غادة عطا تكتب الطاقة السلبية

الأربعاء، 04 يوليو 2012 09:19 م
غادة عطا تكتب الطاقة السلبية صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كل عصر وفى كل مكان هناك من ينظرون إلى النصف الفارغ من الكوب وهناك من ينظرون إلى النصف الممتلئ منه، من يشعر بالإحباط ومن يحدوه الأمل من يئس من الحياة ومن يقبل عليها، من يرى الفشل ومن يرى النجاح، من يرى القبيح ومن يرى الجميل، وبالطبع فإن الطريق الأيسر والأسهل أن يقبع كل منا فى مكانه ينتقد هذا وذاك ويتتبع عثرات الناس فى الطريق للنجاح ويسخر من كبوة هذا أوعيب ذاك، ولا يكلف نفسه عناء الإصلاح، أوالنهوض للسير فى طريق النجاح، أيسر شىء هوالنقد الهدام الذى لا يهدف سوى للنقد وتحطيم كل محاولة للإصلاح، فالإحباط الذى يصيب نفسه ومن حوله به يكسر كل محاولة للنجاح، ولقد دأبت الأجيال المتلاحقة فى السنوات الماضية فقط على النقد لكل شخص ولكل شىء حولها، دون أن تحاول أن تأتى هى بجديد، هم ينتقدون الفقر والتخلف وأساليب التعليم والتأخر العلمى والتقنى
لكنهم لا يبذلون الجهد لتغيير هذا الواقع الذى لا يرضيهم، لا يعملون بدأب لزيادة الإنتاج ولا يؤدون ما عليهم نحومجتمعاتهم بضمير وحكمة استشراف للمستقبل، هم ينتقدون ظروفهم المعيشية ولا يسعون لتحسينها، ينتقدون الأمية الثقافية ولا يسعون لمحوها، لا يساعدون المحتاج ولا يعينون ذا الحاجة حتى لا يكون معيلا على غيره برغم أنهم ينتقدون القادرين، والأغنياء ومن لديهم الصحة والفراغ ولا يعينون بها الناس على قضاء حوائجهم، ينتقدون أصحاب النفوس الضعيفة ومعدومى الضمير والأمانة ومع ذلك لا يتوانى أى منهم فى استغلال أدنى فرصة أو منصب أو أى نعمة أنعمها الله عليه دون أن يراعى الآخرين، ودون أن ينتقد نفسه أو يشعر بوخز الضمير، حتى فى الدين الجميع ينتقد بعضه، كل الناس تنظر من أعلى لبعضها البعض تسخر وتنتقد وتلوم وتجرح وتتصيد أخطاء وعثرات الآخرين ولا تكلف نفسها عناء محاولة التبصير للغير أو التضحية ولو بالقليل، أو على الأقل ستر عورات وزلات الناس.

أجيال كانت ترى أنه لا فائدة على الإطلاق من إصلاح الناس والمجتمع وأحبط كل
واحد نفسه ومن حوله حتى إنه انخرط معهم فيما لا يرضى عنه، لأنه لا طائل من الكلام أو محاولة الإصلاح، ووسط هؤلاء جميعاً نجد أناسا بسطاء لا ينتمون لفكر أو تيار أو مذهب أو مدرسة معينة فى الدين أو العلوم أو الحياة، يعملون فى صمت ولا
يتكلمون كثيراً ولا ينتقدون أحداً، ينقدون ذواتهم ويحاسبون أنفسهم على تقصيرها ويشعرون بالمسئولية نحو المجتمعات من حولهم، يبحثون عن الفارغ ليملؤه والناقص ليكملوه والقصور ليصلحوه والفقير ليساعدوه والمريض ليعالجوه، والأمى ليعلموه والجاهل بالدين ليرشدوه دون أن ينتقصوا منه أو يحقروا من الحال التى هو عليها، فلا يهدروا كرامته ولا يفضحوا سوءته أمام نفسه أو أمام الناس، فقط يوضحون الصواب ويعبرون بكل أدب الخلاف عن قناعاتهم وآرائهم ورفضهم للخطأ.

لذلك تجد الناس دوما يصدقون ويقدرون ويثقون بأمثالهم، لأنهم لم ينتقصوا منهم أو من غيرهم أمامهم، ولأنهم يستشعرون صدق النية والإحساس والمسئولية عند هؤلاء الأشخاص المخلصين الذين تحملوا عبء الإصلاح دون أن يحملوه لأحد أويلقوا باللوم على أحد هؤلاء الذين يشعرون أنهم وحدهم المسئولون من داخلهم عن كل الآخرين وأنهم لآخر نفس فى صدورهم ولآخر قطرة من دمائهم ولآخر كلمة تخرج من أفواههم لابد أن يفعلوا قصارى جهدهم ولا يتوانوا أو يتخاذلوا أو يهربوا ويلقوا بالمسئولية على غيرهم، يفعلوا كل ما يستطيعون وأى شىء يقدرون عليه، بمنتهى البساطة والتلقائية، ولذلك ينجح هؤلاء فى كل المجالات برغم الصعوبات والعراقيل والمعاناة.

فالطبيب الذى يعتبر أن مسئوليته هى الوصول بأفضل عناية وعلاج لأى مريض مهما كانت الظروف بالغة السوء اجتماعياً واقتصادياً، والعالم الذى لا يكف عن أبحاثه مهما طال الجهل وعدم التقدير للعلماء والباحثين والمربى الفاضل الذى خرج أجيالا من النبغاء بجهده وصبره ومعاناته من أساليب التعليم البالية، والصانع ورجل المال الذى
ينتج ويبيع ويشترى ما يحتاجه مجتمعه، والزارع الذى يحاول إغناء بلده عمن يذلونها، بالقوت والغذاء، بدلاً من البحث عن الكسب السريع والثراء، ومن يسعون لتقديم مساعدات للمحتاجين فى كل مكان ومجال، فقراء كانوا أو
مرضى أو ضعفاء مقهورين، أو محتاجين لأى عون، ورجل الدين الذى يبين للناس حقيقة الدين وييسر عليهم ويحببهم فى طريق الله ويسهل لهم طرق الخير والتوبة والفلاح ويدفعهم للإنجاز والإنتاج والتقدم فى كل المجالات بعلمه ونصحه وقدرته وبشاشته وحسن خلقه وعدم الاستظهار بعلمه وفقهه، ينجح كل هؤلاء وينجح كل من يحذون حذوهم كل يوم.

بعيداً عن الضجيج والصراخ والنقد والتقليل والتهويل والإحباط يعيش هؤلاء يعملون بدأب، يصلحون ولا يكسرون، يبنون ولا يهدمون، يعمرون ولا يخربون، يحترمون الناس ويُحترمون، فتحية تقدير وإعزاز لهؤلاء الذين يسعون لملء كل الأكواب الفارغة ودعاء بالهداية لكل من هم ليسوا كهؤلاء.





مشاركة




التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد عامر

ونعم الرأي

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري جدا

مش بتوع شغل

عدد الردود 0

بواسطة:

abohelal

البداية الصحيحة

عدد الردود 0

بواسطة:

مشيرة عادل

مقال بناء

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد ياسر

احساس رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

عمرو اليمانى

مقال ممتاز

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة