أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبوظبى للسياحة والثقافة، الترجمة العربية لكتاب بعنوان "مسائل فى علم الاجتماع" لعالم الاجتماع والفيلسوف الفرنسى الشهير بيير بورديو، وقامت بترجمته إلى اللغة العربية الدكتورة هناء صبحى.
ويضم هذا الكتاب 19 محاضرة تلخص فكر عالم الاجتماع بيير بورديو، ألقاها فى مناسبات مختلفة فى فرنسا: فى جامعات ومؤتمرات ومقابلات صحفية، وتحّدثّ فيها عن أسرار علم الاجتماع، وكشف عن إمكانية التلاعب فى صياغة النتائج المتصلة بموضوع ما على نحو يخدم المتنفذين، ويحجب الحقيقة عن أنظار الجمهور فى مجالات عديدة، إذ يُلقى الضوء على نهج ومفاهيم علم الاجتماع التى بلورها (الحقل، المتصل الوراثى، رأس المال، الاستثمار وما إلى ذلك...) وعلى مسائل أبستمولوجية وفلسفية يطرحها علم الاجتماع وتحليلات جديدة للثقافة والسياسة والرياضة والأدب، والموضة والحياة الفنية، واللغة والموسيقى، ويسقط القِناع عن الكثير من مُسلّمات حياتنا اليومية.
من خلال التغلغل فى العمل السوسيولوجى، وهو فى طور الإعداد، يُتيح بورديو للمتلقى فرصة التفكير فى النهج الذى يقترحه، ويدافع عنه، وليس التماهى مع فكرٍ جاهز فحسب.
يلخّص هذا الكتاب إذن فِكر بورديو وأغلب الموضوعات التى شغلت ذهنه، مزوداً القارئ بالأدوات التى تساعده على تحليل هذه الظواهر والوقوف عند دوافعها الدفينة بدلاً من تَبنّى مواقف جاهزة. فالقارئ يطّلع فى أغلب الأحيان على نتائج البحوث والدراسات لكنه يجهل آلياتها وأسرار عملها. يأخذنا بورديو من خلال هذه المداخلات إلى أعماق هذه العلوم، ويطلعنا على أسرارها فى زمن طغت فيه الفردانية والتعالى وأنانية الذات على القيم الاجتماعية، وأصبحت بالفعل تهدد مجتمعاتنا.. لقد أحدثت مقاربات بورديو تغييراً فى علم الاجتماع؛ إذ يطلعنا على خفايا أمور اجتماعية وسياسية واقتصادية لا يلتفت إليها المواطن العادى.
ومؤلف الكتاب بيير بورديو (1930-2002)، عالم اجتماع فرنسى وأحد أبرز المراجع العالمية فى علم الاجتماع. درَّس الفلسفة فى معهد العلوم الاجتماعية للدراسات العليا. توازى أهميته فى علم الاجتماع أهمية فوكو فى الفلسفة. بدأ نجمه يسطع فى الستينيات عند صدور كتابه "الورثة" وكتاب "إعادة الانتاج" وخاصة بعد صدور كتابه "التميّز" فى السبعينيات. اهتم بتناول أنماط السيطرة الاجتماعية من خلال تحليل مادى للنتاجات الثقافية وإظهار أثرها فى تكريس هيمنة فئة من البشر. انتقد بورديو تغاضى الماركسية عن العوامل غير الاقتصادية، إذ يتمكن المهيمنون، فى نظره، من فرض نتاجاتهم الثقافية (ذوقهم الفنى على سبيل المثال) أو الرمزية (طريقة جلوسهم أو كلامهم وما إلى ذلك). ويشغل العنف الرمزى (بمعنى قدرة المسيطرين على حجب تعسف هذه النتاجات الرمزية، وبالتالى على إظهارها على أنها شرعية) دوراً أساسياً فى فكر بورديو.
ومترجمة الكتاب الدكتورة هناء صبحى من مواليد بغداد، حصلت على شهادة الدكتوراه فى الأدب الفرنسى الحديث من جامعة السوربون فى باريس عام 1985، ودرست اللغة الفرنسية وآدابها فى كلية الآداب/ الجامعة المستنصرية، وكلية اللغات / جامعة بغداد، وعملت فى المركز الثقافى الفرنسى فى بغداد مسؤولة عن الترجمة والأنشطة الأدبية والثقافية، فضلاً عن تدريسها اللغة الفرنسية (1985-2005)، شاركت فى العديد من المؤتمرات العلمية والتظاهرات الثقافية ببحوث أدبية. ترجمت لدار الشؤون الثقافية العديد من الروايات والمقالات الثقافية، والملفات الأدبية والفلسفية فى المجلات الأدبية العراقية (الثقافة الأجنبية، الأقلام، أسفار...). قامت بترجمة مؤلفات للفيلسوف الفرنسى إدغار موران وللروائى الفرنسى ميشيل بوتور. عملت مترجمة فى وكالات الأمم المتحدة فى جنيف وفى بغداد. حالياً أستاذة اللغة والأدب الفرنسى فى جامعة باريس- السوربون أبوظبى. وَرَدَ اسمها فى "موسوعة أعلام العراق فى القرن العشرين" لدورها المهم فى خدمة الثقافة والأدب والترجمة فى العراق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة