تتبارى القنوات الأرضية والفضائية فى تقديم الجديد من الأعمال فى شهر رمضان، وتحرص جميعها على تمييز الشهر الفضيل بوجبة درامية تُقدم حصرية للمشاهد وتعج بمسلسلات تتصل حلقاتها طوال الأيام المعدودات وتتعداه أحياناً.
ورغم الجهود والتكاليف الباهظة، إلا أن الدراما المصرية لا تزال أسيرة القوالب المحدودة.. فنجد أن مسلسلاتنا منذ عقود دائماً ما تخرج فى قوالب منقوصة الفكر والتطبيق، ومثلاً فلا تكاد تخلو "الوجبة الدرامية الرمضانية" من مسلسل أو اثنين عن الصعيد وقضية الثأر والخصومة العائلية، ثم نجد كل مرة انفصالاً شديداً عن قضايا المجتمع فى صعيد مصر، ناهيك عن أماكن التصوير والأزياء وحتى اللهجة المفتعلة.
كما أصبح المشاهد مرغماً كل عام على مشاهدة مسلسلات تتناول العشوائيات (على طريقة أفلام خالد يوسف) وبدلاً من أن يعكس العمل فئة مهمشة ويعكس تطلعاتها إذا به يتفنن فى إبراز المساوئ على هيئة صدمات أخلاقية تعوزها الموضوعية والتحليل.
وكانت دراما المشاهير نوعاً متميزاً من الأعمال لتخليد أناس أثروا حياة الناس بأعمالهم ولكنها انصرفت فى الفترة الأخيرة إلى تخليد أنصاف المشاهير أو المشاهير الذين لا نجد فى حياتهم ما يستحق تناوله درامياً، فيصبح العمل تلميعاً للنجم الممثل الذى سيقوم بالدور.. ويدخل فى الإطار ذاته المسلسلات المستوحاة من أفلام سينمائية لأن الأحداث مهما اختلفت المعالجة "محروقة" بالنسبة للمشاهد.
يتبقى لنا نوعان من الدراما: دراما الأكشن وهى محاولة جيدة للخروج من المط والتطويل ولكن حرص المنتجين على كونها ثلاثين حلقة يجعلها تقع فى المحظور مرة أخرى، ودراما المخابرات وهى للأسف أصبحث قصصا نمطية معروفة النهاية بانتصار الخير على الشر وإن اختلفت الأحداث والوقائع .ولم أرد تناول المسلسلات الدينية فى هذا السياق إذ أن أمرها معروف للقارئ من إمكانيات الإنتاج حتى توقيتات العرض!.
كلمة أخيرة.. نحن فى عهد جديد والأصل أن يعكس الفن أحوال المجتمع، فينبغى إذاً تخرج هذه الأعمال الفنية عما ألفناه وجرت عليه العادة من قوالب درامية مستهلكة تتكلف الباهظ والثمين فى غير حاجة أو غرض ينفع الناس ويخلد فى الذاكرة.
مجيب الرحمن أبو عامر يكتب: مسلسلاتنا الرمضانية.. كما جرت العادة
الخميس، 26 يوليو 2012 07:58 م