وصفت دورية "لندن ريفيو أوف بوكس" البريطانية الانتخابات الرئاسية التى شهدتها مصر على مدار الشهرين الماضيين بأنها الإنجاز الأكثر واقعية لثورة 25 يناير حتى الآن.
وفى المقال الذى كتبه المحلل والخبير السياسى البريطانى آدم شاتز عن الانتخابات الرئاسية فى العدد الأخير من المجلة، قال إنه فى القاهرة، يبدو أن السياسات القديمة الضيقة التى تقوم على تحقيق المصلحة الذاتية أو الدفاع عن الذات تزاحم رؤى ميدان التحرير المتسعة الرامية إلى بناء مستقبل ديمقراطى.
واعتبرت الدورية البريطانية، وهى واحدة من أهم الإصدارات العالمية المعنية بنشر مقالات وتحليلات متخصصة، أن إعلان فوز محمد مرسى برئاسة الجمهورية كانت بمثابة نجاة مصر من رصاصة؛ لأن فوز منافسه أحمد شفيق كان سيمثل نكسة عميقة للثورة، لكن مصر أصبح لها أول رئيس مدنى، وهو سجين سابق فى عهد مبارك، وأصبح للمنطقة أول رئيس دولة إسلامى. وتشير المجلة إلى أن مرسى تحرك سريعا لطمأنة الشعب بأنه لن يحكم باعتباره ممثلا لجماعة الإخوان المسلمين، التى استقال منها، وهى خطوة رمزية، لكنها مهمة. كما حاول أيضا تهدئة المخاوف بوعود بتعيين امرأة وقبطى نائبين له.
وتحدثت لندن ريفيو أوف بوكس عن احتفال تسليم السلطة فى مصر، وقالت إنه لم يكن احتفالا بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية بقدر ما كان بداية لمرحلة جديدة وأكثر صعوبة فى الانتقال الذى تشهده مصر. فالرجل الذى جلس بجوار مرسى فى الاحتفال هو المشير حسين طنطاوى، وأثنى كل منهما على الآخر بما غذى التكهنات بأنه بينما كان المصريون ينتظرون نتائج الانتخابات، فإن الإخوان والجيش كانوا يتفاوضون على اتفاق حصل الإخوان فيه على الرئاسة مقابل اعترافهم بالخطوط الحمراء للجيش مثل الحصانة من المحاكمة على انتهاكات حقوق الإنسان التى ارتكبت أثناء الثورة، كما وافقوا أيضا على عدم المساس بالمصالح والامبراطورية الاقتصادية للجيش.
ويتابع شاتز قائلا: إن الجيش منذ أن أعلن نفسه السلطة الحاكمة فى البلاد، أصبح اللاعب الأكثر ديناميكية على الساحة السياسية. وبينما كان الثوار يتجادلون وينقسمون إلى معسكرات متحاربة، فإن المجلس العسكرى وضع نصب عينيه الجائزة، وهى الحفاظ على السلطة والأوصول والامتيازات والنظام القديم ولم يكن الخاسرين سوى مبارك وعائلته وعدد قليل من حلفائه المقربين. لكن الشىء الوحيد الذى كان الجيش يفتقر إليه هو شريك أصغر منه، وعندما بدء فى البحث عن طرف يملأ هذا الدور، كان الإخوان أول من تمت دعوتهم إلى الطاولة.
لكن لم يتم الاتفاق بينهما، حسبما يقول الكاتب، ليس بسبب أن الإخوان كانوا متشددين للغاية، بل كانوا تدريجيين وليسوا ثوريين، ولكن لأنهم كانوا أقوياء جدا وطموحين للغاية. والآن، فإن الإخوان تراجعوا بما يكفى بعد عام ونصف من المفاوضات والاشتباكات فى الشارع. ويقول البعض إن مشاركة الإخوان من شأنها أن تعزز إدعاء المجلس العسكرى بأنه ترأس بنجاح مرحلة التحول الديمقراطى، واحتوى المطالب المتشددة فى شئون السياسة الخارجية، لاسيما ما يتعلق بغزة، واستجاب لطلب أنصار الجيش الأمريكيين الذين يفضلون اقتصاد السوق المفتوح الذى يريده الإخوان.
وترى المجلة أن الرئيس مرسى تحول إلى شخص مهزوم قبل أن يتوج وفقاً لكلمات جوشوا ستاكر، الخبير السياسى الأمريكى، بعد أن تم تحييد الرئاسة وخضوعها للتدخل المستمر من جانب المجلس العسكرى، وإثقالها بمهمة لا تحسد عليها تتمثل فى إعادة بناء اقتصاد مصر. فوفقا لكلمات ستاكر، فإن ما حدث فى مصر ليس انتقالا، بل إعادة تشكيل للنظام القديم، يقدم فيه الإخوان واجهة مدنية للحكم العسكرى المستمر.
ورغم ذلك، تشير المجلة البريطانية إلى أن إعادة التشكيل هذه بعيدة تماماً عن الاستقرار، وربما تكون مقدمة لهزة جديدة تكون فى صالح الإخوان المسلمين بدلا من أن تعزز سلطة الجيش. فرغم أن مرسى رجل حذر وبيرقراطى حزبى أكثر من كونه زعيماً شعبياً، فقد بدأ يتبنى موقفا أكثر تشددا ،ويدخل فى مواجهة مع الجيش، فى إشارة إلى قراره لمتعلق بعودة البرلمان المنحل قبل أن يقف له المجلس العسكرى والمحكمة الدستورية العليا. إلا أن مرسى يزيد المخاطر كونه رئيسا منتخبا، ولديه قدر من الدعم الشعبى، خاصة فى ظل العلم بأن الأمريكيين لن يسمحوا للمجلس العسكرى بممارسة الخيار السورى فى ذبح معارضيه. وأى محاولة من جانب المجلس العسكرى للانقلاب على فوز مرسى أو منعه من القيام بمهام عمله ستؤدى إلى إشعال انتفاضة أخرى. وربما لن يكون للمجلس العسكرى اليد العليا فى البلاد لفترة طويلة.
لندن ريفيو أوف بوكس: انتخابات الرئاسة هى الإنجاز الأكثر واقعية للثورة المصرية.. مصر لم تشهد تحولاً بل إعادة تشكيل للنظام القديم أصبح فيه الإخوان المسلمون واجهة مدنية للحكم العسكرى المستمر
السبت، 28 يوليو 2012 11:35 ص
جانب من الانتخابات الرئاسية المصرية – صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة