قالت الدكتورة هبة رءوف، الناشطة السياسية والكاتبة الصحفية ومدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بجامعة القاهرة، إن الحديث عن الدولة يستلزم منا أن نسأل عن ماهية الدولة التى نتحدث عنها، مشيرةً إلى أن بعض الافتراضات فى الحديث عنها أنها الدولة الحديثة التى أنشأها محمد على، ويبدو أن هذا الحديث يخفى حقيقة أن مصر من المجتمعات التى بها دولة حديثة، موضحةً أن مصر تحديدًا دولتها تقوم على طبقات من الحفريات، ولكى نفهم الدولة فى مصر يجب أن نفهم تاريخ الدولة والأسر الفرعونية، ويجب أن نرسم خريطة الدولة فلا يمكن أن تطمس الدول القديمة، فالدولة لها ملامح ودائما نخلط بين الدولة وبين النظام السياسى.
وأشارت "رءوف" إلى أن الدولة لها ستة ملامح، الأول ميزان ومرجعية نطلق عليها ثقافة حضارية تقوم على مجموعة من التطورات وهل هذه المرجعية تقديس الفرعون؟، والعنصر الثانى هو الإنسان، وأن هناك بشرا ارتبطوا بطبيعة أرض معينة، فالإنسان مسألة مركزية فى تصورات الدولة، وثالثًا فكرة الزمان فلا يوجد شعب يستطيع التخلى عن تاريخه، ويجب أن ندرك أهمية فهم التاريخ وعدم إنكاره، وفى الفترة الأخيرة ومع الصحوة الدينية، أنكرت كل ذلك، رابعًا المكان ومصر لها وضع غاية فى التميز ولها وضع مختلف، فمصر لها تراث حضارى وثقافى له زخم يرتبط فيه التاريخ بالجغرافيا، وهذا الموقع يفرض على المصريين دورا تاريخيا، وخامسًا البنيان فهناك هيكل للدولة ومحمد على لم يبدأ شيئا من عدم، ولم يكن لدينا هذا الفراغ الموجود فى دول أخرى، العنصر السادس هو العمران ونحتاج اليوم أن نبنبى عليه إذا أردنا مشروع نهضة مصرى ولبناء هذا المشروع يجب الإلمام بكل ذلك.
ما حدث أنه كان لدى بناء الدولة فى لحظة استعمار جعل هذه الدولة الأولى تغوص فى المجتمع، وجاءت دولة أخرى بتصور جديد، ومحمد على كانت له أخطاء كارثية، وفى عهده بدأت مصادرة الأوقاف، ولم تبدأ من عهد عبد الناصر، وفهم أنه لكى يبنى دولة لا بد أن تكون مفاتيح السلطة فى يده.
وعن ثقافة الإمام، أوضحت "رءوف" أنها لم تكن ثقافة الدعاء المستسلم، وإنما المستعلى بإيمانه وكان هناك من يقف مع الناس ضد السلطان، فكما كان هناك علماء السلطان، كان هناك علماء فى مواجهتهم مثل ابن تيمية، ويجب أن أجمع بين ثقافة العقلانية والإيمان، وأحيانا لم يكن المجتمع لديه القدرة على مواجهة غوص بنية الدولة، وحدث نوع من توحش النظام وتغول النظام مع الدولة حتى تماحى مع الدولة، وهذا أدى إلى عسكرة الدولة، وخرج الناس من تحت التراب بثورة سلمية حتى يستعيدوا الدولة.
وقالت أستاذة العلوم الاجتماعية، إننا الآن أمام مفارقة أن من كانوا يمثلون نخبة كبيرة تعبر عن روح المجتمع وعن دولة الناس أصبحت تنظر إلى النظام الحديث وتظن أنها إذا سيطرت عليها تستطيع رد الحقوق للناس، وهل ستبتلعها الدولة فى المستوى الأعلى أم ستنحاز إلى دولة الناس وتستطيع استرداد الحقوق، وهذا التحدى الذى نواجهه والخطر على هذا التحدى ليس الإخوان والسلفيين، وأنا اختلف معهم فى أشياء ولكن الخطر الأكبر من الدولة التى أدت إلى عسكرة المجتمع، والخلاصة هى حتمية عودة الدولة للمصريين، وهناك صراع جارى عن تصور الثورة والتعبير عن حقوقنا وبين رغبة السيطرة التى تمارسها القوى المختلفة فى الدولة الحديثة.
واختتمت هبة رءوف حديثها حول الدولة بسؤال هو ماذا ستفعل القوى الغالبة التى فازت فى الانتخابات بغض النظر عن وضع مجلس الشعب أو الرئاسة وهل ستستطيع دمج الدولة ورد حقوق المصريين؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة