كشف عدد من الخبراء الإستراتيجيين عن التحديات، التى ستواجه الرئيس الجديد محمد مرسى، مطالبين بضرورة تصديها لحلها، حتى يمكن المضى قدمًا فى بناء الدولة المصرية.
وقال الدكتور أحمد النجار، رئيس تحرير التقرير الاقتصادى السنوى بمركز الأهرام للدراسات السياسية، خلال كلمته بندوة "التحديات التى تواجه الرئيس" التى عقدها المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط اليوم، الأربعاء، إن الإخوان خانوا جميع الأحزاب الكبرى بعقدهم للصفقات السرية مع النظام البائد، مشددا على ضرورة استعادة الأمن فى كل مناطق مصر وتنمية سيناء فى أسرع وقت ممكن، وأن يكون الأمن على رأس أولويات الرئيس حتى ينجح فى استعادة الاستثمارات الأجنبية وانتعاش السياحة والصناعة.
وأكد النجار أنه على القوة السياسية الاتفاق على بناء دولة قوية وسياسات اقتصادية كبيرة، كما هول الحال فى التشيك وتركيا وماليزيا، مشددا على ضرورة احترام الحريات الشخصية بشكل واضح وتطبيق القانون بشكل صارم مع كل من يتخيل لنفسه أنه يمكنه تطبيق القانون بنفسه كهيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، التى ظهرت مؤخرًا.
وفى السياق نفسه، قال الدكتور محمد مجاهد الزيات، نائب مدير المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، إن الانفلات الأمنى الداخلى وتطوير سيناء ومكافحة تهريب السلاح عبر الحدود يجب أن تكون من أولويات الرئيس الجديد، مشيرا إلى أن القضاء على الفوضى أمر ملح لاستعادة هيبة الدولة، ويأتى هذا بتطبيق القانون من أول رئيس الجمهورية حتى أصغر مواطن بالدولة المصرية، مؤكدا أنه يجب أن يتم فصل يد "الجماعة" عن مؤسسة الرئاسة، وأن تكون قرارات الرئيس نابعة منه لا من أى جهة أخرى.
وفيما يتعلق بالوضع الأمنى فى سيناء، قال الزيات إن سيناء أصبحت خارج السيطرة بسبب تجارة السلاح هناك وانتشار الجماعات المسلحة المتشددة دينيًا والمجموعات السلفية ذات الأفكار الجهادية، ودخول عناصر تابعة للمقاومة الفلسطينية إليها لعقد صفقات السلاح وتهريبه من ليبيا للوصول إلى غزة عبر الأراضى المصرية بعد تخزينها فى سيناء.
وأشار الزيات إلى التخوفات الإسرائيلية التى عكستها الصحافة العبرية خلال الأيام الماضية بسبب الوضع الأمنى هناك، مشيرًا إلى أن سيناء يوجد بها حوالى 16 قسم ونقطة شرطة ولا تكفى لفرض السيطرة الأمنية، مقترحًا أن تتحمل حكومة حماس ضبط الحدود من جانبها خاصة عقب صعود الإخوان لحكم مصر، بالإضافة إلى إقامة منطقة تجارة حرة فى سيناء تكون بديلا للعمليات التجارية عبر أنفاق الحدود، ووضع حدًا لمد قطاع غزة بالوقود.
وقال الدكتور كمال المنوفى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، خلال الندوة إنه كان على الرئيس المنتخب التركيز خلال خطابه الأول على مدنية الدولة والديمقراطية، وأن يوضح موقفه بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين عقب توليه الحكم، وأن تكون الدولة المصرية دولة مؤسسات ودولة قانون وحقوق وضامنة للحريات الشخصية والعامة، وأن تصبح دولة لا مركزية حتى تصبح دولة مدنية ديمقراطية بالمعنى الحديث، وأن تكون أقوال مرسى أفعالا حقيقة، وليست مجرد أقوال فقط.
وعن علاقة الرئيس الجديد بحزب "الحرية والعدالة" قال المنوفى، إنه على مرسى فصم علاقته بالحزب وبالجماعة، التى كان ينتمى إليها وأن يخلع جلبابها، متسائلا: "كيف لرجل رضع لبن الجماعة ومبادئها أن يقوم بذلك فى وقت قصير"؟
وأكد المنوفى على ضرورة وضع مشروع "النهضة"، الذى تبناه مرسى خلفًا لصديقه خيرت الشاطر أمام كل القوى السياسية ومناقشته، حتى يتمكن للجميع إضافة أو حذف ما به لكى يكون مشروعا خاصا بالدولة المصرية، وليس مشروعا للجماعة التى ينتمى إليها فقط.
وفيما يتعلق بموضوع تشكيل الحكومة الجديد والفريق الرئاسى، قال المنوفى، إنه إذا شكل الإخوان الحكومة المقبلة فسينهى كل الكلام عن التوافق الوطنى، لأنه يجب تشكيل حكومة وطنية ذات شخصيات مستقلة مؤمنة مبادئ الثورة.
وأكد المنوفى على ضرورة أن يحترم الرئيس المنتخب قوة المعارضة، وأن يكون هذا الاحترام فعليا، وليس بالأقوال فقط، وأن تعمل المعارضة أيضًا بممارسة دورها من أجل مصلحة مصر العليا وليس لمصلحتها الشخصية.
وقال الدكتور عبد المنعم سعيد، أستاذ العلوم السياسية بكلية والاقتصاد والعلوم جامعة القاهرة، والنائب السابق بمجلس الشورى، خلال كلمته بالندوة أن كل المحافظات، التى أعطت مرسى صوتها فى جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية السابقة، كانت أقل تعليمًا وثقافة من محافظات الوجه البحرى والقاهرة، وجنوب سيناء ومدينة الأقصر الأكثر تعليمًا، مشيرا إلى أن المحافظات الشمالية التى أعطت لمرسى أصواتها يعيش بها أغلبية من أهل الوجه القبلى.
وعن أيديولوجية الرئيس المنتخب النابعة من انتمائه لجماعة "الإخوان المسلمين" قال السعيد، الذى شغل منصب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتجية سابقًا، إن كل الأيديولوجيات عندما تدخل فى الحياة السياسية يجب أن تختلط بكل الأفكار والتوجهات، وألا تكون مقتصرة على رأيها فقط، داعيًا مرسى إلى الانصهار داخل بوتقة السياسة والاختلاط بكل أطياف المجتمع.
وانتقد سعيد الهجوم الذى يشنه قادة الجماعة على وسائل الإعلام والفضائيات، واصفًا هذا الأمر بنفس توجه أفعال الحزب الوطنى المنحل، عندما كان يهاجم دائمًا وسائل الإعلام لمجرد انتقادها لسياسته وتوجهاته.
ودعا سعيد الرئيس الجديد الحفاظ على هيبة الدولة من الداخل، واستخدام سلطة القانون للحد من الاعتصام والتظاهرات والتوصل لطريقة لتقنينها، منتقدا الصورة التى بثتها وسائل الإعلام لمتظاهرين وهم يتسلقون أسوار القصر الرئاسى.
وفى المقابل أشاد رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتجية سابقًا، بخطاب مرسى فى جامعة القاهرة، الذى أشار فيه إلى الحضارة المصرية القديمة، قائلا: "هذا الكلام يدعو للتفاؤل خاصة أن جميع قيادات الإخوان المسلمين يتناسون تاريخ الحضارة المصرية ويسردون تاريخ مصر منذ فتح عمرو بن العاص لمصر".
وأشار السعيد إلى أن القضاء المصرى متماسك للغاية بعكس عدم التوافق السائد بين أطياف كبيرة داخل المجتمع المصرى منهم الصحفيون وأساتذة الجامعات، مشددا على ضرورة استقلال السلطات الرقابية كالجهاز المركزى للمحاسبات وفصل تبعيته عن مجلس الشعب، محذرًا من تكرار السيناريو السابق فى تبعية المركز لمجلس الشعب، الذى كان يسيطر عليه الحزب الوطنى.
وفيما يتعلق بالوضع فى سيناء، أكد السعيد بأن مصر إمكانيتها كبيرة للغاية وتستطيع تنمية سيناء فى أسرع وقت، مشيرا إلى أنه عندما كان نائبًا بمجلس الشورى من قبل وطرحت قضية تنمية سيناء تم رفض هذا الموضوع من جهة سيادية داخل الدولة باعتبار أن سيناء منطقة حساسة للغاية، وقد تحدث بها أى معركة أخرى، وبالتالى تعرض المدنيون فيها لعمليات قتل من جانب العدو.
وأضاف السعيد أن الاعتراض على موضوع تملك البدو أراض فى سيناء خوفا من بيعها فيما بعد لليهود، وإقامة مستوطنات يهودية فيها، يمكن حله بإصدار قوانين وتشريعات تحرم بيع أى قطعة أرض فى سيناء لغير المصرى، مشيرًا إلى أن سيناء تعد من أهم منطقة فى العالم.
وأكد السعيد أن التخلف ضارب فى المجتمع المصرى منذ سنوات خاصة بعد تولى حكومة الدكتور عصام شرف، رئاسة الحكومة، مشيرا إلى أنه لم يحدث أى تغير فى النواحى الاجتماعية حتى الآن.
وقال الدكتور محمد شفيق زكى، مدير المركز، إن المرحلة الانتقالية المقبلة وحتى الانتهاء من وضع الدستور والاستفتاء عليه، وكذلك الامتثال لحكم المحكمة الدستورية العليا وما يستتبعه من ضرورة انتخاب مجلس شعب جديد يحمل فى طياته الكثير من عوامل التوتر والاحتقان، والتى تحتاج إلى شفافية فى مواجهتها، وجدية لعبورها، وإصرار على التحكم لسيادة القانون، وإنهاء الفوضى لتحقيق الاستقرار والأمن، كضرورة لتجاوز مشاكل تلك المرحلة والتطلع لمستقبل أكثر إيجابية.
فى ندوة التحديات التى تواجه الرئيس .."النجار": يجب أن يكون الأمن على رأس أولويات "مرسى".. و"الزيات": يجب تطبيق القانون لاستعادة هيبة الدولة.."سعيد": يجب الحد من الاحتجاجات والاعتصامات
الأربعاء، 04 يوليو 2012 08:11 م
الرئيس محمد مرسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة