حكومة "التكنوقراط" فشلت مع السادات ومبارك.. ومرسى يكرر التجربة.. عبد المعطى: دخول رجال الأعمال الإسلاميين فى الوزارة أمر خطير سيقودها للفشل.. وفاروق يؤكد: "الفنيون" غير مؤهلين لإدارة البلاد حاليا

أثارت تصريحات الدكتور هشام قنديل رئيس الحكومة المكلف، حول غلبة "التكنوقرط" الفنيين على التشكيل الوزارى الجديد، ردود فعل غاضبة بين العديد من الأوساط السياسية والاقتصادية، خاصة فى ظل الظروف الحالية التى تمر بها البلاد، والتى جعلتها على شفا أزمة اقتصادية محققة بعد تراجع الاحتياطيات النقدية الأجنبية بالبنك المركزى، وضعف معدلات النمو بشكل غير مسبوق، وفرار المستثمرين الأجانب من البورصة ومختلف الأسواق، لانعدام حالة الاستقرار السياسى فى مصر، واتجاه العديد من المؤسسات العالمية إلى تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر.

وتتزايد التخوفات مع صعود قنديل بشكل كبير، نظرا لغياب خلفيته السياسية، وقدومه من المنطقة السياسية الرمادية، التى لا تظهر فيها أى تحيزات لطبقات اجتماعية أو مواجهات للظلم والفساد، ليظهر القائمون على أمر تلك الحكومة وكأنهم مجرد موظفين ينفذون الأوامر فقط، دون مراعاة للأبعاد الاجتماعية والسياسية للقرارات الخاصة بهم، متجاهلين حالة المخاض والمعاناة التى تمر بها الأوضاع فى مصر خلال المرحلة الراهنة.

من جانبه، أكد عاصم عبد المعطى وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات السابق وزميل كلية الدفاع الوطنى، أن رئيس الحكومة الحالى كان عليه أن يستفيد من التجارب السابقة التى مرت بها مصر فى تشكيل حكومات التكنوقراط، التى بدأت مع الرئيس الراحل أنور السادات فى أواخر فترة السبعينيات، عندما جاء بالأكاديميين وأسند إليهم مسئولية تشكيل الحكومة، إلا أنها فشلت فشلا ذريعا، بعدما تبين أن ما يتم التخطيط له على الورق يختلف كثيرا عما يتم تطبيقه فى الواقع العملى.

وأوضح عبد المعطى لـ"اليوم السابع" أن حكومة التكنوقراط فشلت أيضا مع الرئيس المخلوع حسنى مبارك، بعدما أسند مسئوليتها لرجال الأعمال الذين يملكون كفاءة فنية ورأس مال ضخم، الأمر الذى أدى إلى اختلاط المصالح الخاصة بالعامة، وتغليب رأس المال على مصالح الناس والخدمة العامة، لافتا إلى أن كل وزير أصبح يخطط ويقر القوانين التى تخدم مصالحه متجاهلا مصالح الناس، لافتا إلى أن الدكتور هشام قنديل رئيس الحكومة الجديد لو استفاد من هذه التجربة ووضعها نصب عينيه قد ينج بحكومته من الأوضاع التى تمر بها البلاد خلال الفترة الحالية.

وأشار عبد المعطى إلى أن دخول رجال أعمال من الإسلاميين فى الحكومة الجديدة، أمر فى غاية الخطورة، متوقعا فشلها فى حال حدوثها، لعدم إمكانية الجمع بين المال والسلطة فى وقت واحد ومراعاة المصلحة العامة على حساب المصالح الخاصة، خاصة وأن قيادات الصف الثانى فى الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية، تقبع تحت سيطرة فلول النظام السابق، مؤكدا أن التخلص منهم أمر فى غاية الصعوبة.

وأضاف عبد المعطى: لا أتوقع أى نجاحات للحكومة الجديدة قبل عام على الأقل من تشكيلها، نظرا للظروف المحيطة بتشكيل تلك الحكومة، والأوضاع السياسية التى تمر بها البلاد خلال الفترة الجارية، خاصة مع قلة خبرة رئيس الحكومة، الذى كان من الضرورى أن يتم علينا طرح إنجازاته ومواقفه قبل أن يتم ترشيحه لهذا المنصب.

من ناحية أخرى، أكد الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادى أن جزءا كبيرا من الأزمة التى تمر بها البلد، راجعة لعدم دراية المسئولين بالفارق بين الأوضاع المستقرة وغير المستقرة، لافتا إلى أن حكومة "الفنيين" فى ظل الأوضاع السياسية المتردية التى تمر بها البلاد فكرة مغلوطة رددها عدد من شباب الثورة، رغم عدم علمهم ودرايتهم بمقدرات الأمور، كما رددها بعض المرشحين الرئاسيين عن جهل.

وأشار فاروق، إلى أن مصر فى هذه الفترة تحتاج إلى حكومة سياسية متخصصة، خاصة وأن الفنيين هم ليسو مؤهلين لإدارة البلد خلال الفترة الراهنة، لغياب مواقفهم السياسية والاجتماعية، وقدومهم من المنطقة الرمادية فى السياسة، ليكونوا فى النهاية "عبد المأمور" دون أن يكون لهم موقف أو تاريخ وطنى، لافتا إلى أن رئيس الحكومة الجديد رجل ليس له تاريخ وطنى فى العمل العام.

وحول مدى التشابه بين الحكومة الحالية وحكومات النظام السابق أوضح فاروق أن حكومة نظام مبارك كانت بيروقراط، وليست تكنوقراط ومعظمهم كان قادما من الجامعات وهذا أسوأ وضع يمكن أن تكون عليه حكومة، لافتا إلى أن الوزراء القادمين من الجامعات معظمهم من مدعى العلم، متخوفا أن تأتى الحكومة الحالية بنفس تلك الطريقة وزراء بلا موقف أو رؤية.

ودعا فاروق، إلى ضرورة تشكيل حكومة سياسية وطنية متخصصة، تقوم على مبدأ الشراكة الوطنية والشخصيات الفنية التى لها مواقف سياسية وتحيزات اجتماعية ورؤية واضحة وحلول لمشكلات وأزمات المواطن البسيط، دون أن تعمل على الورق وتنغمس فى التنظير.