت اللدغة الأولى فى البرلمان المنتخب الذى كان أول برلمان يمثل اختيار الشعب، ومنتخبًا بصورة ديمقراطية فإذا بالسادة الذين يديرون عزبة مصر ينجحون فى تكبيله ليصبح جل ما يستطيعه هو فقط الكلام، وكأنهم يعاقبون جموع الشعب على اختيارهم هؤلاء الإسلاميين، وبالتالى نجحت المساعى الخبيثة فى ظل إعلام الإسلاموفوبيا الذى ترعاه أجهزة مازالت تمارس دورها فى الالتفاف على الثورة، ونجح تحالف هؤلاء فى تشويه صورة البرلمان، وهو الأمر الذى انتهى بحله بصورة غير حضارية اعترض عليها حتى البرلمان الأوروبى فى استخدام البعض من رجال القضاء مطية لتنفيذ ما يخطط له القابعون خلف جدران الصمت، رهانهم الوحيد هو جمع مفاصل الدولة بأياديهم وسحب صلاحيات الجميع، فهم من يشرعون ومن يلغون أول برلمان منتخب، ومن يحددون المسئول عن ديوان رئاسة الجمهورية، لأنه مثلما كانت الثورة فى نظرهم هى القضاء على التوريث فإن الديمقراطية التى يفهمونها هى أن يحكموا ولو من خلف الستار، المهم أن يكونوا هم من يملك مقدرات هذا البلد، مشككين فى كل من يختلف معهم، مستغلين بعض المنافقين من ساسة وإعلاميين لتشويه خصومهم دون أن يبكى أحد أو حتى يتباكى على اقتصاد يتدهور يومًا بعد يوم، دولة كاملة فى حاجة إلى الاستقرار لتبدأ التنمية، ولكن يبدو أن هذا لا يشغل بال بعض أبناء هذا الوطن لأن التجربة على وشك التكرار، فالطلبات المقدمة للرئيس فى ضوء صلاحياته يستحيل تنفيذها، بينما سيبقى أى إخفاق لا قدر الله هو المسئول عنه، فهل نعى ذلك ونرفض مد أيدينا إلى الجحر إلا بعد تطهيره من الأفاعى؟
الظاهرة الأخرى هى نقطة خطيرة لابد أن تثار، وهى أن هناك آلافًا تم تقديمهم إلى المحاكمة العسكرية لمجرد هتافهم ضد العسكر، فهل يتفضل علينا أحد ليفسر لنا هذه الظاهرة الإعلامية الفضائية المريضة التى ما فتئت تروج لفلول النظام السابق وللمنافس الرئاسى الذى خرج من السباق وللمجلس العسكرى بما يمثله مقدموها من جو ساخر لا يقل عن موقف تقبيل الأيادى الموجود على الشبكة؟ ولكن بغض النظر عن السابق إذا بهذه القناة التى من المفروض أنها مصرية تخرج بسباب غير مسبوق، وتهم تندرج كلها تحت بند السب والقذف فى حق المجلس العسكرى وقادته بدءًا من المشير طنطاوى إلى بقية الأعضاء وصولاً إلى رئيس المخابرات العسكرية يتهمهم جميعًا بالخيانة وبأنهم باعوا البلد للإخوان، ورغم فظاعة الاتهامات لم يخرج علينا أحد ليشرح لنا كيف سيتصرف المجلس الذى أحال نائبًا برلمانيًّا للتحقيق بتهمة سب المشير الذى تتهمه القناة الآن بالخيانة، وهنا نتساءل: هل سيكون هناك موقف أمام ذلك الإسفاف أم سنفهم أن تلك الهلفطة من هذا الإعلامى لم تكن إلا من قبيل توزيع الأدوار مثلما حدث مع غيره من طلاب السلطة الذين يتم حرقهم بعد استنفاد الغرض منهم؟ ولكن من يتعظ؟
لك الله يا مصر، فما أقسى قلوب أبنائك عليك!! نسأل الله للجميع الهدى ووضوح الرؤية.. آمين.
درويش عز الدين يكتب: قراءة للرسائل الموجهة إلى الرئيس
الخميس، 05 يوليو 2012 05:26 م
السيد محمد مرسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة