قالت مجلة فورين بوليسى، إن المجلس العسكرى عليه أن يقرر الآن خياراً واحداً من أجل نفسه ومستقبل مصر، فإما أن يبقى فى موقع الوصى لتمتد سيادته على السلطة المدنية إلى أجل غير مسمى، على الأقل فى مناطق معينه، أو أن يستعد للمشاركة فى ما سيكون تغييراً ثورياً حقيقياً، ليسلم مفاتيح السلطة تماماً، وليس بشكل رمزى.
وقال إتش إيه هيلر، الخبير الجيوستراتيجى والمحلل السابق بمعهد بروكينجز، إن المجلس العسكرى يروج لفكرة أنه قد أبلى بلاء حسناً، ووفقاً لاستطلاعات الرأى فإن الاتجاهات الإيجابية نحو المجلس لم تقل عن 80%، مما يشير إلى أنه نجح فى تأكيد الصورة الأسطورية التى روجتها مناهج التعليم للمؤسسة العسكرية على مدار 60 عاماً.
وتابع: لكن الواقع أكثر تعقيداً فقد تلاعب جنرالات المجلس بعدد من القوى المختلفة، وقد ضحوا بمبارك وقت الثورة لتجنب المزيد من عدم الاستقرار وحماية مصالحهم، رغم أن الخوف من الفوضى المستمرة بعد الثورة عملت بالتأكيد لصالحهم.
وأشار الكاتب إلى أن تسليم السلطة للرئيس الإسلامى الجديد محمد مرسى أمر مشكوك فيه، وأن الأمر تسبب فى إحراج، نتيجة لخطأ كبير من جانب المجلس العسكرى، فالانتخابات الرئاسية وضعت المجلس لأول مرة فى موقف، حيث لم يمكنه تغيير المسار، لذا كان أفضل ما يمكن للدولة العميقة أن تفعله هو أن تدعم مرشح بعينه، حتى دون عقد اتفاق رسمى.
ويعتقد هيلير أن هذا المرشح كان وزير الخارجية الأسبق عمرو موسى، الذى لم يظهر أى مواقف تهدد مصالح المؤسسة العسكرية، لذا اعتبروه خياراً آمناً، ومع احتلال رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق المركز الثانى ليخوض جولة الإعادة أمام مرسى تحول دعم الدول العميقة له.
ويرى الكاتب أن الدولة العميقة أخطأت حينما عولت على ملل ونفور الناس من الاحتجاجات والفوضى التى أسفرت عنها الثورة بل والثورة نفسها، وبالتالى ظن البعض أن أى مرشح له صلة بالنظام السابق سيوافق عليه الشعب.
ولأنه تزوير الانتخابات أصبح أمر مستحيل فى ظل الرقابة الصارمة من قبل المجتمع المدنى والآلة الانتخابية القوية للإخوان المسلمين، فلم يكن من الممكن الاعتماد سوى على نتائج الصناديق الانتخابية.
ووسط هذه التقديرات الخاطئة، ومما يدل على تخبط الدولة العميقة ذهب المجلس العسكرى لحل البرلمان، الذى يهيمن عليه الإسلاميين. كما خرج بإعلان مكمل للدستور يقوض صلاحيات الرئيس المنتخب، لصالح المؤسسة العسكرية.
ويخلص هيلير إلى أن مصر لديها الآن رئيس ذو ولاية واهية فى أحسن الأحوال، وقصيرة الآجل فى الأسوأ، ويعتقد أن الدولة العميقة قد بدأت برفض الرئيس الأول لمصر محمد نجيب تدخل الجيش فى الحياة السياسية، وهو ما رفضه جمال عبد الناصر ورفاقه، حيث سريعاً ما أطاح بشريك ثورة يوليو 1952 ليرسخ سلطة المؤسسة العسكرية.
ويختم هيلير، أن الجيش لديه خيار من اثنين حاليًا، فإما أن يمكنه تأخير التاريخ والمخاطرة بفقدان جميع الامتيازات والشعبية على مدار الوقت نتيجة للضغوط المدنية والذى سيستمر إلى ما بعد الرئاسة الإخوانية، الموجودة بفضل خطأ الدولة العميقة، أو أن يقبل بالانسحاب التدريجى، الذى لا مفر منه، من دوره السياسى، ويحتفظ بصورته البطولية من خلال المساعدة على تأسيس دولة مدنية ديمقراطية كاملة، وهو ما أراده نجيب.
فورين بوليسى: تسليم السلطة لمرسى مشكوك فيه.. والإخوان وصلوا للرئاسة بفضل أخطاء الدولة العميقة.. و"العسكرى" عليه الاختيار بين التاريخ وفقدان امتيازاته أو الحفاظ على صورته البطولية
الثلاثاء، 24 يوليو 2012 08:14 م