أجمع عدد من الروائيين على أنه لا خوف على حرية الإبداع فى مصر خلال الفترة القادمة، مؤكدين أن الإبداع لا يمكن أن يندثر تحت أى ظرف من الظروف خاصة وأنه أقصى وجوه الحرية، وذلك خلال الندوة التى عقدت مساء أمس الجمعة بمعرض فيصل الثانى للكتاب تحت عنوان شهادات روائية، وحضرها عدد كبير من المبدعين وقدمها الشاعر شعبان يوسف.
أكد الروائى منتصر القفاش أن الإبداع سيستمر وسيظل بدون سقف وأن أى محاولة لفرض رقابة أو حواجز ضد الإبداع ستبوء بالفشل، مشيرا أن للكاتب الكبير يحيى حقى تعريفا بسيطا للقصة القصيرة حيث يقول عنها إنها فن حذف المقدمات، لافتا أن الورشة التى تعلم فيها فن الرواية هى كتابة اليوميات حيث كانت قاصرة على تسجيل الأحداث اليومية حتى أصبحت تدرجيا سرد لما يحدث ثم أصبحت روايات، ويقصد باليوميات التى تخص صاحبها فقط ولا يقرأها أحد.
وأضاف القفاش أنه خلال كتابة اليوميات كانت تتكشف له أشياء كثيرة فى مجال الكتابة والتجربة الروائية وبالتدريج انتبه إلى جمال وسحر ما نطلق عليه شيئا عاديا، حيث يتم التوقف دائما عند ما يبدو عاديا والذى يجب أن نحاول أن نكشف كل ما هو غريب ومثير، ويضيف القفاش أن مفهوم الجمال هو سؤال يطرحه دائما الكاتب وهو طاقة تدفع الكاتب إلى أن يتحدث ويكتشف أشياء جديدة.
بينما قال الشاعر شعبان يوسف إن الإبداع لا يمكن أن يندثر تحت أى ظروف، لأنه أقصى ما يمكن أن تصل إليه الحرية، والتاريخ عموما لم يقل لنا إن هناك فترة لم يكن فيها إبداع رغم محاولات السلطات لتقييده، مؤكدا أن المبدعين لا يخافون من تقييد حرية الإبداع لأنه ليس هناك تيار يستطيع السيطرة على مصر وأى محاولة لفرض رقابة أو حواجز ضد الإبداع ستبوء بالفشل، فلا خوف من تقييد حرية الإبداع ولا يوجد تيار واحد يستطيع السيطرة على مصر، وأن الثقافة والقراءة تخلقان تغييرا حقيقيا داخل الأفراد.
وأضاف يوسف أنه فى ثورة 19 كان هناك صخب كبير فى الرواية وكذلك ثورة يوليو 52، حيث كان يوسف إدريس محتكرا القصة القصيرة ونجيب محفوظ محتكرا لرواية، وفى جيل الستينيات كان هناك اندماج بين الكتاب وبعدها اشتهرت فكرة الكتب الجماعية فى الشعر وفى الثمانينيات أصبح كل كاتب يشكل ظاهرة منفردة، ولذلك التجربة ثرية جدا.
وقالت الروائية أمينة زيدان إننا نواجه تيارات مختلفة وينبغى أن يكون هناك فكرة واحدة نجتمع عليها فى الأدب والكتابة وأتصور أن تكون فكرة الجمال فى مقابل القبح الذى نراه فى معظم الأحداث وبالتالى نستطيع فرض الجمال، فعندما أكتب عن شىء سىء أو سلبى أتصور أن الكتابة ستحول دون حدوثه ثانيا ولكنه يحدث مرات ولكن لن تتوقف الكتابة ولا الإبداع مهما كانت الظروف.
وأضافت زيدان أنها أثناء الحرب فى السويس كنا نعلم أن لنا عدو واحد فنظل نراقبه، وهذا ما كان يشكل ميثاق وحدتنا كمجتمع ولكن الآن انضم إلى هذا العدو أطراف أخرى للأسف هم من الداخل وليسوا من الخارج، فى شكل مارد جديد توحش بشكل قوى يتمثل فى القوى الرأسمالية التى تتخفى فى أشكال متعددة، مضيفة أن ما نحتاجه الآن أن نستعيد قوتنا،كما نحتاج للقراءة والوعى فلا يوجد شعب يتطور إلا بوجود عمل حقيقى.
وقال الكاتب محمد إبراهيم طه أن مشروع أى روائى يرتكز على عنصرين أساسين الأول ماذا يقول الروائى والعنصر الثانى كيف يقول، أى امتلاكه لأدوات الكتابة ومن خلالهما نستطيع أن نعرف مسيرة كل كاتب ونتنبأ إذا كان سيستمر أو سيتوقف، مشيرا أن كل المتغيرات التى تطرأ عليه تؤثر من قريب أو بعيد على مشروع الروائى.
وأوضح طه أن نشأته ومهنته وفرت له مزيدا من التجارب الإنسانية وقد ظهر ذلك فى كتاباته "سقوط النوار" وغيرها، كما تفترض أن هناك ازدواجية فى الشخصية المصرية ولكن من خلال التعامل مع الشخصيات يتم اكتشاف أن هذا نوع من تقبل وجود الاختلاف والتعايش بيننا مثل السنة والصوفيين، مضيفا أن جميع الأعمال التى كتبها تدور حول هذا العالم من الشخصيات التى تتسم بنوع من التصوف والتسامح.
وقالت الكاتبة ميرال الطحاوى أفكر الآن فى الحلم والأمل أكثر مما أفكر فى القمع، مشيرة إلى أن والدها كان يحلم أن نصبح أنا وأخوتى جميعا أطباء ولكن بعد وفاته أكملت أمى هذا الحلم وجميع أخوتى أصبحوا أطباء أما أنا فقررت أن أدخل كلية الآداب قسم اللغة العربية وأن أحصل على الدكتوراه.
وأضافت الطحاوى فكرة أن الفرد يصبح كاتبا لم تدركها إلا عندما سافرت إلى أمريكا واكتشفت عظمة الكتابة فى المجتماعات التى تحترم الكاتب والكتابة مهما كانت درجة النقد بها، مشيرة أنه فى أمريكا يعلمون الأطفال كيف يحلمون، حيث فى كل أسبوع يأخذ الطفل فى المدرسة رواية صغيرة، موضحة أن الواجب المنزلى فى مدارس أمريكا هو القراءة، حيث إن القراءة هى التى تعطيهم القدرة على الكتابة والحلم، كما يهتمون أيضا بالتاريخ وكذلك كل الشعوب المتقدمة.
وأشارت الطحاوى أن الثقافة هى التى تخلق تغييرا حقيقيا داخل الأفراد وليس من خلال برامج التوك شو لأن القراءة هى التى تعطى الفرد قدرة على الفهم واحترام اختلاف الآراء فلكل كلمة مكتوبة قيمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة