طه محمد كسبه يكتب: وفتنة الاختلاف

الخميس، 26 يوليو 2012 08:21 م
طه محمد كسبه يكتب: وفتنة الاختلاف محمد مرسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المشاهد والمتابع الآن للمشهد السياسى فى مصر، منذ قيام الثورة، وحتى انتخاب الرئيس المدنى الأول فى تاريخ مصر والمصريين، يصاب بالدهشة، إن لم يصب بالإحباط.

المشهد العام يشى بحالة من الارتباك والتخبط التى تصل إلى درجة الفوضى العارمة، التى اختلط فيها الحابل بالنابل.. والزاعق بالصامت.. واختلط فيها الماء بالزيت فى محرك عربة الثورة التى أخشى أن تكون قد ضلت طريقها إلى خط النهاية.

يبدو الأمر وأن المصريين قد تعود البعض منهم على حياة الازدواجية، التى جعلت من المدرس سائقا على تاكسى بعد الظهر، وجعلت أستاذ الجامعة، مدرسا خصوصيا فى أوقات الفراغ، والمحاسب فى شركة، كاشيير فى طابونة عيش والطبيب يلجأ للعمل فى مغسلة للملابس والسجاجيد!!ز

هذه الحياة المزدوجة التى صبغت حياة الكثير من المصريين، وقد أغرى البعض منهم ما تكسبه هؤلاء من هذه الازدواجية، فهو يحب زوجته، ومن ثم يذهب ليتزوج عليها، يختلس أموال الشركة، ثم يذهب لأداء مناسك العمرة.. ويستولى على أموال الجمعية الخيرية ليذهب إلى جبل عرفات يطلب الرحمة والمغفرة.

هكذا بدا لى بعض المصريين ـ هداهم الله ـ وقد تعاملوا مع المشهد السياسى على النحو التالى .. ومصر تمر بأدق مراحل حياتها المعاصرة.

المجلس العسكرى.. وجد نفسه على المسرح السياسى.. فعمل بالسياسة،وهو لا يجيدها وهو ليس مؤهلا للعب هذا الدور، رجال القانون أيضا لعبوا سياسة، ولاعبو الكرة عملوا بالسياسة، بياع البطاطا فى ميدان التحرير.. "بيشوى السياسة على نار البطاطا" رجال الجامعات أيضا عملوا بالسياسة.. وهلم جرا من اللاعبين الجدد على مسرح السياسة، لدرجة أن الساسة حين بحثوا عن مقاعدهم وجدوها وقد امتلأت بالمشاهدين على مسرح السياسة.. فاضطر البعض منهم للجلوس فى مقاعد المتفرجين يتلقون الضرب بالكراسى وإكسسوار المسرح.

ويا ريت من صعد على المسرح السياسى اتقن أداء دوره.. بل كانوا جميعا يرتجلون أدوارهم.. ومن ثم خرج الجميع عن النص.. لأنه ببساطة شديدة، كان النص المكتوب رديئا.. وضعيفا .. وشريرا فى كثير من الأحيان.

والأدهى من ذلك أن من خرج فى ميادين التحرير.. وقد وجدوا أن اتحادهم كان قوة.. بدأوا يرددون.. إيد واحدة.. هذا الشعار الذى كان شمعة الخلاص من كل الخلافات والاختلافات.. ولذا نجحت الثورة فى إطلاق عربة الثورة من محطة قيام واحدة، وركب فيها الجميع .. وحين لاحت فى الأفق بوادر النجاح.. أفلتت الكثير من الأيادى مما قابلها من أياد أخرى.. وظهرت دعوات الاصطفاف .. التى تعنى وقوف الأشكال والأشياء المتماثلة فى صف واحد، وعلى الآخرين ممن يخالفونهم الاصطفاف فى صفوف أخرى.. فظهرت الصفوف الإسلامية، والصفوف الليبرالية واليسارية والإنكارية، والانكشارية، والماسونيةن والشيعية والسنية والمباركية، والفلول، وأنصار آسفين يا ريس.. وتشتت المصريون إلى قبائل وجماعات..
وأدى الاصطفاف إلى استقطاب، والاستقطاب أدى إلى إقصاء بعضنا البعض.. وتحصن البعض وراء مقولاته، وشعاراته، وخلافاته.. ونسوا أن بلدا كمصر.. يحترق .. وتقطع اوصال اقتصاده
، وبات الوطن كله فى خطر.
ولعلى أرى حالة الاصطفاف التى نتجت عن الاختلاف ـ وهذا أمر طبيعى، لكن ما أنكره ـ وأعتقد ينكره كل مصرى حر يحب بلده، هو الاختلاف الناشئ عن كراهية، وعن بغض، وعن عنف وازدراء .. وهو الأمر الذى سوف ينتج فتنة سوف تقضى على الأخضر واليابس فى مصرنا الحبيبة، وهى ذات الفتنة التى حدثت فى موقعة كربلاء.. حيث الفتنة الكبرى التى خلفت وراءها آثارا ما نزال نعانى منها ـ نحن المسلمين ـ حتى اليوم.

ولعلى أستطيع أن أناشد الجميع .. أن عودوا إلى مقاعدكم.. عودوا إلى أماكنكم.. وليعمل كل منا عمله، وليتقنه.. وليدع الآخرين يعملون عملهم.

العسكرى.. فى الميدان وعلى الحدود، ولا يصدر لنا تشريعا أو قانونا والمدنى مدنى، ورجل القانون فى مكانه أو بقاعات المحاكم، ولا يتعاطى أحكاما سياسية فى باطنها، قانونية ودستورية فى ظاهرها والطبيب فى عيادته.. ولا يعمل بتجارة الأعضاء.. وغير ذلك كثير.. فالجميع يتكلم فى نفس واحدة.. ولا فرصة لأن يسمع البعض بعضه، ولا يفهم البعض ما يقوله الآخر.

فالوطن فى محنة... والسبب "إحنا " ولا أحد غيرنا.. وبدلا من أن يكون "حب الوطن فرضا على" جعلنا حب الوطن أغانى وأناشيد من نوعية "اخترناك" وسبوبة جعلت مخرجا مبدعا أحترمه واحترم فنه .. راح يجادل واحدا من أساطين القضاء المصرى فى دستورية أفعال الرئيس.. وقرارات المجلس العسكرى.. وأحكام المحكمة الدستورية العليا.. لدرجة خشيت معها أن يكفر الفنان.. المستشار القانونى والعياذ بالله.. ذكرتنى بحكاية القرد الذى أراد أن يفعل أفعال الأسود ، فراح يجالس الأسد فى محبسه.. فما كان من الأسود إلا أن جعلوه جلدا دون عظم أو أحشاء .. وينطبق عليه المثل المصرى "اللى يخرج من داره يتقل مقداره".

ومن ثم أدعو كل المصريين وأحذرهم من فتنة الاستقواء والاستقطاب والإقصاء.. والاصطفاف وراء أى شعار أو نداء. أو أى فصيل سياسى.. فالاصطفاف الوحيد المسموح به فى هذه المرحلة الدقيقة من حياة مصر.. هو أن نصطف جميعا وراء العلم المصرى.. دون غيره من الأعلام والرايات.. والدعوات والعقائد والأيديولوجيات.. والله من وراء القصد.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة