تركة ثقيلة محملة بالهموم والمشاكل والمطالب الفئوية والشعبية والحيوية، وحتى البيئية، كالثروة الحيوانية والبحرية التى تشتكى إلى الله للحفاظ عليها وتنميتها، تركة ورثها جميعا الرئيس محمد مرسى الذى وجد نفسه الآن، محاطا بأفواه مفتوحة من كل صوب وحدب، وقد ذهبت سكرة الانتخابات والوعود، ومناشدة ود الناخب، وجاءت فكرة تنفيذ الوعود والعهود والوفاء بالالتزامات، وأجمل ما قبل الانتخابات أن تقول ما تريد وتهاجم كما تريد وأسوأ ما بعد النجاح أن يتذكر الناس، كل ما قلته فى لحظات حماس وعنفوان ليحاسبوك عليه.
شاهدت منظر من يعتصمون أمام قصر الاتحادية، وتذكرت شهوراً من الاعتصامات والمليونيات، وماذا كان الحصاد، وتذكرت وزارة د. عصام شرف الذى جاء محمولا على الأعناق، ويوم أن أقسم اليمين فى قلب الميدان، وكيف كان حال نفس الميدان بعد عدة شهور، وهو يقيم المليونيات لإسقاط حكومته.
وتذكرت أيضا الاعتصامات التى أُقيمت أمام مقر مجلس الوزراء، حتى لا يدخل الدكتور كمال الجنزورى مكتبه، ويمارس دوره فى خدمة وطنه، وكيف يترك موقعه الآن، وكل الناس تحمد له جهد مائتى يوم من العمل الشاق لوقف النزيف فى جسد مصر وشتان بين مغادرة الدكتور الجنزورى موقعه، وهو محمل بدعوات الملايين من المصريين، وبين خروج الرجل المحترم د. عصام شرف غير مأسوف عليه، محملا بسخط من كان فى الميدان قبل الشعب.
كلا الحكومتين عانتا من نفس المشاكل والمخاطر، وكلاهما حوصرا بالمليونيات والمظاهرات الفئوية، واليوم يرث الرئيس الجديد نفس الهموم، ويجد نفسه محاصرا بشكل آخر من المطالبات حتى وصل الحال ببعض الناس للاعتصام أمام قصر الرئاسة، لأنهم يعتقدون أن أفضل وسيلة لتحقيق الأهداف هو الضغط ووقف حال الوطن وعمل شلل فى أى مكان نستطيع أن نجد فيه مساحة لنرفع شعارا أو نقيم خيمة، بات هذا هو الفكر الجديد وكأننا أمام حالة من انفصام الشخصية لم نتعلم منها شيئا فى شهور مضت، فنستنسخها فيما هو آت، الرئيس لم يأتِ للحكم ومعه خاتم سليمان، ولم يأت حاملا فى يديه الفانوس السحرى، ولن يكفينا مشروع النهضة الخاص بحزب الحرية والعدالة، ولا يمكن أن نستنسخ التجربة التركية ولا الماليزية، ولا حتى الإيرانية، لأننا ببساطة شعب متفرد فى صفاته وأفكاره، ونبدع فى تعطيل المراكب السايرة، لكن حين يأتى الإبداع للإنتاج والعمل، وحين يأتى للجودة والحرص، تجدنا أقل الشعوب اهتماما وحرصا إلا ما رحم ربى، فلنستنسخ شعوب الأمم الأخرى التى نجحت فى تجاربها إن أردنا تطبيقها، أو نكون واعين تماما لخطورة ما نحن فيه، وها هى الأيام الأولى للرئيس فى قصر الحكم تمضى، وهو ما زال يتحسس موضع قدمه، وماذا يجب عليه أن يفعل، وكيف تسير الدولة، وما حجم الديون علينا، وما هى حجم المصاريف المطلوبة بالعملة الصعبة، وما يتوفر لدينا من مصادر الدخل المتنوعة، والآن الرئيس أمامه ملفات تنأى بحملها الجبال، لأن كلام الانتخابات شىء ومرارة الواقع والأرقام شىء آخر.
ومن يصرف على الحملات الانتخابية للوصول إلى أعلى مناصب السلطة لن يصرف شيئا بعد تحقيق الأهداف، وتبقى قدرات الوطن وما لديه، ليستطيع أن يقيم صلبه، لأن الميزانية تمشى على طريقة "اطبخى يا جارية كلف يا سيدى"، والشعب يحتاج لطبخ كثير، ولكن التكلفة من سيتحملها، للأسف هى الدولة أيضا وهو الشعب نفسه.
والرئيس ما عليه إلا أن يقنع الشعب بما أمامه من طعام أيا كان مذاقه، لأنه حين حصل على أغلبية الأصوات التى أوصلته لكرسى الحكم لم يأخذ من حزب الحرية والعدالة الفانوس السحرى الضرورى لتحقيق أحلام المصريين، ولو كان معه فانوس لاحتاج وقتا أطول حتى يستطيع أن يدعك الفانوس، وإن دعكه سيخرج من يقول له "شبيك لبيك مطالب المصريين وهمومهم بين إيديك".
فانوس
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وديع العلاوى
من يفهم !!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد محمود المالح
النوايا الطيبة
عدد الردود 0
بواسطة:
د لمياء الشاعر
فانوس رمضان و فانوس الرئيس
عدد الردود 0
بواسطة:
jana
jana
jana
عدد الردود 0
بواسطة:
سعد متولي
مقالة رائعة
التعليق فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
د صفاء الليثي
رمضان كريم يا دكتور هاني
كل سنة وحضرتك طيب
عدد الردود 0
بواسطة:
معتز البسيوني
الرئيس دعك الفانوس
الفانوس طلع قنديل يادكتور
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس عماد السيد
معاك حق
عدد الردود 0
بواسطة:
وفاء علي
فانوس أصلي مش صيني
الشعب كله هيقول وحوي يا وحوي