محمد فهيم

الشعب مازال تائهاً فى غابة الموظفين

الثلاثاء، 03 يوليو 2012 09:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو أن الطريق أمامنا مازال طويلاً، وأن العقبات لن تزول بين عشية وضحاها، وأن الكفاح ضد الفساد وتطهير البلاد وجب على المصريين حتى النهاية، ونحن مقبلون على مرحلة الجهاد الأكبر مرحلة البناء والتغيير، لاحظت أن هناك الكثير من المثبطين والمعطلين، ومن لا يرغبون لنا النجاح، ويريدون العودة للوراء، ويتمنون غرق المركب بما فيها ومن عليها وانتحار القبطان.

وهذا ليس كلاماً، بل وقائع تراها فى أماكن كثيرة، للأسف لم تصلها بعد يد التغيير ولا أدوات البناء، وتحديداً المشكلة تكمن فى السادة الموظفين الحكوميين فى مصر، الذين جعلوا الشعب تائهاً فى غاباتهم، تارة بالمطالب الفئوية والعلاوات والزيادات والبدلات وقطع الطرق والسكك الحديد، وتارة بما يفعلونه فينا فلا تجد منهم ذا قلب أو صاحب ضمير إلا قليلاً.

ففى الوحدات المحلية والقروية يطعننا الموظفون فى ظهورنا، ويتركون أولئك المعتدين على الأراضى الزراعية يشقون قلبها ويقطعون أوصالها، حتى صرت أسيراً بين أربعة محافظات هى الجيزة والقاهرة والقليوبية والشرقية، كل يوم ولا أرى سوى كتل خرسانية متفرقة تقطع أوصال الطين برمالها، وتقضى على اللون الأخضر بلونها الأحمر، بينما السادة المسئولون فى الوحدات المحلية يدورون للم الغلة والمحصول فى مقابل ترك هؤلاء المعتدين على قوت المصريين ليقتلونا أكثر وأكثر.

وهناك الموظفون فى الأحياء الذين لا هم لهم ولا عمل إلا ابتزاز الشعب وأكل السحت والمال الحرام، بينما يتركون الشوارع بمخالفاتها ومخلفاتها وزبالتها والحفر والمطبات، ولا حياة لمن تنادى، وإذا تحدثت مع واحد منهم تشعر أنك تتحدث إلى ملك ذى سلطان، أو بلطجى صاحب كلمة مسموعة فى المنطقة، أو أحمد عز وزكريا عزمى فى زمانهم، أو تعتقد أن أباليس العادلى وحسن عبد الرحمن عادوا من جديد يرهبون ويعذبون ويسجنون، وكأن شيئا لم يحدث إلى الآن، وكأننا فى يوم 24 يناير ألفين وعشرة ولم نتجاوز هذا التاريخ.

وهناك الباشوات موظفو التأمينات، وهم قصة أخرى وحكاية ظلم وجبروت وقهر لا تنتهى، وعندى حكاية من قلب مكتب تأمينات بإحدى المدن بالشرقية وتبدأ عندما أقامت حكومة المصيلحى كروتا ذكية لقبض المعاشات وصرفت عليها الدولة الملايين، وكالعادة لم تنجح الفكرة وضاعت الأموال، وبعد الثورة رفض مندوب التأمينات صرف المعاشات للأهالى فى القرى خوفاً على حياته، واضطر الأهالى وكلهم فوق الستين ومرضى بالسكر والضغط إلى الذهاب لمكتب التأمينات بالمدينة يجرون أقدامهم كى يحصلوا على قروش لا تكفى العيش الحاف، وكانت الكارثة أن تجمع أهالى القرى والعزب والكفور التابعة للمدينة أمام مكتب التأمينات بالمئات لصرف المعاش، ويتركهم الموظفون خارج المبنى فى طوابير طوال اليوم فى عز الحر وكأنهم فى محطة مصر يتسولون، أويطلبون زكاة رمضان والعيد الصغير ولحمة العيد الكبير من سعادة البيه الباشا الموظف، وبدأت المشاجرات والمشاحنات بين الأهالى على الدور فى الطابور، وبين الأهالى والموظفين لتغيبهم وعدم وجود فلوس فى المكتب.

واقترحوا أن يصرف الناس المعاشات عن طريق مكتب البريد، وفرح الناس وأحضروا الأوراق وتاهوا أياماً بين موظفى البريد وبشوات التأمينات، حتى أن شخصاً اتصل بى وقال إن التأمينات أصرت على حضور أمه للمكتب لإنهاء الورق وهى مريضة فاستأجر لها سيارة وذهب للمكتب وسقطت أمه من بين يديه مغمى عليها لكبر سنها ولكنه يحتاج إلى الملاليم التى تصرفها كل شهر فى علاجها.

والمشكلة أن التأمينات لم تنفذ القرار وتراجعت فيه وعندما سألهم الناس قالوا "ورقكم هنخليه للشتاء علشان ندفى بيه"، وقاموا بطرد الأهالى من المكتب.

وتحدثت للدكتورة نجوى خليل وزيرة التأمينات وكلفت هى المستشار القانونى للوزارة بأن يتابع المشكلة بعدما شرحتها له، ولكنه وبعد مرور أكثر من أسبوع لا يرد على تليفونى هو والسيدة الوزيرة ولا مكتبها، والمشكلة قائمة والموظفون ينهرون الناس المساكين ويعاملونهم وكأنهم ليسوا مثلهم مصريين.

يبدو أن هؤلاء الموظفين مازالوا يعيشون فى العهد البائد الذى عينهم فى مواقعهم، ومازالوا يدينون بالولاء لمبارك وعهده الظالم، ولا يعلمون أن رئيسهم الجديد قال إنه خادم للشعب، فكيف يكونون هم السادة والقادة والمتحكمين فى المصائر والمآل والقوت والطعام والشراب والملبس وهم من بأيديهم مقدرات المساكين والغلابة، وإلى متى نسكت عليهم ولا يحاسبون كالمخربين تماماً وكالذين سرقوا الشعب سنين طويلة.

وعلى كل هؤلاء من العتاة منزوعى القلب معدومى الضمير أن يفيقوا، وليعلموا أن قوانين الظلم لابد أن تنجلى، ومعاملة السادة والعبيد ولى زمنها، ومبدأ القهر والاستعلاء على البشر لن يعود أبداً، وأن كل من جار على هذا الشعب كانت نهايته سيئة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة