ولد الليث بن سعد سنة 94 هـ / 713م، فى إحدى محافظات القليوبية بمصر، وهو أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن، ولقب بإمام أهل مصر فى الفقه والحديث، وقد عاش حياة طويلة مليئة بالأحداث، وعاصر دولتين كبيرتين فى الخلافة الإسلامية هما الدولة الأموية والدولة العباسية، ولأنه كان بعيداً عن فتنة فقهاء السلطان، فظل كما هو بأخلاقه الحميدة.
عاصر الليث عدد من خلفاء الدولة الأموية أولهم الخليفة عمر بن عبد العزيز، ثامن خلفاء هذه الدولة، فى آخر سبع سنوات من خلافته منذ عام "101 هـ، وهو العام الذى ولد فيه الليث وحتى عام 99 هـ العام الذى توفى فيه عمر بن عبد العزيز وكان وقتها الليث مازال صغير، بعدها تولى الحكم، وخلال هذه السنوات انتشر العلم وكثرت المساجد فى أرجاء الدولة الأموية، وتوقفت الحروب وتوسعت أعمال البنية التحتية للدولة كالشوارع والطرقات والممرات الآمنة ودور الطعام (التكايا)، وكان ذلك يحدث فى دمشق وحلب والمدينة المنورة وحمص وبالطبع مدن مصر التى شهدت توسعاً كبيراً فى المدارس ونسخ الكتب والترجمة والتعريب ونقل العلم.
استطاع العباسيون أن يتنزعوا الحكم من الأمويين، وقد اعتمد العباسيون فى تأسيس دولتهم على الفرس الناقمين على الأمويين لاستبعادهم إياهم من مناصب الدولة والمراكز الكبرى، واحتفاظ العرب بها، كذلك استمال العباسيون الشيعة للمساعدة على زعزعة كيان الدولة الأموية، ونقل العباسيون عاصمة الدولة، من دمشق إلى بغداد؛ وأكتمل بناء الدولة العباسية حين التقى الجيش الأموى بقيادة مروان بن محمد وجيش العباسيين بقيادة أبى العباس قرب نهر الزاب شمال العراق بين الموصل وأربيل، وكانت الغلبة للعباسيين، الذى أتموا فتح العراق وانتقلوا منها إلى بلاد الشام ثم مصر حيث طاردوا فلول الجيش الأموى وقتلوا الخليفة مروان بن محمد فى معركة بوصير. وبفتحهم مصر دانت لهم سائر الأمصار التى كانت تابعة للأمويين وتأسست الدولة العباسية.
عاصر الليث عدداً من خلفاء الدولة العباسية أيضا بداية من أبو العباس السفاح وأبو جعفر المنصور وأبو عبدالله محمد المهدى، وأبو محمد موسى الهادى، وهارون الرشيد وأبو موسى محمد الأمين و أبو جعفر عبدالله المأمون، الذى كان أول من دخل مصر من الخلفاء العباسيين، وفى عهده تم ترجمة كتب الفلسفة، وحض الناس على قراءتها، وقرب العلماء والفقهاء والمحدثين والمتكلمين وأهل اللغة.
توفى الليث بن سعد يوم الجمعة 15 شعبان 175هـ/ 16 ديسمبر 791م. وشهدت جنازته حشد كبير من المصريين، حيث حزن كثيرون على رحيله.