مسيحيو غزة قلقون حيال مستقبل مجتمعهم الصغير

الأربعاء، 25 يوليو 2012 10:41 م
مسيحيو غزة قلقون حيال مستقبل مجتمعهم الصغير إسماعيل هنية رئيس الحكومة
غزة - قطاع غزة (أ ب)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يشعر المسيحيون فى قطاع غزة، الذى يقطنه غالبية ساحقة من المسلمين بقلق خفى حيال بقاء مجتمعهم الصغير، لكن مخاوفهم تفجرت للعلانية عندما تحول اثنين من أفرادهما فى الآونة الأخيرة للإسلام.

نظم المسيحيون احتجاجاً عاماً نادراً متهمين المسلمين بسحب الأتباع من دينهم، وبعد أن ظلا مختبئين هرباً من أقاربهما الغاضبين، ظهر المتحولان فى نهاية المطاف وقالا إنهما غيرا دينهما طواعية.

وأكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، التى تسيطر على غزة من جديد على احترامها لحرية العبادة والمؤسسات الدينية، لكن الجلبة أكدت على تنامى الشعور بالتهديد بين المسيحيين هنا، وهم أقلية تتضاءل بين أغلبية مسلمة متدينة فى غالبها محتجزة فى قطعة الأرض الصغيرة للقطاع بسبب قيود الحركة المفروضة من جانب إسرائيل ومصر، ويقولون إن بعض المسلمين يضاعف جهوده من أجل تحويلهم للإسلام، يشجعهم فى ذلك مناخ الحماسة الإسلامية من جانب حماس منذ استيلائها على السلطة فى غزة فى عام 2007.

قال يوسف إلياس (44 عاماً) وهو مسيحى من مدينة غزة إننا "لسنا فى أمان بعد الآن"، وأضاف "هذه مؤامرة ضد وجودنا فى الأراضى المقدسة".

ويعيش أقل من ثلاثة آلاف مسيحى بين مليون وسبعمائة ألف مسلم فى غزة وتنكمش أعدادهم بشكل سريع فى السنوات القليلة الماضية وبالأساس بسبب الاضطراب فى الإقليم.

وفرت بعض الأسر المسيحية خلال التدمير جراء الحملة العسكرية الإسرائيلية التى استمرت لمدة ثلاثة أسابيع ضد مسلحى حماس فى شتاء 2008 – 2009، فى حين هاجر آخرون فى ظل انهيار الاقتصاد تحت الحصار الإسرائيلى والمصرى المفروض بعد استيلاء حماس على السلطة، كما تسبب انخفاض معدل المواليد بينهم إلى تآكل جاليتهم.

ويقول أولئك الذين ظلوا فى القطاع، إنهم يشعرون بشكل متزايد بعدم الترحيب بهم وسط تدين حازم فى كل مكان حولهم.

ووفقاً لأفراد المجتمع المسيحى، فإنه من بين أحدث حالات التحول الدينى، لم يتم التعرف إلا على عشر مسيحيين فقط تحولوا إلى الإسلام فى الثمانية أعوام الماضية.

لكن بعض المسيحيين يقولون إنه فى الوقت الذى لا يوجد مسعى بموافقة رسمية لتحويلهم إلى الإسلام، أصبح المسلمون بشكل فردى يسعون إلى ذلك.

ويمكن أن تتراوح الضغوط الاجتماعية غير الرسمية من الغرباء فى الشوارع، حيث يدعونهم إلى اعتناق الإسلام إلى زملائهم فى العمل أو الجامعة عبر المناقشة بشكل مستمر فى الدين الإسلامى مع المسيحيين.

والأكثر عرضة بشكل خاص هم الشباب الذين يريدون الانضمام إلى المجتمع الأكبر فى غزة والحصول على فرص أكبر فى الزواج والتوظيف، وكذلك المسيحيين المتزوجين غير السعداء إذ أن التحول للإسلام أحد السبل القليلة لإتمام الطلاق من زواج الكنيسة.

ويجعل المجتمع الصغير الحجم من الصعب الاحتفاظ بمؤسسات مستقلة تحتفظ بهويتها، ويقدم المجتمع مدارس خاصة للأطفال لكن معظم الشباب المسيحى يدرسون فى مدارس ثانوية عامة وبعد ذلك يدخلون الجامعة الإسلامية التى تعتبر الأفضل فى غزة.

وفى ظل هذه الظروف، يختلط المسيحيون بشدة مع الطلبة والمدرسين المسلمين المتدينين، ويتخوف الآباء بشأن تأثيرهم على أطفالهم.

وفى المجتمع الفلسطينى، يميل المسلمين والمسيحيين للتأكيد على أن علاقاتهم بين المجتمعين متناغمة وأنهم ملتزمون بمحاولة مشتركة للتخلص من الاحتلال الإسرائيلى للأراضى التى يريدون قيام دولتهم عليها فى المستقبل.

قال باسم نعيم الوزير بحكومة حماس عندما سئل عن مخاوف المسيحيين فى غزة إن "المجتمع المسيحى جزء من شعبنا، لهم كل الحقوق فى ممارسة شعائرهم الدينية".

وفى الوقت نفسه، تم رسم خطوط واضحة بين المسلمين والمسيحيين، وكما هو فى معظم أجزاء منطقة الشرق الأوسط، فإن الدين فى الأراضى الفلسطينية هو وسام عضوية وليس مسألة اختيار شخصى، فأولئك الذين يتركون الجماعة يواجهون الطرد من أسرهم ومجتمعاتهم.

وبشكل عام هناك حوالى 160 ألف مسيحى يعيشون فى الأراضى المقدسة من بينهم 110 آلاف فى إسرائيل والباقى فى الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية حسبما قال الباحث الفلسطينى برنارد سبيلا.

وقالت الحكومة فى غزة إن 2980 مسيحياً مسجلين فى القطاع ومعظمهم من الروم الأرثوذكس. ويقول مسيحيون إنه يعتقدون أن الرقم أقرب إلى 1500 مسيحى.

وفى السنوات الأخيرة، هاجم متشددون إسلاميون عددا من المؤسسات المسيحية. وفى آخر حادثين، وبينهما حرق مقر محلى لجمعية الشبان المسيحيين، تم إلقاء القبض على الجناة وحكم عليهم بالسجن.

ولمست عمليتى اعتناق الإسلام الأخيرتين وتراً حساساً نظراً لأن الاثنين رامز العماش (24 عاماً) وهبة أبو داود (32 عاما) جاءا من عائلتين شهيرتي،ن وتوريا الاثنان، اللذان أسلما بصورة منفصلة، عن الأنظار، وأخذت أبو داود بناتها الثلاث معها، وتحوم شائعات فى أن شيخ مسلم أعلن الأسبوع الماضى أنهما تحت حمايته.

وكانت ردود الأفعال عنيفة، وقال أفراد الجالية المسيحية بقيادة أسقف الروم الأرثوذكس أليكسيوس، إن الاثنين أجبرا على اعتناق الإسلام.

وقال الأسقف لعشرات المتظاهرين المسيحيين الغاضبين الذين احتشدوا الأسبوع الماضى فى كنيسة القديس بورفيريوس للروم الأرثوذك فى مدينة غزة، "اختطفوهم... استخدموا حتى المخدرات".

وردد المتظاهرون بالتناوب شعارات مناهضة لحماس، مطالبين الحكومة بإعادة معتنقى الإسلام، وصاحوا أن جاليتهم معرضة للخطر.

لكن المتحولين للإسلام أخبرا قناة تلفزيونية تابعة لحماس إنهما اعتنقا الإسلام بحرية بعد شهور من المباحثات، وقال العماش إنه كان يشك فى عقيدته منذ فترة طويلة وتعلم الإسلام عبر الإنترنت وأصدقاء مسلمين، وقال إنه طلب من عائلته تفهم موقفه.

وقال "أخبرتهم أنى بخير، وأن ذلك ليس خلافاً لإرادتى، كونوا أصدقائى وعائلتى".

من جانبها، قالت أبو داود، وهى ترتدى حجابا أزرق اللون وإسدال طويلا فضفاضا، "لم يجبرنى أحد، من خلال دراستى فى الكلية والجامعة، أحببت الدين.. أنا سعيدة بهذا القرار"، وظهرت بناتها وتبلغ أعمارهن اثنى عشر عاماً وتسعة أعوام وسبعة أعوام على قناة تليفزيونية موالية لحماس وهن يغنين بمرح أغان لأطفال مسلمين.

وأضافت أنها تعلمت الإسلام فى كلية إسلامية بغزة خلال دراستها للآداب، وفى احتجاج بالكنيسة، قال زوجها الذى انفصلت عنه خالد هلال إن هبة عندما بدأت دراستها كانت تشتكى من أن زميلاتها كن يلاحقنها بصورة مستمرة ويتحدثون عن الإسلام وعن الأسباب التى يجب من أجلها اعتناق الإسلام.

وقال حسن الجوجو، رئيس المحكمة الإسلامية التى تشرف على عمليات اعتناق الإسلام، إن لجنة من ستة قضاة تسال باستمرار المعتنقين الجدد للإسلام، هل هم متأكدون من قرارهم؟ وهل يفعلون ذلك بحرية كاملة؟

وتحاول العائلات الإفاقة من الصدمة المرتبطة بعمليات اعتناق الإسلام.

وقال إياد العلمى، نائب مدير المركز الفلسطينى لحقوق الإنسان، والذى يتوسط بين العائلان ومعتنقى الإسلام، إن أبو داود التقت هلال- وهما الآن مطلقان من الناحية القانونية- وسيناقشان حقوق الزيارة.

ويرغب العماش فى العيش مع عائلته مرة أخرى، لكنه يريد أن تعلن والدته احترامها لقراره، ولا يزال يخشى من تعرضه لهجوم على يد مسيحيين غاضبين من قراره، وفقا للعلمى.

وبين بعض الأشخاص فى الطائفة، يدق اعتناق الإسلام على وتر الهلع.

وقال إلياس، موظف حكومى "عشنا معا فى غزة: أصوات أجراس الكنائس وهى تدق كانت تختلط بأذان المساجد"، أما الآن، يقول إلياس، الذى يخشى على أطفاله، إنه يبحث عن سبيل للخروج، وأضاف "أفكر فى المغادرة مع عائلتى".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة