دعت مجلة "ذا أتلانتك" الأمريكية الولايات المتحدة إلى ضرورة قطع المساعدات الأمريكية لمصر، وقالت إن السبب وراء ذلك ليس فقط الحد من محاولات جنرالات المجلس العسكرى السيطرة على السلطة، ولكن الأمر يتعلق بإثبات واشنطن أن أهم أولوياتها فى الشرق الأوسط هى الديمقراطية.
وتشير المجلة فى تقريرها الذى كتبه شادى حميد، مدير الأبحاث بمركز بروكنجز الدوحة، إلى أن الولايات المتحدة تدفع أكثر من مليار دولار سنويًّا فى شكل مساعدات عسكرية، وهو ما قد يمنحها درجة من النفوذ على الجيش ويقود كثيرًا من المصريين إلى الاعتقاد أن أمريكا تدعم الجنرالات.
وترى المجلة الأمريكية أن مشكلات إدارة أوباما فى مصر لم تبدأ الشهر الماضى. فقد ارتكب المسئولون الأمريكيون خطأ فادحًا فى الأيام الأولى من الانتقال فى البلاد، بعد فترة قصيرة من إسقاط حسنى مبارك، حيث راهنت الولايات المتحدة على أن قيادة الجيش للمرحلة الانتقالية ستسهل من عملية التحول الديمقراطى وتحمى المصالح الأمريكية، لكنها كانت الصفقة نفسها الخاسرة التى حددت السياسة الأمريكية لعقود من الزمان. ويبدو أن إدارة أوباما لم تضغط كثيرًا على المجلس العسكرى حتى عندما حدثت انتهاكات ما يسمى بكشوف العذرية ومقتل متظاهرين فى اشتباكات دامية.
وبدا أن المسئولين الأمريكيين اعتقدوا، أو ربما أرادوا أن يعتقدوا، أن المجلس العسكرى برغم كل أخطائه كان مخلصًا فى تعهداته بتسليم السلطة فى نهاية المطاف والعودة إلى ثكناته.
وانتقدت "ذا أتلانتك" قرار أوباما استئناف المساعدات العسكرية لمصر، ووصفتها بأنها كانت سابقة خطيرة، وقالت إن الإدارة الأمريكية ومعها الكونجرس طالما هدَّدَا بوقف المساعدات ما لم يظهر المجلس العسكرى التزامًا حقيقيًّا بالديمقراطية بما فى ذلك تطبيق سياسات لحماية حرية التعبير والتجمع، واحترام القانون. إلا أن هذه التهديدات ثبت أنها جوفاء، وتأكد الجيش المصرى من شكوكه، ألا وهى أن الولايات المتحدة سوف ترزح تحت الضغوط، فى مواجهة متوترة بشأن الديمقراطية. وبرر المسئولون الأمريكيون سرًّا قرارهم بالادعاء أنهم كانوا يحافظون على نفوذهم. وحتى عندما حان موعد تسليم السلطة لا يزال المجلس العسكرى مستمرًّا فى تقويض الديمقراطية، ويبدو واثقًا فى أنه لن تكون هناك عواقب كثيرة حقيقية، إن وجدت من الأساس، على علاقته بالولايات المتحدة.
وبرغم ذلك ترى المجلة الأمريكية أنه لم يَفُت الأوان لتغيير هذه الديناميكية من جانب إدارة أوباما. فبإمكان واشنطن أن تعلق مساعداتها العسكرية لمصر إن كانت هناك صعوبة هذه المرة فى إقناع المجلس العسكرى بأن التهديد الأمريكى جاد. ولذلك فإن أفضل وسيلة لاستعادة مصداقية أمريكا، ومن ثم استعادة نفوذها بمرور الوقت، هى أن تمضى قدمًا فى هذا التهديد.
بالطبع سيفسر كثير من المصريين هذا الأمر على أنه تدخل غير مرغوب فيه فى شئونهم الداخلية، وستحتاج أمريكا إلى شرح مواقفها وخطوطها الحمراء وعواقب تجاوز هذه الخطوط عبر الدبلوماسية العامة والتواصل المباشر مع الأحزاب السياسية المصرية والمجتمع المدنى.
وتوقعت الصحيفة ألاَّ يؤدى وقف المساعدات إلى تغيير سلوك المجلس العسكرى على المدى القصير، مثلما قال الخبير بمعهد بروكنجز بروس ريدل. فرغم أن وقف نقل السلاح للجيش المصرى قد يكون مهمًّا، فإنه ليس مهمًّا بما يكفى، خاصة أن الجيش المصرى يرى نفسه يحارب فى معركة وجودية من أجل السيطرة على البلاد.
ويمكن أن ينجح تجميد المساعدات العسكرية حتى لو فشل فى تغيير ممارسات المجلس العسكرى. فقد أصبح من الضرورى أن تتجاوز الولايات المتحدة استراتيجية رد الفعل اليومية فى مصر. وهناك تصور واسع الانتشار فى مصر والشرق الأوسط بأنه يمكن تجاهل المطالب الأمريكية لو كانت تقع خارج مصالحها الأساسية المتمثلة فى معاهدة السلام مع إسرائيل والوصول إلى قناة السويس ومكافحة الإرهاب. وأى شىء آخر هو مجرد نوع من الخطابة.
وربما يرى المسئولون الأمريكيون أن هذا الأمر ليس بتلك البساطة، وأن حزمة المساعدات معقدة. وهم على حق طبعًّا، ما هو على المحك ليس فقط زيادة مؤقتة فى العداء لأمريكا أو فقدان النفوذ على الجنرالات فى القاهرة؛ ولكن الأمر يتعلق بإعادة تعريف الطريقة التى تدير بها الولايات المتحدة أعمالها فى الشرق الأوسط على المدى الطويل.
مجلة "ذا أتلانتك": على واشنطن أن تقطع مساعداتها العسكرية لمصر لتثبت أن الديمقراطية أهم أولوياتها بالمنطقة.. استئناف المساعدات أكد للمجلس العسكرى أن الولايات المتحدة تتراجع تحت الضغوط بشأن الديمقراطية
الثلاثاء، 03 يوليو 2012 04:28 م
الرئيس الأمريكى باراك أوباما
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة